تباينت اليوم السبت ردود الفعل بين القوى السياسية في اليمن بين مرحب ورافض ومطالب بتوضيحات لبيان مجلس الأمن الدولي الذي أصدره أمس الجمعة وهدد فيه "من يعرقلون العملية الانتقالية وفي مقدمتهم بفرض عقوبات". وكان مجلس الأمن أعرب عن قلقه إزاء التقارير المشيرة إلى تدخل أشخاص داخل اليمن يمثلون النظام السابق، والمعارضة السابقة، وغيرهم ممن لم يلتزموا بالمبادئ التوجيهية للآلية التنفيذية للمرحلة الإنتقالية وتشمل الرئيس السابق علي عبدالله صالح ونائب الرئيس الأسبق علي سالم البيض. وهدد المجلس ب"إتخاذ تدابير إضافية تشمل تلك المدرجة في المادة 41 من ميثاق الأممالمتحدة، إذا أستمرت الأعمال التي تهدف إلى عرقلة جهود حكومة الوفاق الوطني والمرحلة الإنتقالية السياسية". وحث كافة الأطراف اليمنية على ضرورة حل خلافاتها عبر الحوار والمشاورات ورفض شتى أشكال العنف الرامية إلى تحقيق أهداف سياسية والإبتعاد عن الإستفزازات أو التحريض والإلتزام، داعيا كافة الأطراف لإحترام الجدول الزمني والمعايير المنصوصة في اتفاقية المرحلة الإنتقالية (المبادرة الخليجية) وآليتها التنفيذية والتعامل معها بحسن نية وعبر الوسائل السلمية التي تتسم بالشفافية وبطريقة بناءة وتعزيزا لروح المصالحة. وسبق أن زار أعضاء مجلس الأمن، اليمن، في 27 يناير/ كانون ثاني الماضي والتقوا حينها برئيس الجمهورية والحكومة وأعضاء بلجنة الحوار وقيادات في المؤتمر والمشترك، تأكيدا على دعمهم للعملية السياسية. وفي ردود الأفعال، قال حزب المؤتمر الشعبي العام إن نهج رئيسه، علي عبد الله صالح، "هو دعم الحوار الوطني وتنفيذ المبادرة الخليجية التي كان هو من دعا لها وكان السبّاق في التنازل عن السلطة ثمناً رخيصاً لتجنيب اليمن واليمنيين والمنطقة برمتها شرور التقاتل والصراع التي يبشر بها المقامرين". ودعا حزب المؤتمر في بيان على موقعه الالكتروني مجلس الأمن "لتوضيح المعطيات التي استند إليها لوضع صالح ضمن معيقي التسوية السياسية ودورهم وأفعالهم وآرائهم التي تعتبر عرقلة ليتم التعرف عليها ورفضها من أجل استمرار مسيرة التسوية وتطبيق المبادرة ". وأدان الحزب "كل محاولات العرقلة للوفاق والتسوية من قبل من يثقلون كاهل الشعب ودولته، ويسعون لإفساد أحلام اليمن بالتطور والتقدم، ويحاولون إعادة الأوضاع لما قبل اليمن الموحد والديمقراطي، التعددي والحزبي". وبدوره، هاجم نائب الرئيس اليمني الأسبق علي سالم البيض مجلس الأمن رداً على إدراج اسمه ضمن بيانه كمهدد للعملية السياسية. وقال مكتبه في بيان نشر على مواقع مقربة من الحراك إن إشارة بيان مجلس الأمن إلى البيض "خاطئة لا تستند إلى أي مسوغ قانوني، كونه ليس طرفاً في التوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية". ويقيم البيض حالياً في بيروت، ويدير من هناك قناة تلفزيونية تنادي بانفصال جنوب اليمن، كما يقود فصيلاً في الحراك الجنوبي له آراء متشددة من التفاوض لحل القضية الجنوبية، ويرفض المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني المقرر تدشينه في 18 مارس/ آذار المقبل. وعبر البيان عن رفض قرار مجلس الأمن تحميل البيض أي التزامات عن المبادرة الخليجية، "وذلك لعدم تعهده والتزامه بتنفيذها ولعدم توقيعه عليها وبصفته ليس طرفاً فيها فمن المستحيل وغير الجائز قانوناً تحمله أي تبعات عن عدم تنفيذها كونها تعني الأطراف الموقعة عليها". واعتبر البيض ان إيراد اسمه في البيان "إشارة سياسية وليس قانونية، واستهداف سياسي واضح لقضية شعب الجنوب التي يمثلها البيض منذ 21 مايو/ أيار 1994م وإعلانه قرار فك الارتباط واستعادة جمهورية اليمن الديمقراطية". وحمل البيض مجلس الأمن تبعات بيانه، خصوصاً الإشارة إلى اسمه وقال "إنها ستكون لها تبعاتها السلبية في الشارع الجنوبي وتزيد الأمور تعقيداً في ثورة الجنوب التحررية السلمية، إذا لم يتم تدارك الأمر بتعديلها". من جانبه، قال رئيس تكتل أحزاب اللقاء المشترك – الشريك الرئيسي في الائتلاف الحكومي – إن القرار دون المستوى وهو أقرب إلى قرار المهادنة منه إلى قرار الإدانة. وأشار محمد الزبيري في تصريح خاص لمراسل لوكالة الأناضول للانباء إلى أن المشترك كان يتوقع أن يصدر مجلس الأمن قرارا يحدد بوضوح من الأشخاص المعرقلين للمبادرة الخليجية واتخاذ عقوبات بحقهم. وإجمالا اعتبر القرار "لا يلبي توقعاتنا ولا يرتقي إلى مستوى الحدث "، منوها بأن المشترك سيبحث القرار في اجتماعه الاثنين القادم وعلى ضوئه سيصدر موقف نهائي منه. ورأى شباب الثورة اليمنية من جانبهم، في قرار لمجلس الأمن اعترافا متأخرا بالأزمة في اليمن، وقال محمد الصبري المتحدث باسم اللجنة التنظيمية للثورة إن البيان "إدراك متأخر بعد أن قتل صالح المئات من شباب الثورة أثناء فترة الاحتجاجات". وأبدى الصبري في تصريح لوكالة الأناضول للأنباء أسفه لمعارضة روسيا والصين لفرض عقوبات على معرقلي التسوية مستنكرا في الوقت ذاته انحيازهما لمن سماهم "القتلة". وطالب "بإصدار قرار حاسم يدعو لتشكيل لجنة تحقيق دولية في جرائم صالح والبيض خلال سنوات حكمهما ومحاسبتهما عليها". وأجبرت الثورة الشعبية التي اندلعت في فبراير/ شباط 2011 الرئيس السابق علي عبدالله صالح على التنحي بموجب مبادرة خليجية برعاية دولية مقابل منحه حصانه من الملاحقة القضائية في 23 نوفمبر/ تشرين ثان من العام ذاته. ويتولى إدارة البلاد بصفة مؤقتة لمدة عامين نائب صالح السابق عبدربه منصور هادي وهو أول رئيس من الحنوب للبلاد بعد توحيد شطريها في 22 مايو/ آيار عام 1990.