أكد تقرير "واشنطن ريبورت" أن مصر كانت تمثل الخيار الأفضل عندما كانت الاستخبارات الأمريكية تبحث عن دولة من دول العالم الثالث للقيام باستجواب المشتبه فيهم بأنشطة تتعلق بالإرهاب. ونقل التقرير عن مايكل شيوير، الذي عمل سابقا في وحدة مكافحة الإرهاب الدولي بوكالة الاستخبارات الأمريكية "سي آي آيه" وأحد مؤسسي برنامج التسليم السري، قوله: عندما كنا نبحث عن دول من دول العالم الثالث للقيام باستجواب المشتبه فيهم، بحيث نتمكن من تجنب تعقيدات النظام الأمريكي، كانت مصر الخيار الأفضل. وبرر شيوير اختيار مصر بالقول: مصر أكبر متلق للمساعدات الخارجية من الولاياتالمتحدة بعد إسرائيل، ومصر حليف إستراتيجي للولايات المتحدة. إضافة إلي أن أجهزتها الاستخباراتية مشهود لها بالكفاءة والوحشية، فضلا عن إصرار نظام الحكم المصري علي القضاء علي الإسلاميين الراديكاليين، ومئات ممن ألقي القبض عليهم كانوا مصريين." وأكد في حديث لمجلة النيويوركر أن العلاقة الوطيدة بين الأجهزة الأمنية المصرية والأمريكية بدأت منذ عشرة سنوات ، مشيرا إلى أنه في عام 1995 عرض ممثلو الاستخبارات الأمريكية علي نظرائهم المصريين فكرة نقل المشتبه فيهم إلي مصر، ورحب الجانب المصري بالفكرة. وأضاف شيوير: أن هدفنا في ذلك الوقت تمثل في إلقاء القبض علي المشتبه في كونهم إرهابيين، أما هدف المصريين فتمثل في إرجاع هؤلاء المشتبه فيهم إلي قبضة الأمن المصري لاستجوابهم. وعن الأهمية التي تمثلها أجهزة الأمن المصرية بالنسبة للاستخبارات الأمريكية قال شيوير: يتم التنسيق بصورة كبيرة بين الجانبيين الأمنيين المصري والأمريكي، حيث يقدم الجانب الأمريكي أسئلة للمحققين المصريين في الصباح، ويحصلوا علي إجابات المعتقلين عليها في المساء!! وترفض أجهزة الأمن المصرية أي تواجد للجانب الأمريكي أثناء عملية التحقيق. وأضاف: عندما كان يطلب الأمريكيون أن يشاركوا المحققين المصريين في استجواب المعتقلين بصورة مباشرة، كان الرد المصري دائما بالنفي، ولم نكن في نفس غرفة التحقيق أبدا في نفس الوقت مع الجانب المصري". كان تقرير أصدرته منظمة هيومن رايتس ووتش الأسبوع الماضي قد أكد أن الحرب الأمريكية على الإرهاب جعلت من مصر المقصد الرئيسي للمعتقلين الذين ينقلون سرا وبدون أي ضمانات قانونية، وقدر التقرير أن ما بين 150 إلى 200 معتقلا نقلوا من دول أخرى بينها الولاياتالمتحدة إلى مصر منذ هجمات 11 سبتمبر- أيلول 2001. جدير بالذكر أن عملية نقل المعتقلين لدولة ثالثة باسم "النقل الاستثنائي" ، وهو أسلوب واحد من عدة أساليب تتبعها وكالة المخابرات الأمريكية لاستجواب المعتقلين ومحاولة الحصول علي أكبر قدر ممكن من المعلومات منهم خلال السنوات العشرة الأخيرة (أي قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر بفترة طويلة). ولا تزال الولاياتالمتحدة تحتفظ لنفسها بما يقرب من 550 معتقل في قاعدة خليج جوانتانامو في كوبا، كذلك بعدد لا بأس به من المعتقلين الأكثر أهمية من عينة خالد شيخ محمد، وأبو زبيدة، ورمزي بن الشيبه في أماكن سرية لم يفصح عنها.