" فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض" أنا مش خايف عليك يا مصر تحديد الهدف والتركيز عليه، وحسن التسويق والمتابعة والاستدامة ، تلك خمسة ناجزة لأى عمل يراد له النجاح. الإيمان بالهدف من الأهمية بمكان أن يسهم فى انطلاقة صحيحة نحو تحقيقه من خلال الخمسة معانى السابقة التى استخدمها كل ناجح فى الحياة وأعظمهم نبى الله محمد - صلوات ربى وسلامه عليه -، فكان مثالًا وقدوة للنجاح، استطاع فور نزول الرسالة عليه أن يحدد هدفه ويؤمن به ويركز عليه ولم يتشتت ذهنه بالمترصدين له أو المنافقين الكارهين له والذين كانوا يبطنون له خلافًا لما يظهرون، مضى الحبيب محمد فى رسالته غير عابئ بما يحاك له فى الخفاء. كان - صلى الله عليه وسلم - يملك كثيرًا من الأسلحة المعنوية والسمات الشخصية التى تؤهله للنجاح منها الهدوء الشديد الذى جعله يكسب عديدًا من الجولات مع صناديد الكفر، ومنها قدرته على سماع المخالفين له والكارهين وإيمانه بضرورة الإنصات الجيد لهؤلاء ترقيقًا لقلوبهم . نتعلم من سيرة النبى - صلى الله عليه وسلم - دروسًا عديدة تؤكد على ضرورة أن يسلك من أراد النجاح المعانى الخمسة التى استهللت بها المقال، والتى استخدمها النبى الأعظم، وتمكن بحلمه وأدبه الجم وإنصاته للمخالفين له من إقناعهم من دون الدخول معهم فى جدال عقيم، فرغم أن سلاحهم معه كان أبشع أساليب التنكيل والتهكم بيد أنه – صلى الله عليه وسلم – كان يقابلهم بسلاح أقوى، وهو الإنصات الجيد لهم ثم الرد بتقديم المنتج الذى بين يديه – كلام الله – . أسحب ما ذكرت على الحالة المصرية التى نعيشها فى العامين الأخيرين، وبما أن التيار الإسلامى يتسيد المشهد فى تلك الفترة، فعلى رجاله أن يعوا خطورة ذلك جيدًا فإن لم يستثمروا وجودهم فى صدارة المشهد للعمل والإنتاج والإنجازات التى تصبح فى صالح المواطنين لن يرحمهم التاريخ غير خاف على أحد كم التخبطات والأخطاء التى صدرت عن تيارى الإخوان والسلف فى تلك الفترة، لاسيما عن بعض قادة الحرية والعدالة " وكلنا ذو خطأ " نعم ندرك ذا لكن المرحلة حساسة وحرجة ولا تتحمل تكرار ذلك الخطأ فالمتربصون كثر والصائدون فى الماء العكر يسنون أسلحتهم للفتك بأصحاب المشروع الإسلامى والانقضاض عليهم فى أى كبوة . على أصحاب المشروع الإسلامى التعلم من ثقافة النبى فى التعامل مع المختلفين، وكيف أن إنصاته لهم وتقديرهم والرد عليهم بالمنتج العملى كان أسلوبًا ناجحًا مكنه من كسب كل معاركه معهم.. عليكم سماع القوى المخالفة لكم وتقديم إنجازات عملية على الأرض تسوق لهم الحجج الدامغة فيكون الإقناع، وآنذاك إن لم يقتنعوا فقد كسبتم احترام الجميع وقدمتم عظيم الفوائد للوطن . تعيش مصر حالة من الفوران بعد ثورة شارك فيها كل الفرقاء من اليمين واليسار، لا أستطيع إغفال مشاهد رائعة حدثت إبان تلك الثورة دللت على أسمى معانى النبل والإنسانية للمواطن المصرى، من ينسى مشهد المسيحيين يسكبون الماء ليتوضأ المسلمون للصلاة فى ميدان التحرير فى مشهد مهيب ينم عن قمة معانى الوحدة الوطنية، من يمكن أن ينسى تشابك أيدى خالد يوسف العلمانى مع البلتاجى الإخوانى، هذه المشاهد لا يمكن أن نفصلها عن الثورة، أما عن المترصدين الذين يكيدون ليل نهار لإخماد التجربة الحالية وإفشال النظام بكل السبل مستخدمين مفاصل النظام الفاسد السابق "وهم كثر فى كل شبر بمصر تجدهم"، مستخدمين قضاءً فاسدًا ورجال أمن فاسدين وإعلامًا فاسدًا ورجال أعمال يقدمون مصالحهم الذاتية على ما دون سواها من المصالح. أنا مش خايف عليك يا مصر لا من يوم 25 يناير ولا 26 ، وأدعو الله أن يحفظ بلادنا من كل سوء، وأبث الاطمئنان فى قلوب كل بنى وطنى، فكل هؤلاء المترصدين سيدخلون جحورهم ولن يبقى إلا ما ينفع الناس. " فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض" أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]