كتيبة "الموقعون بالدماء".. اسم تردد عالميا الأربعاء بعدما نفذت هجوما على منشأة "عين أمناس" النفطية في منطقة تيقنتورين بمحافظة إيليزي جنوب شرق الجزائر واحتجزت بداخلها 30 أجنبيا من جنسيات فرنسية وبريطانية ونرويجية وأمريكية ويابانية. تلك الكتيبة التي تعد أحدث كتائب المسلحين ظهورا في مالي، أُعلن عن تشكيلها في الخامس من ديسمبر/كانون الأول عام 2012 من خلال تسجيل مصور نشرته مواقع إنترنت. يتزعم الكتيبة الجزائري "مختار بلمختار" المكنى بخالد أبو العباس وكان قد شكلها حديثا بعد عزله من زعامة "كتيبة الملثمين" من قبل تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، وهو ما وصفته القاعدة وقتها بأنه عزل لا يعدو كونه "إجراءً إدارياً وتنظيمياً" اتخذه أمير التنظيم أبو مصعب عبد الودود والتزم به أبو العباس. لكن بلمختار خرج ليشكل تنظيم جديد ممن لقبهم ب"الفدائيين" يحمل اسم "الموقعون بالدماء"، وبالرغم من ذلك ظل حريصا على التزامه بوحدة القرارات التي تتخذها التنظيمات المسلحة في شمال مالي. وبثت مواقع "جهادية" تسجيلا مصورا لأبو العباس، قال فيه إن كتيبته "ستحترم أي خيار تتفق عليه حركتا أنصار الدين والتوحيد والجهاد في شمال مالي، والقبائل التي دعت لتطبيق الشريعة، ما لم يخالف أصلا من أصول الشريعة وسنكون عونا لهم وسندا سالموا أو حاربوا". ودعا أبو العباس في تصريحاته العالم إلى احترام خيار الشعب الأزوادي بشمال مالي في تطبيق الشريعة الإسلامية على أرضه. كما توعد من يشارك أو يخطط للحرب في شمال مالي التي قال إنها "خطة خبيثة ماكرة وحرب بالوكالة عن الغرب". وخصص أغلب التسجيل المصور للحديث عن الوضع الجزائري، متهماً النظام الجزائري "بالتآمر مع الفرنسيين والأمريكيين في صفقات خسيسة لشن الحرب في أزواد"، على حد قوله. وقال أبو العباس: "سنرد وبكل قوة وستكون لنا كلمتنا معكم، ووعد منا سننازلكم في عقر دياركم وستذوقون حر الجراح في دياركم وسنتعرض لمصالحكم". ووجه دعوة إلى العلماء وطلاب العلم وأبناء الدعوة الإسلامية في موريتانيا إلى ما قال إنه "الهجرة لنصرة إخوانهم المسلمين في أزواد"، مشيراً إلى أنهم "يدركون حجم المعاناة والجهل وقلة العلم المنتشرة في هذه الأرض"، وفق تعبيره. كتيبة الفدائيين نفذت تهديداتها سريعا، فلم تمر أيام على الهجمات الفرنسية على مالي حتى نفذت مجموعة لها، الأربعاء، أول عملياتها فأعلنت عن احتجاز 30 رهينة غربية من جنسيات مختلفة في الجزائر. ولغّمت الجماعة أجساد الرهائن الأجانب بمتفجرات، كما لغّمت أرضيه المحطة النفطية، التي تحتجزهم فيها وتتبع شركة "بريتش بتروليوم" البريطانية، وطالبت السلطات الجزائرية ب20 سيارة دفع رباعي مزودة بكميات كاملة من الوقود، وبفتح ممر آمن لها نحو شمال مالي. كما طالبت بوقف ما وصفته "بالعدوان الغاشم على أهلنا في مالي"، محملة الحكومة الجزائرية والفرنسية ودول الرهائن المسؤولية الكاملة في عدم الإسراع في تنفيذ هذه المطالب. وتشن مقاتلات فرنسية غارات على معاقل لمسلحي شمال مالي، في إطار هجوم بدأته يوم الجمعة الماضي بطلب من "باماكو"، حسبما أعلنت فرنسا في رسالتها إلى مجلس الأمن. وفي نهاية العام الماضي، أقرت الأممالمتحدة لقوة عسكرية دولية بقيادة إفريقية الانتشار في مالي؛ وذلك "لحماية المدنيين وحماية شمال البلاد من خطر المسلحين". وتتنازع حركتا تحرير أزواد وأنصار الدين النفوذ في شمال مالي مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وحركة التوحيد والجهاد المنشقة عنه منذ أبريل/ نيسان الماضي، تاريخ سقوط شمال البلاد تحت سيطرة هذه المجموعات غداة انقلاب عسكري أطاح بالرئيس المالي توماني توري وانسحاب الجيش النظامي من الشمال.