فى سنة 1879 قام الباب العالى العثمانى بعزل الخديوى إسماعيل باشا، ونفيه إلى إيطاليا، وتم تنصيب ابنه محمد توفيق مكانه، وفى بداية عهد الخديوى توفيق ترقى أحمد عرابى إلى رتبة أمير آلاى على الآلاى الرابع، وبعدها قرر عرابى الذهاب إلى قصر رأس التين بالإسكندرية لتقديم الشكر إلى الخديوى الجديد، فعينه الخديوى ياوران له. بعد تعيين عثمان رفقى باشا الشركسى ناظرا للجهادية بدأ يمنع ترقية المصريين فى الجيش، وفى نفس الوقت كان يعين الشراكسة فى المناصب الكبيرة، الأمر الذى دعا الضباط المصريين إلى أن يتمردوا، وطلبوا من أحمد عرابى أن يتقدمهم ويعبر عن مطالبهم، فرفض فى البداية لخطورة الأمر، لكنهم أقسموا له بالولاء والإخلاص. كتب عرابى عريضة بمطالب الضباط، وقدمها إلى رئيس النظار رياض باشا، اشتكى له فيها من تعصب عثمان رفقى باشا للشراكسة، وإجحافه بحقوق المصريين، وكانت مطالبه هى: • تشكيل مجلس نواب من نبهاء الأمة المصرية، تنفيذا للأمر الخديوى الذى أصدره فور توليه الحكم. • تعديل القوانين العسكرية بحيث تكون هناك مساواة بين كل الموظفين بصرف النظر عن الجنس والدين والمذهب. • تعيين ناظر الجهادية من أبناء مصر، طبقا لما تنص عليه القوانين العسكرية الموجودة. • زيادة عدد الجيش إلى 18 ألف جندى، تنفيذا لفرمان السلطان العثمانلى. بعدما انتهى عرابى من كتابة العريضة، قرأها على رفقائه الضباط، فوافقوا عليها، ثم وقعها ومهرها بختمه، ثم ختم عليها على فهمى بك أمير آلاى الحرس الخديوى، وعبدالعال بك أمير آلاى السودان، و اتفقوا على المحافظة على الخديوى وأسرته، والوزراء والأمراء المصريين، المحافظة على بيوت المال، وبيوت التجار سواء كانو مصريين أو أجانب، فى حالة إذا حاول الضباط الشراكسة أن يأتوا بأى تصرف يعكر الجو. فى اليوم التالى الذى وافق مثل هذا اليوم عام 1881، أخذ عرابى العريضة وذهب بها إلى ديوان الداخلية، وقدمها لرئيس النظار، الذى وعده بأنه سوف يدرس الموضوع، ويتكلم فيه مع ناظر الجهادية، وبعد يومين ذهب إليه عرابى فى بيته، وكان معه على فهمى بك وعبدالعال بك، وسأله عما تم فى الموضوع، فأكد لهم أن هذا الطلب مهلك، وأخطر من الطلب الذى تقدم به قبل ذلك "أحمد أفندى فنى" وبسببه تم نفيه إلى السودان، وكان المدعو أحمد أفندى فنى هذا كاتبا فى ديوان المالية، وقدم طلبا يطلب المساواة بسبب ظلم حل به، فكان الرد نفيه إلى السودان، التى أطلق عليها عرابى فى ذاك الحين "مقبرة الأبرياء من المصريين". رد عرابى على رئيس النظار بأنهم لا يطالبون بغير الحق والعدل والمساواة، وفى طلب الحق لا يوجد خطر، وقال لرياض باشا إنهم يعتبروه أبو المصريين، فلماذا يهددهم، فرد عليه بأن البلد لا يوجد بها من يصلح ليكون عضوا بمجلس النواب، فقال له عرابى: "غريبة أنك مصرى وباقى النظار مصريين والخديوى مصرى، أنت فاكر أن مصر خلفتكم وعقمت بعدكم!.. مصر فيها علماء وأفاضل كثيرون" فرد رئيس النظار منهيا الحوار: سوف ندرس طلباتكم باهتمام ثم نرد عليكم، وانتهت المقابلة، لكن لم يتم الاستجابة لمطالب عرابى، وبدأت بعد ذلك أحداث الثورة العرابية.