علمت "المصريون" من مصادرها ، أن اللقاء الذي جمع كوندليزا رايس وعددا ممن تعتبرهم "إصلاحيين " مصريين يوم أمس الإثنين بالقاهرة ، أسفر عن انقسام الطرف المصري إلى فصيلين: الأول طلب الدعم والحماية من التضييق الأمني الرسمي علي أنشطته ، و الثاني ناقدا للموقف الأمريكي و ممارساته في العراق و في فلسطين. وفي كلمته وجه الناشط في مجال حقوق الإنسان بهي الدين حسين سؤالا لرايس حول أجندة واشنطن لدعم و مساندة المجتمع المدني في مصر ، و في المقابل طلبت منه وزيرة الخارجية الأمريكية أن يقدم مقترحا لطلباته و تصوراته و وعدته بدراسته في واشنطن بعد عودتها مع المسؤولين الأمريكيين . و من جانبه اشتكى نائب رئيس حزب الغد هشام قاسم مما يتعرض له حزبه و قياداته مما اسماه "القمع الأمني والملاحقات قضائية" ، فيما وجه أسامة الغزالي حرب من خلال كلمة مكتوبة كانت فيما يبدو معدة سلفا انتقادات عنيفة للسياسية الأمريكية في المنطقة ، مشيرا إلى تصاعد مشاعر الكراهية في العالم العربي بسبب احتلالها للعراق و مواقفها المتحيزة للإسرائيليين إزاء القضية الفلسطينية . من جهة أخرى نبه منير فخري عبد النور رايس إلى أن النضال المصري من أجل الديمقراطية ، كفاح طويل و قديم منذ آواخر القرن التاسع عشر و حتى الآن و إنه من الظلم أن تنسب أمريكا لنفسها الفضل في صحوة الإصلاح السياسي الذي تشهده مصر حاليا ، فيما اتهم محمود أباظة أمريكا بأنها لا تفهم مصر و لا المصريين مشيرا إلى ان الديمقراطية سلعة ليس عليها طلب لدى الحكومة المصرية ، لافتا إلى ان انحياز السياسة الأمريكية لمبدأ حفظ الاستقرار في المنطقة ، جعلها أكبر مساند للديكتاتوريات في العالم العربي و أفادت مصادر " المصريون " أن الدكتور أيمن نور رئيس حزب الغد كان أقل المتحدثين كلاما ، و أرجع المصدر ذلك إلى عدم اجادته للغة الانجليزية . و أكدت المصادر أنه كان من الواضح أن الحكومة المصرية رتبت جيدا لهذا اللقاء ، بحيث لا تسمح للمعارضة المتشددة بالانفراد وحدها بوزيرة الخارجية الأمريكية ، و ألمح إلى أن الانتقادات التي لاقتها رايس من بعض الحضور كانت فيما يبدو بترتيبات مسبقة مع الحكومة المصرية . في غضون ذلك رجحت مصادر أخرى ل"المصريون" أن لا تمارس الحكومة الأمريكية مزيدا من الضغوط على النظام المصري حاليا ، بسبب قلقها من غياب البديل ، فضلا عن أن البديل الجماهيري الممكن و هو الإخوان المسلمون بحسب تقديرات المصدر هو بطبيعته الايديولوجية معاد للولايات المتحدةالأمريكية ، و أشار إلى أن النظام السياسي المصري لعب بذكاء في الوقيعة ما بين الإخوان والأمريكيين ، من خلال اتهامه للجماعة بصلاتها بالبيت الأبيض ، وهو الاتهام الذي يرقى إلى مرتبة العمالة و يسئ لسمعة الحركة سياسيا ، ما دفع الإخوان برد فعل عفوي من خلال المزايدة في ترديد الشعارات المعادية للولايات المتحدة ، ما جعل واشنطن أكثر حذرا في التعامل معها ، فضلا عن غياب التيارات السياسية الكبرى في المجتمع ، مشيرا إلى أن الغضب الشعبي في المدن و القرى خارج القاهرة لا يزال غضا و لم يترجم بعد إلى فعل سياسي بالإضافة إلى أن الأمريكيين لا يحظون بود كبير عند التيارات السياسية الكبرى في مصر بما فيها الليبراليون . وأكد المصدر أنه على الرغم من تدهور سمعة مصر تدهورا كبيرا على المستوى الشعبي و الرسمي بأمريكا ، إلا أن دخول واشنطن في مواجهة تكسير عظام مع القاهرة في الوقت الحالي ، أمر غير مطروح ، خاصة بعد الفشل الأمريكي بالعراق من جهة و عودة لبنان إلى المشروع الطائفي من جهة أخرى . وعلى الرغم من روح الاحترام التي حرصت وزيرة الخارجية الأمريكية على أن تبديها في حديثها عن القيادة السياسية المصرية ، وتأكيدها على أن الإصلاح في مصر هو مسؤولية الشعب المصري وحده ، إلا أنها وجهت انتقادات علنية حادة للحكومة المصرية خاصة في ما يتعلق بالتضييق على المعارضة السياسية وحرمانها من الحضور الإعلامي والاعتداءات على المتظاهرين وهو الأمر الذي يكشف رغبة أمريكية في ألا تخسر صورتها لدى الرأي العام المصري والعربي كداعم للديمقراطية والحرية في المنطقة .