مشهد التغيير في مصر يعرف حركة مهمة ، ولدينا فعلا تطورات مذهلة جعلت أحد الأصدقاء الذين كانوا بالخارج وهو يقف معي في مظاهرة الأمس بالزيتون غير مصدق لما يجري ؟ كيف يخرج الناس إلي الشوارع ويهتفون بما يريدون وضد نظام الدولة ورموزها في حراسة الأمن ودون أن يتدخل أحد منهم ، كان غير مصدق لما يجري ويحدث . وبالفعل هذا حقيقي ولكن ماذا بعد ؟ هذه هي المشكلة ، معظم القوي التي تسعي للتغيير يمكن القول أنها قوي تقليدية بمعني أنها ارتبطت بدرجة معينة لأن تعيش في ظل ماهو قائم والذي يحقق لها مكاسب ومنافع مهمة ، ومن ثم فالمخاطرة بالإقدام علي التغيير هو تهديد لها هي ذاتها والمصالح والمنافع التي تجنيها من استمرار الوضع الحالي . ولو حاولنا رؤية المشهد السياسي بالأمس في مصر لوجدنا أن حزب التجمع ، المعارضة اليسارية ، التي من المفروض أن تكون ذات طابع ثوري بحكم ماتزعمه خرجت للشارع بدون أن يكون رئيس الحزب الذي هو عضو معين بمجلس الشوري وبدون أن يكون هناك رموزأخري مهمة في الحزب ادعت المرض هي الأخري وبدا وكأن قيادات الحزب لها مصلحة في أن لا تخرج المظاهرة . نفس القصة مع حزب الوفد الذي قال أنه سيخرج بمظاهرة كبيرة احتجاجا علي قانون مباشرة الحقوق السياسية وقانون الانتخابات والتي فصلها ترزية القوانين للحزب الوطني وفق مايريد صاحب المحل وشركاه ، ولكنه لم يخرج بزعم أن الحكومة استجابت لبعض مطالبه وهذه مهزلة كبيرة ، فحزب بقدر حزب الوفد نسميه قوي تقليدية لأنه ومن يقودونه لهم حسبة خاصة مع الدولة والحكومة . الإخوان لهم حسبتهم هم أيضا وهم قوي تقليدية بامتياز وبالطبع لهم منطقهم وحساباتهم التي تقوم علي أن الجماعة موجودة بثقلها الذي يحميها وأنها باقية ومستمرة مع تغير النظم والأشخاص وأنها مستعدة للتفاوض والتعاون لتحقيق ماتري الجماعة أنه مصلحة لها ، ومهما تحدثت عن لحظة التغيير وفرصته فإنهم لن يحيدوا خطوة عن منطق وحسابات مانعتقد وأتمني أن أكون مخطئا – استمرار الوضع القائم حتي لو تبدلت الوجوه . وهنا تأتي كفاية لتمثل ضمير المطالبين الحقيقيين بالتغيير بلا حسابات ولا أفق ضيق ولكن المشكلة أن كفاية " هي تعبير عن ضمير المصريين في المطالبة بالتغيير ولكنها لاتملك الأدوات التي تحولها إلي حركة لها تيار اجتماعي وسياسي يناضل في الشارع لانتزاع مطاليه . ومن هنا تأتي المشكلة الحقيقية كيف تتحول حركة كفاية إلي حركة نضال في الشارع يكون لها تيارها الاجتماعي الذي يقف وراء أفكارها لتتحول هذه الأفكار إلي حقيقة نلمسها ، ومن ثم فالواجب في تقديري أن يكون تفكير الحركة في هذا السياق بلورة تيار نضالي يقود المطالبة بالتغيير في الشارع ويستطيع أن يتحدي قدرة الحكومة والحزب الوطني في إجهاض مطالب التغيير بوعود معسولة أو مصالح انتخابية ضيقة هذه هي معضلة الحركة الاجتماعية المطالبة بالتغيير في مصر والتفكير في حلها من جانب كل محب لهذه البلد هو الخطوة الثانية من خطوات الألف ميل التي بدأناها بالخروج في الشارع والهتاف بمطالبنا وضد الرموز التي شاخت علي مقاعدها ، وأعتقد أن هذا هو التحدي الراهن أمام القوة الاجتماعية المصرية غير التقليدية المطالبة بالتغيير .