أكدت صحيفة "التايم" البريطانية أن التجربة الحديثة للعالم العربي مع الديمقراطية قد منيت بانتكاسة خطيرة بسبب الطريقة التي تعامل بها النظام المصري مع الانتخابات وحقوق الإنسان وسياسات التعددية الحزبية في أكبر الدول العربية وأكثرها تأثيرًا. وقالت إن الرئيس مبارك نجح في غضون أشهر في إفزاع الأمريكيين وترويع خصومه ، من خلال استعراض مخيف لسلطة الدولة تضمن الإجهاز على حرية الصحافة وتحدي استقلال القضاء واعتقال مئات من أنصار التيارات المعارضة. وأشارت الصحيفة إلى حالة الجمود التي تشهدها الساحة السياسية في مصر في الوقت الراهن مقارنة بالعام الماضي الذي شهدت فيه البلاد - بسبب ضغوط الإدارة الأمريكية - استفتاءً على تعديل الدستور وإجراء أول انتخابات رئاسية تعددية، فضلاً عن نجاح عدد غير مسبوق من المعارضين في الانتخابات البرلمانية. ونقلت "التايم" عن دبلوماسيين غربيين في القاهرة قولهم: إن نتائج تلك الانتخابات قادت إلى تحول دراماتيكي في مصر ودفعت بالنظام الحاكم إلى استخدام الأساليب الوحشية التي أبقت الرئيس مبارك في الحكم منذ عام 1981م، مشيرين إلى أن من يلقي نظرة على الوضع الراهن في مصر يوقن بأن عملية الإصلاح تراجعت بفعل فاعل. واعتبرت الصحيفة إصرار جمال نجل الرئيس مبارك في الحديث الذي أجرته معه على التمسك بالإصلاح الديمقراطي والاقتصادي أمرًا غير ذي معنى، لاسيما أنه يتزامن مع اعتقال المئات من أنصار المعارضة وحملات الملاحقة الأمنية لنشطاء الإنترنت المؤيدين للقضاة ، فضلاً عن تأجيل الانتخابات المحلية حتى عام 2008 وتمديد العمل بقانون الطوارئ لعامين آخرين. وكان جمال مبارك قد أدلى بحديث للصحيفة قاله فيه: ثمة ملاحظة بأننا نتراجع عن وعودنا التي تعهدنا بها في 2005م ، ولكن هذا ليس حقيقيًا، مشيرا إلى أن مصر تتبنى برنامجًا طموحًا لإصلاح الدستور والدخول بالبلاد في نظام ديمقراطي فعال خلال الأعوام المقبلة. ونوهت الصحيفة إلى أن أوساط المعارضة تسودها حالة من الشك إزاء الوعود التي أطلقها الحزب الوطني الحاكم ممثلاً في الرئيس مبارك أثناء حملته للانتخابات الرئاسية في العام الماضي. وأشارت إلى ما قاله حمدي حسن المتحدث باسم كتلة "الإخوان المسلمين" في مجلس الشعب بأن الحكومة تريد ديمقراطية لكن بدون مشاركة القوة المعارضة الرئيسية، في إشارة إلى جماعته، في الوقت الذي قال فيه منير فخري عبد النور السكرتير العام لحزب "الوفد": إن مساحة الإصلاح الآن قد ضيق الخناق حولها ولن تجدي في إنتاج نظام ديمقراطي.