اعتبرت صحيفة "الجارديان" البريطانية أن استيعاب قوى المعارضة الإسلامية وليس قمعها هو الأسلوب الوحيد الذي يمكن النظام الحاكم في مصر من مواجهة أخطار الأصولية خاصة وأكدت على أن البلاد تمر بمرحلة تزداد فيها عوامل الانجذاب نحو الإسلام السياسي قوة خاصة بعد فشل السياسات الاقتصادية في استيعاب الملايين من خريجي الجامعات. وسلطت الصحيفة الضوء على جماعة الإخوان والتيار السلفي معتبرة كلا التيارين يمثلان قوة يجب على النظام المصري فتح قنوات حوار معهما ومنحهما الشرعية. وقالت الصحيفة إن جماعة الإخوان ليست التيار الإسلامي الوحيد المتنامي في مصر.. فثمة السلفيين المتشددين الذين يمثلون قوة جديدة لها حضورها في الجامعات المصرية وأيضا في القرى الصغيرة وقطاعات الجماهير المهمشة في القاهرة. مشيرة إلى أنه وبرغم أن الحكومة تمنح التصاريح لجميع أئمة المساجد، فإن السلفيون يستغلون حقيقة أن رسالتهم تتعلق ظاهريا بالقيم الاجتماعية لنشر أفكارهم الراديكالية عبر المساجد. وتابعت الصحيفة القول إن جماعة الإخوان المسلمين المعتدلة، التي ينتمي قادتها للطبقة المتوسطة في الحضر وأصحاب المشروعات الصغيرة، تسلك نهجا غامضا بالأخذ في الاعتبار أن العديد من النخبة السياسية العلمانية في مصر يشعرون أنها امتداد للنظام وأنها في نهاية الأمر لن تساند منافسا من المعارضة ولن تدعو لمقاطعة الانتخابات الرئاسية. وقالت إن سعيها الرئيسي لاكتساب الشرعية يجعلها عرضة للشبهة. وتساءلت الصحيفة: هل جماعة الإخوان تمثل نموذجا مصريا للإسلاميين المعتدلين في تركيا الذين يسيطرون على السلطة منذ عام 2002؟ وجاءت إجابتها أن سياسات الإخوان الاقتصادية بدعمها الخصخصة والانفتاح التدريجي على النظم الاقتصادية العالمية تعد جزءا من متطلبات العصر الحديث. فيما رأى المحلل السياسي عماد الدين شاهين في مقابلة مع الصحيفة أن الإخوان أدركوا أهمية التحرك من حركة إسلامية إلى حركة مدنية تجمع بين الوطنية ومبادئ الإسلام. ونقلت عن أحد قادة اتحاد التجارة المستقل ويدعى كمال عباس قوله: إن البيئة السياسية في مصر تختلف عمها هي عليه في تركيا.. فتركيا دولة علمانية لديها مجتمع مدني ناضج نشأ عبر مراحل مختلفة.. أما مصر فليس فيها ديمقراطية بالمرة. وجماعة الإخوان تطالب بحقوق مدنية بينما موقفها الأساسي ضد هذه الحقوق فلديها لهجة لوسائل الإعلام ولها لهجة أخرى مع أنصارها، على حد ما ذكرته الصحيفة. وأوردت "الجارديان" عددا من القيود التي رأت أنها تقيد تحركات جماعة الإخوان مثل اعتبار الدعوة إلى شرعنة الجماعة محرمة، واختفاء الاتصالات بين سفارات الغرب في مصر والجماعة. ورأت الصحيفة أن التيار السلفي يزداد قوة مؤكدة على أن تعاطي النظام المصري مع التيارين الإخواني والسلفي تكمن في منحهم فرصة للتنفس باعتبارهم ممثلين لظاهرة الإسلام السياسي.. وأوضحت أنه عن طريق الشرعية فقط وفتح قنوات الحوار والمنافسة العلنية مع التيارات الإسلامية يمكن مواجهة أخطار الأصولية.. لكن القمع يزيد المأزق اشتعالا. وقالت إن ثمة تساؤلا ملحا عن الدور الذي يلعبه الإسلاميون في مصر. ولفتت إلى أن حجج مبارك بأن الاستقرار أهم من الديمقراطية وأنه وحده يواجه الأصولية أصبحت تفتقد المصداقية. مشيرة إلى الاقتصاد لا يمكنه استيعاب الملايين من خريجي الجماعات كما أن ضغوط المؤسسات المالية العالمية على النظام المصري لإنهاء دعمه للسلع الأساسية والوقود يهدد بانفجار اجتماعي مثل الذي شهده اليمن في الأسبوع الماضي. وألمحت أنه ظل هذه الظروف فإن عوامل الانجذاب نحو الإسلامي السياسي تصبح أكثر قوة. على صعيد آخر رأت الصحيفة أن الطريقة التي تسير بها التظاهرات التي تنظمها تيارات المعارضة في مصر، على النحو الذي سبق الصدامات بين الطرفين أول أمس، كانت تمثل نوعا من السلام البارد. واستطردت قائلة إن التفجيرات في شرم الشيخ مثلت لطمة للمكانة الدولية للرئيس مبارك في الوقت الذي افترض فيه المسئولون في حكومته أنهم يواجهون جماعة مصرية متطرفة، ربما تعمل مع البدو في سيناء، واستبعدوا ضلوع القاعدة في تلك الهجمات. وتؤكد الصحيفة أنه بسبب سياسية واشنطن على المستوى الدولي بدءا من الانحياز لإسرائيل وانتهاء باجتياح العراق، فإن المنظمات الأهلية في مصر تعارض التمويل الأمريكي لأعمال مراقبة الانتخابات .. وبحسب وجهة نظر هذه المنظمات فإن الولاياتالمتحدة هي التي جاءت بمبارك للسلطة ومن ثم فهي لا ترتضي أن تسلك نفس الطريق.