الأزمة تتصاعد وتبلغ ذروتها، ومع ذلك فأنا على يقين بأن الرئيس مرسى سيخرج منها أقوى مما كان، فما أحسبه إلا ناصرًا لشرع الله، والله تبارك وتعالى يقول: "إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم" وقد وعد الله في هذه الآية بأمرين: النصر، وتثبيت الأقدام، وقد تحقق الوعد بالنصر يوم فاز الرئيس على جميع منافسيه رغم وقوف الدولة العميقة بكل طاقتها ضده، أما الوعد بتثبيت الأقدام فإنه يتحقق تباعًا، تحقق يوم حسم الرئيس موقفه مع المشير وسامي عنان وأعاد الجيش إلى ثكناته ليمارس دوره الطبيعي في الدفاع عن الوطن، وتحقق أيضًا عندما نجح الرئيس في إقناع جهاز الشرطة الجريح في العودة إلى الشارع والقيام بدورة في حفظ الأمن، وتحقق كذلك يوم انطلق الرئيس في السياسة الخارجية ونجح في زمن قصير جدًا في أن يكسب ثقة واحترام العالم كله شرقه وغربه مما دعاهم إلى التريث في قبول مزاعم المعارضة والتشكك في حقيقة نواياهم. من أجل ذلك أوقن بأن الرئيس سيخرج من الأزمة أقوى مما كان. وللخروج من النفق المظلم، يجب أن ندرس خريطة المعارضين، لنعرف كيف نكشفهم ونشق صفوفهم، وهم فيما أعتقد فريقان، الأول: خليط من الفلول والليبراليين مدعومين بحشد من الكنيسة، والثاني رجال القضاء الذين توهم أكثرهم أن المعركة تتعلق بالقانون أو استقلال القضاء وهى تتعلق في الواقع بتخريب البلد ودفعه إلى الحرب الأهلية، وربما لو أدركوا ذلك لما جرؤوا على الاحتشاد إلى جوار الفريق الأول، ذلك الفريق الذي انكشف وجهه القبيح بعد خطاب السيد الرئيس والذي دعاهم فيه إلى حوار مفتوح في موعد محدد فرفضوا لأسباب غير صحيحة تبددت جميعها بعد خروج السيد وزير العدل على إحدى القنوات الفضائية ليصرح على الهواء مباشرة بأن السيد الرئيس أسر إليه في حوار خاص بينهما أنه على استعداد للاستجابة لمطالب المعارضة بما في ذلك تأجيل موعد الاستفتاء إذا أجمعوا رأيهم على ذلك، فإذا أصرت المعارضة بعد ذلك على رفض الحوار فإن وجهها القبيح يكون قد انكشف وتكون لدينا فرصة جيدة لشق صفوفهم وذلك بأن نتوجه بالحوار إلى الفريق الثاني الذي يمثل ثقلًا كبيرًا في ميزانهم، ألا وهو القضاء، فأنا أتصور إذا ما استمر الرفض أن توجه مؤسسة الرئاسة الدعوة بأسرع ما يكون إلى مجلس القضاء الأعلى والمجلس الأعلى للهيئات القضائية لدراسة الموقف والاستماع إلى مشورتهم والاستجابة إلى مقترحاتهم ليشعروا بأن ما روج له الفريق الأول من انتواء الرئيس الاعتداء على استقلال القضاء هو أمر غير صحيح، وليكونوا شركاءً في صناعة الحل فلا تستخدمهم المعارضة بعد ذلك سياسيًا كرأس حربة لهدم ذلك الحل، ولنشق بذلك صفوف المعارضة ويتحول القضاء إلى تأييد الرئيس فيثقل موازينه ويزيد تعرية المعارضة، التفاهم مع عقلاء السلطة القضائية في هذا التوقيت أمر شديد الأهمية ولا ينبغي التباطؤ فيه. وأما عن الحل ذاته فهناك تصورات عديدة، وقد سبق أن اقترحت فى مقال سابق أن يتم التصويت على مسودة الدستور باعتباره دستورًا "مؤقتًا" للبلاد، مما يسمح للرئيس بإجراء الانتخابات التشريعية فورًا فتتحرك البلاد إلى الأمام، وتعطى نتيجة الاستفتاء تأكيدًا جديدًا لشرعية الرئيس، وتعفيه من أن يضطر إلى التراجع عن قراره بالاستفتاء، وفى نفس الوقت فإن اعتباره دستورًا مؤقتًا يفتح الباب أمام المعارضة لتأخذ كامل وقتها إذا شاءت في المناقشات والمحاورات والمداورات دون أن يكون الوقت سيف على رقبة الدولة وبما يبطل جميع حججهم، والأهم من ذلك كله أن هذا التصور يسمح للقضاء بقبول الإشراف على الاستفتاء الأمر الذي يعطى مزيدًا من الزخم والتأكيد على الشرعية. [email protected]