بات الخروج من أزمة عنق الزجاجة الحالية في مصر بين رفقاء الثورة بالأمس وفرقاء اليوم صعبًا نظريًا، نظرًا للتطاحن الإعلامي المتبادل ما بين قوى إسلامية تموج موج البحر عندما تغضب وتيار "مختلط" من الثوار والقوى المدنية وبعض أنصار النظام السابق لحسني مبارك. في ظلال ذلك، يرى البعض أن الوضع برمته قابل للعلاج إذا تحلت برامج وصحف التوك شو بالمسؤولية الضمائرية عندما تطل بوجوه اعلاميها على ملايين المشاهدين عبر القطر المصري وخارجه، وبعيدًا عن محتوى التأثير، للأسف بوجه عام فكل ذلك يخضع لمستويات تذبذب الساسة لا الوجه الحقيقي للشارع. مليونيات الإعلام المضلل هي آفة مجتمعية خطيرة والتعامل معها بالإقصاء المباشر بات أمرًا بالغ الصعوبة والخطورة، ويثير حفيظة المتربصين بمصر وشعبها في الداخل والخارج، لدرجة أنها باتت أمرًا واقعًا وحكمًا جبريًا بدعوى حرية الإعلام والتعبير عن الرأي. حتى المشتبه في تورطهم في قضايا فساد مثل عمرو أديب هلع هاربا الى لندن ليسب ويتطاول على الإسلاميين كيفما يشاء..لكن هناك من لا يزالون في مصر يتحلون بشجاعة أكبر من جبن عمرو أديب، ويناصبون في برامجهم وكتاباتهم الهجاء المباشر وغيره لتنطلي ألاعيبهم على المتلقي أو المشاهد أو القارئ، ولا شك انهم بارعون في ذلك براعة السحرة المخادعين، لكن إذا اشرقت شمس الحق اختفت النجوم المتلألأة في ظلام الإعلام. لقد شاهدت عن قرب مشهد مليونية مهيبة كأنها الشمس ل "الشرعية والشريعة" كتل بشرية لم اتصور أن يرى انسان مثلها إلا في مشهد يوم الحج الأكبر أو يوم الحشر الأكبر، الناس ينظرون الى السماء راجين رحمة الله، ثم سرعان ما تعود ابصارهم إلى أرض الشمس أرض مصر ليروا الآلاف من البشر وقد تراصوا من اجل ترديد هتافات مؤيدة للشريعة الإسلامية والشرعية الانتخابية التي أتت بالرئيس مرسي الى سدة الحكم، وفي ذات اللحظة تجد هجوما حادا على الإعلام الذي ضاقت به تلك الجموع ذرعا، وما كان ليكون هناك رد فعل دون فعل. كان مشهدًا عفيفًا طاهرًا لا تحرش فيه فقد رأيت عندما كانت تضطر امرأة سواء منتقبة أو متبرجة بأن تسير وسط مسيرات الدعم والتأييد للشريعة والشرعية، تنفلج الجموع ليكونوا لها ممرًا خاصًا آمنًا في تنافر آيوني إيماني بالغ المعاني، هكذا المرأة في جموع المصلين وجموع المؤيدين للشريعة. كان المشهد المليوني على رقعة كبيرة من الأرض وامام منارة للعلم هي جامعة القاهرة وفي قلب ميدان نهضة مصر.. لكن بقت تساؤلات محرجة لماذا يكره الإعلام الليبرالي واليساري والخاص الا ما ندر، الإسلاميين أو المؤيدين بوجه عام لقرارات الرئيس المنتخب والمؤسسات المنتخبة؟، لماذا يكرهون الحوار قبل أن يفرضوا شروطهم المسبقة؟ لماذا يطالبون عندما يحاورون أن يجردوك من صلاحياتك؟ لماذا يهينوك بعد ذلك وقبله؟.. لاشك انهم من ابناء جلدتنا وبني عروبتنا..يتكلمون بألستنا.. لكنهم رغم ذلك لا يرون رشدا في سياستنا ولا طريقة تفكيرنا ويتهموننا بعدم احترام مبادئهم او افعالهم او رغباتهم..الخ المشكلة هنا ايها السادة أن الأمر بات صراع رغبات، وردة على قواعد العمل الديمقراطي، وابتزاز متقن الصناعة..على الجانب الأخر من يمثلون الشريعة ..صبر وإصرار على طريق الشرعية..رغبة في الحوار العادل والشامل..النتيجة تفرضها الإرادة الشعبية بعد إرادة الله النافذة..الطرف الأخر..لا سنعتصم ..لا سننتقم..لا سنشكوا قوى الغرب ضد خصومنا الوطنيين..لا سنحشد كل المعارضين ..سنعطل العمل لنسقط المنتخب وكل منتخب..اسقطنا مجلس الشعب بقضاة مبارك وسننتقم من الشورى والتأسيسية المنتخبة والدستور وسيتبعهم مرسي المنتخب بعد أن نقوم بثورة جديدة!!.. في نهاية الكلام يدنا ممدودة لتتحاور لكنها مهددة بالبتر، وقدمنا تسعى اليهم لإنقاذ الوطن لكن.."يا ليت قومي يعلمون". أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]