في الآونة الأخيرة بدأت ظاهرة التعدي علي السياسيين بالضرب كظاهرة للتعبير عن الرأي. ومن الغريب أن تجد لهذه الظاهرة مؤيدين بل من يقوم بتكريم من قام بالهجوم علي مسئول معين بل يزيد الأمر الي انشاء الصفحات التي تحمل أسماء من قاموا بهذه الأعمال. ومما يزيد الأمر غرابة هو اظهار الكثيرين اعجابهم بهذه الصفحات فأحيانا يصل المعجبين بمثل هذه الصفحات الي عشرات الآلاف. فقد تم الاعتداء بالضرب أو الشروع فيه علي عدد من رجال السياسة اللذين لا ينتمون الي فصيل واحد بل ينتموا الي أحزاب متعددة أمثال الفريق أحمد شفيق والدكتورعبدالمنعم أبو الفتوح والاستاذ نادر بكار والدكتورهشام قنديل وأخيرا علي الدكتورالسيد البدوي رئيس حزب الوفد. وأتعجب كثيرا من هذا السلوك الغريب الذي لم أجد له أصلا في اي دين من الديانات ولا اي ثقافة من الثقافات ولست بصدد البحث عن أدلة تحرم هذا السلوك فتجريم هذا السلوك والنهي عنه لا يحتاج الي دليل. ان الاختلاف في الرأي وفي وجهات النظر ظاهرة لا يمكن تجنبها وحكمة من حكم الله سبحانه وتعالي فهو القائل سبحانه (وَلَوْ شَآءَ رَبّكَ لَجَعَلَ النّاسَ أُمّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ)فليست الغاية من وراء خلق الناس أن يختلفوا كما يفهم البعض ولكن الاختلاف سنة من سنن الله الكونية. يقول بن كثير أي لا يزال الخلاف بين الناس في أديانهم واعتقادات مللهم ونحلهم ومذاهبهم وآرائهم. ويقول ابن القيم في أعلام الموقعين "وقوع الاختلاف بين الناس أمر ضروري لا بد منه لتفاوت أغراضهم وأفهامهم وقوى إدراكهم ولكن المذموم بغي بعضهم على بعض وعدوانه" اذن فلا توجد أدني مشكلة في اختلاف الآراء أو وجهات النظر في الأمور ولكن المشكلة تكمن في تطور هذا الاختلاف الي شقاق وتباغض وتناحر ومن ثم يتحول الي هجوم بالأيدي. يقول الفيلسوف الألماني آرلولند إسمبرق "حينما يفقد المرء الحجّة العقليّة يستخدم عضلاته"، ويقول قولمان في مقالة عن قلق العاطفة "عند تدقيق النظر فيمن يُعلي صوته ليُسكت غيره من خلال نبرته الفيزيائية العالية سنجد أنّه لا يملك سوى ذلك الصوت الفيزيائي الضعيف إذا قارنّاه بصوت حيوان متوحّش. فالتعبير عن الرأي حق مكفول للجميع بشرط أن تحافظ علي حقوق الآخرين.. فحق الآخرين عليك هو احترامهم واحترام آرائهم وعدم التعدي عليهم بالقول الفاحش ولا بالضرب. فالرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الذي رواه الترمذي: "ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء. ربما يقول البعض أن من يقوم بهذا الهجوم يكون واقع تحت تأثير ضغط نفسي اثناء هجومة، ولو سلمنا بصدق هذا الزعم لمن يقوم بالهجوم فما هو المبرر لأن يحتفل الاخرون ممن يختلفون في الرأي مع الشخص الذي تم الاعتداء عليه؟ ان مثل هذه الأعمال ستجعل كل من يعمل بالسياسة يخشي من السير في الشارع لتجنب الاعتداء عليه أو سيمشي وحوله الكثيرين من رجال الأمن الخاص ووقتها سنقوم بالشكوي ونقول لقد عزلوا أنفسهم عن الشعب ونحن بهذه الأفعال السبب في ذلك. ومن يحتفل بضرب منافسه اليوم، سيأتي اليوم الذي يتم ضرب من يؤيده وسيستمر هذا المسلسل الغير أخلاقي بل ربما سيصير عادة من عادات الشعب المصري. هذا الشعب العظيم الذي يسيئ اليه هؤلاء ويشوهون صورته أمام العالم. فكل ما يحدث في مصر ينتشر في شتي بقاع العالم بفضل شبكة المعلومات الانترنت. فدعونا نري الله من أنفسنا خيرا ونعزم علي الكف عن مثل هذه الممارسات الغير أخلاقية التي لا تتناسب مع عقيدنا وأخلاقنا ونحاول تفادي ذلك باجراء الحوارات التي تجعل كل منا يفهم الآخر. أتمني أن تكون هناك عقوبات رادعه لكل من يقوم بمثل هذه الأفعال فقديما قالوا (من أمن العقوبة أساء الأدب). نسأل الله أن يحفظ مصر وشعبها من كل سوء وأن يؤلف بين قلوبنا. أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]