كان السؤال الرئيسى لوسائل الإعلام العالمية ليلة بدء الغارات الإسرائيلية على غزة.. لماذا تضحى إسرائيل بعلاقاتها مع النظام الجديد الذى يحكم مصر وهو نظام محسوب على الإسلاميين الأشد عداوة لها؟! أياً كانت إجابة السؤال.. المؤكد أنها اختبرت هذا النظام اختبارًا جديًا لتعرف ما إذا كان مبارك ما يزال يحكم باسم آخر أو أن هناك جديدًا.. إسرائيل لم تقم بمثل هذا الهجوم طوال فترة تولى المجلس العسكرى بقيادة طنطاوي، ربما لأنها كانت تدرك أنها تتعامل مع امتداد لنظام مبارك بشكل آو بآخر، أو مع نفس التفكير. المؤكد أيضًا أن الرئيس الجديد تخلى عن بطء ردود أفعاله التى لوحظت عليه مع التردد وعدم الحسم، فاتخذ قرارًا سريعًا أحدث دويًا كبيرًا، على الأقل فى المحيط الفلسطينى والعربي، وحتى لو أظهرت إسرائيل عدم الاكتراث بقول مندوبها فى الأممالمتحدة إنها ستستمر فى عملية عمود السحاب، وهو الاسم الذى أطلقته على هجومها البربرى على غزة، مهما كلفها ذلك. ردود الفعل السريعة التى تأتى فى وقتها تحدث أثرها وتقدم رسالة واضحة.. وهكذا نجحت القيادة السياسية المصرية فى الاختبار الإسرائيلي، فسحب السفير ليس بالقرار الهين لأن إعادته بعد ذلك ستكون فى غاية الصعوبة وقرارًا مكلفًا لمرسى وسياسته، فإذا كان قد أخطأ بالمسارعة فى تعيينه وإرساله مع أن الأمر كان يحتمل الانتظار شهورًا، فإن ذلك الخطأ يندرج الآن تحت قول "رب ضارة نافعة".. فلو لم يكن قد عين سفيره فى إسرائيل، ما هى الأوراق التى كان يمكنه أن يرد بها أو يلعب عليها متجنبًا التكلفة الباهظة. فى الوقت الحالى تكلفة إلغاء اتفاقية كامب ديفيد باهظة جدًا لم تستعد لها القيادة الجديدة ويحتاج ذلك سنوات، خصوصًا أن الوضع الأمنى هش جدًا فى سيناء.. هناك ورقة لها خطورتها وتكلفتها تتمثل فى الجهاديين المنتشرين فى سيناء.. والسؤال: هل يمكن تحويلهم إلى برميل بارود تخشاه إسرائيل كما تخشى حزب الله اللبنانى.. وما مدى تأثير ذلك السلبى على الأمن القومى المصرى إذا ما استباحت إسرائيل سيناء كما كانت تستبيح بيروت والجنوب اللبنانى للرد على صواريخ حزب الله؟.. أو إذا ارتد عليه هؤلاء الجهاديون؟.. أسئلة الوضع الراهن أمام مرسى شديدة الصعوبة، لكنه على أى حال أجاب عن السؤال الأول الإجبارى الذى فرضته إسرائيل وحصل على درجاته كاملة، والمهم الآن المضى فى القراءة الواعية لباقى الأسئلة التى ستأتيه لاحقاً. [email protected]