هل نجح الرئيس (مرسي) في الأربعة أشهر الأولى من حكمه؟ أم أن وعوده التي قطعها على نفسه تهبط بتقييمه إلى درجة منخفضة؟ هل يجب أن نصعد بانجازات الرئيس إلى السماء؟ أم أن اخفاقاته أكثر بكثير من أن تحصى؟ ما أحوجنا إلى قراءة موضوعية للواقع السياسي الحالي بعيدًا عن التربص والاستقطاب المتبادل، بحيث يمكن أن نعترف بالإنجازات والأخطاء معًا، ونسعى لتقويمها وتصويبها، ليس من أجل إنجاح مشروع الإخوان المسلمين.. ولكن من أجل نهضة مصر، كحلم نسعى إليه جميعًا، هذه القراءة الموضوعية وصلتني من الصديق العزيز (أيمن محمود)، وأنا هنا أعيد نشرها لأني لمست فيها الكثير من الرؤية الموضوعية التي نحتاج إليها بشدة في واقعنا. قطعًا نتيجة الدكتور (محمد مرسي) في ال 100 يوم الأولى من ولايته ليست صفرًا على عشرة، وطبعًا ليست كذلك عشرة على عشرة!.. يصعب إعطاء الرئيس درجة نجاح أو درجة رسوب، لأنه باختصار نجح في بعض الملفات وحصل فيها على تقدير امتياز، ونجح في أخرى بتقدير مقبول، أما الملفات – التي تشترط تعاون المجتمع ودعمه له – فقد حصل فيها للأسف على تقدير ضعيف! لكن اللافت للانتباه خلال تلك الفترة أن الرئيس مرسي تعامل مع خصومه – المنتشرين في جميع مؤسسات الدولة – بطريقة ذكية تستحق الإشادة والتقدير؛ فتعامل مع كل خصم بطريقة مختلفة تناسب وضعه وحجمه ومدى تأثيره في المجتمع، الرئيس مرسي كان كمن يلعب الشطرنج مع ثلاثة منافسين أقوياء في وقت واحد! وهذه اللعبة كما هو معلوم عنها تحتاج إلى هدوء وتركيز وصبر، وهذه هي الصفات التي يمتاز بها الرئيس مرسي حتى الآن. أول مباراة أنهاها الرئيس مرسي لصالحه في وقت قياسي هي مباراته مع العسكر؛ فقد حسمها من الجولة الأولى وبالضربة القاضية! كش ملك.. مات العسكري! أما المباراة الثانية التي تدور رحاها الآن مع مؤسسة القضاء والتي أحرز فيها القضاء حتى الآن ثلاث أهداف نظيفة في مرمى الرئيس! هدف إجبار الرئيس على حلف اليمين أمام المحكمة الدستورية، وهدف إلغاء قرار عودة مجلس الشعب، وهدف إلغاء قرار نقل النائب العام، وذلك على الرغم من أن "الرئيس" يلعب على أرضه ووسط جمهوره! مشكلة هذه المؤسسة أنه يسيطر على بعض مفاصلها أفراد ينتمون للنظام السابق، ولولا هيبة الدولة وقدسية القضاء لأنهى الرئيس هذه المباراة لصالحه أيضًا من الجولة الأولى؛ فالرئيس يملك – بحكم وجود سلطة التشريع في يده – أن يجري تعديلاً بسيطًا في قانون السلطة القضائية بتخفيض سن التقاعد للقضاة، وفي هذه الحالة سيحال للمعاش النائب العام ومعظم قضاة المحكمة الدستورية في يوم واحد، ولكنه أبى ذلك احترامًا لهيبة القضاء، وحتى يكون مثلاً وقدوة في احترام أحكام القضاء وعدم الاستخفاف بها ومعاندتها كما كان يفعل الرئيس السابق، ولكن المؤكد أن المباراة لم تنته بعد. أما المبارة الأصعب والأطول فهي المتعلقة بمشاكل الناس الملحة، وهي التي كان قد وعد الرئيس بحلها في ال 100 يوم الأولى من ولايته، ولكنه لم يحقق أغلب ما وعد به، أو نجح في تحقيقه بنسبة ضعيفة، وذلك لأسباب كثيرة من أهمها أن حل هذه المشاكل يتوقف على تعاون المجتمع كله ومساندته للرئيس والحكومة، وهذا للأسف غير متحقق لدى قطاع ليس بالقليل في الشعب، لذلك نتيجة هذه المباراة غير مستقرة؛ فهي يوم له ويوم عليه! خطوة من الرئيس للأمام يقابلها خطوة أخرى من المعوِّقين تدفعه للخلف! لذلك ستحتاج هذه المباراة في الغالب إلى شوط آخر إضافي.. وربما شوطين! من المؤكد كذلك أن شعبية الرئيس تزيد يومًا بعد يوم، وتصل إلى شرائح جديدة من المجتمع، ومن المتوقع أن تصل قريبًا نسبة تأييد الرئيس إلى النسبة الحرجة التي سيتغير بعدها شكل ومسار هذه المباراة الصعبة، وعندها يمكن له وللحكومة أن ينجحا في إحداث طفرة نوعية في اقتصاد البلاد تحقق للشعب ما يحلم به من رخاء ورفاهية وحياة حرة كريمة، دعونا نتكاتف جميعا لتحقيق هذا الحلم، مرة أخرى.. ليس من أجل الإخوان، ولكن من أجل مصر التي تستحق منّا الكثير. [email protected]