"اللعب هو عمل الطفل"..مقولة معروفة للطبيبة الإيطالية ماريا مونتيسوري، وهو ليس مجرد طريقة لقضاء الوقت بالنسبة للصغار أو الاستمتاع بالنشاط البدني فقط. وحسب الدكتور هاني رمزي عوض فإن اللعب يحمل العديد من الفوائد للطفل على عدة مستويات منها ما هو عضوي أو نفسي أو فكري وإدراكي، حيث يبدأ الطفل اللعب بشكل مرتب وتبعا لقواعد بسيطة في سن السنتين، وقد يبدو الأمر مجرد حركات عشوائية تثير الضحك، لكن يجب ألا نقلل من قيمة اللعب بصفته وسيلة مهمة للنمو وتهيئة المخ للقيام بوظائف مختلفة مثل التعلم وإتباع نظم معينة. وأضاف أن الخبراء نصحوا بترك الطفل يختار اللعبة التي يفضلها وتناسبه حتى لو بدت هذه اللعبة سخيفة من وجهه نظر الآباء، وعدم فرض لعبة معينة حتى وإن كانت تعليمية وتعود بالنفع على الطفل، حتى لا يشعر الطفل بالإحباط. وقد أشارت الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال إلى عدة توصيات في ما يخص لعب الأطفال؛ مثل تشجيع الأطفال على اللعب بألعاب تنمي الخيال، وتجنب قضاء أوقات طويلة في المتعة السلبية، مثل مشاهدة التلفزيون أو ألعاب الفيديو، وكذلك يفضل أن تقوم الأم باللعب مع الطفل، فذلك يجعل الأم أقدر على التواصل مع طفلها والدخول إلى عالمه الخاص. وأكد رمزي أنه حتى الألعاب غير الحقيقية تنمي الخيال وتطور الفكر وتهيئ الطفل لدخول عالم الكبار، كما أن الألعاب التي تحتاج إلى مجهود عضلي وبدني تنمي التوافق الحركي عند الطفل، مثل الجري والتسلق والركل والتوازن وغيرها.. وهو الأمر الذي جعل جمعية القلب الأمريكية تصدر توصيات بضرورة أن يمارس الأطفال فوق عمر عامين نشاطا بدنيا معتدلا وممتعا لمدة لا تقل عن ساعة يوميا، للوقاية من أمراض القلب عند البلوغ. وأضاف أن اللعب ينتج عنه فوائد نفسية عديدة للطفل؛ بل ويساهم في تحسن بعض حالات الأمراض المتعلقة باضطراب السلوك أو الأطفال الذين يعانون من مشكلات نفسية، كما أكدت دراسة حديثة قام بها باحثون من بريطانيا وسويسرا أن الألعاب التي تتطلب تكوين أشكال معينة وتحتوي على العديد من الشخوص والكائنات المختلفة، تساعد الأطفال مرضى "التوحد" على التفاعل مع الأشياء من حولهم، حيث يمكن اعتبار هذه الألعاب بمثابة طريقة فعالة للعلاج. ويعتبر اللعب العلاج الأمثل للانطواء والشعور بالعزلة والخجل لدى الأطفال وكذلك القلق والاكتئاب، ومن المعروف أن كثيرا من المشكلات النفسية تتكون في السنوات الأولى من عمر الإنسان، كما أن الحرمان من اللعب من العوامل التي يمكن أن يكون لها أثر بالغ السلبية في ما بعد، خاصة في الدول الفقيرة حيث يضطر العديد من الأطفال للعمل في سن مبكرة لمساعدة أسرهم. بينما وجد أيضا أن الأطفال الذين يقضون فترة راحة أو فسحة من الوقت في أثناء الدراسة يتحسن سلوكهم داخل الفصل الدراسي، وذلك تبعا لدراسة تم نشرها في مجلة طب الأطفال في عام 2009. وتبين أن اللعب يساعد الأطفال في مرحلة ما قبل الدراسة على احترام مشاعر الآخرين وعدم السخرية منهم والتحكم في مشاعرهم الخاصة، كما أنه يحفز الطفل على أداء أنماط عدة من الشخصيات وبالتالي توسيع مداركه وإضافة خبرات حياتية بالنسبة له، وحتى على المستوى الدراسي يكون للعب دور كبير في تحسين الأداء الأكاديمي، خاصة للأطفال في بدايات الحياة المدرسية، لأن ممارسة أي لعبة يتطلب معرفة الأرقام وحفظها وإحصاء عدد الأهداف وجمعها ومعرفة العدد المتبقي للفوز وكذلك العدد اللازم لتخطى المنافس.. وهكذا، وهو ما يزيد من القدرات الأكاديمية بشكل غير مباشر ومحبب في الوقت نفسه.