أكد الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية، أنه برغم محاولات تعكير صفو العلاقات بين الإسلام والغرب، إلا أن الرد المناسب لا يكمن فى الهجوم أو الدفاع؛ وإنما فى البيان والدعوة إلى التركيز على المشترك، مشيرا إلى أن بعض وسائل الإعلام الغربية تتبنى منهج الربح مهما كانت التكاليف والنتائج، وتلحق ضررًا بالغًا بالسلام العالمى من خلال تأجيج نيران الكراهية والتعصب فى قلوب وعقول الناس، معبرا عن قلقه من تصاعد ظاهرة الخوف من المسلمين فى الغرب، وترقى سدنة كارهى الإسلام فى الغرب إلى مناصب رفيعة، معتبرًا أنه أمرٌ "مثير للقلق". وقال المفتى فى مقاله الذى نشرته مجلة "اليو إن كرونيكل" المجلة الرسمية الفصلية للأمم المتحدة، "من واجبنا كقيادات دينية أن نتفاعل مع توترات العالم تفاعلاً استباقيًّا من خلال العمل الدءوب والمنهجى على نزع فتيل تلك الأزمات"، مشددا على أن العالم أحوج ما يكون إلى منتديات تعين على حوارٍ حقيقى نابع من الاعتراف بالهويات والخصوصيات، وهو الحوار الذى يظل محترمًا ولا يسعى لتأجيج نيران العداوة والبغضاء أو فرض الهيمنة على الآخر؛ ويراعى التعددية الدينية والتنوع الثقافي، ولا ينقلب أبدًا إلى حديث أحادي، وبالتالى فهو من وجهة نظر الإسلام ليس سعيًا لإلحاق الهزيمة بالمخالف بقدر ما هو محاولة لفهمه. وأضاف المفتى أن الإسلام أقام حضارة إنسانية أخلاقية وسِعت كل الملل والفلسفات والحضارات، وشارك فى بنائها كل الأمم والثقافات، مؤكدًا أن الإسلام قدم نظرة عالمية مفتوحة ولم يسع أبدًا إلى إقامة الحواجز بين المسلمين وغيرهم؛ وإنما دعا المسلمين إلى ضرورة الاقتراب من الآخر بقلوب مفتوحة وبقصد توضيح الحقائق. وأوضح المفتى الذى يعتبر أول عالم مسلم يكتب فى المجلة الأممية "أن الحوار لون من ألوان الجهاد بمعناه الوسيع فى التصور الإسلامي، وإذا كان القرآن والسنة قد ألقيا الضوء على قيمة الحوار؛ فإن تاريخ المسلمين يشهد على أهمية وقيمة الحوار فى التراث الإسلامي"، لافتًا إلى أنه من المفيد أن نضع نصب أعيننا أن الحوار لا يجب أن يكون مقصورًا على النخب الأكاديمية التخصصية فحسب، ولابد من ممارسة الحوار وتطبيقه لا أن يظل حبيس الجدران فى القاعات والمؤتمرات، ليساعد عامة الناس فى كشف الغموض الذى يكتنف الاختلافات الدينية، وفى فهم الحكمة الإلهية من التنوع الديني. وعبر د.على جمعة عن قلقه من تصاعد ظاهرة الخوف من المسلمين فى الغرب، وترقى سدنة كارهى الإسلام فى الغرب إلى مناصب رفيعة، معتبرًا أنه أمرٌ "مثير للقلق"، مشيرًا إلى أن التصرفات الهوجاء بحق الإسلام والمسلمين وعدم الرغبة فى فهم الإسلام لا تعوق فقط الجهود الرامية إلى إجراء حوار حقيقي، بل إنها تقتلها فى مهدها أصلاً. وأضاف المفتى فى مقاله بالمجلة الفصلية للأمم المتحدة والذى خصصته عن "الحوار بين الحضارات والثقافات" أن بعض وسائل الإعلام الغربية تتبنى منهج الربح مهما كانت التكاليف والنتائج، وتلحق ضررًا بالغًا بقضية السلام العالمى من خلال تأجيج نيران الكراهية والتعصب فى قلوب وعقول عموم الناس، مؤكدًا أنه لا حل للمشكلات التى يواجهها العالم الإسلامى اليوم إلا باعتماد الدين الإسلامى فى صورته النقية المعتدلة السمحة كمنهاج للتغيير. وشدد المفتى على أنه لا حوار بين الشرق والغرب إلا بحل عادل للقضية الفلسطينية، لأن مصدر التبرير المزعوم لدى الدوائر السياسية فى الغرب لكثير مما يطلقون عليه مظاهر التطرف والعنف السياسى فى العالم مردّه إلى مأساة فلسطين التى لم تُحل منذ 60 عامًا، مؤكدًا أننا نحتاج لفهم هذا الوضع المعقد حتى نضع حلولاً لهذه المأساة وهذا لن يكون إلا بحل عادل للقضية الفلسطينية.