أكد فقهاء قانونيون وقضاة سابقون أن الأحكام الصادرة ببراءة المتهمين فى قضية قتل المتظاهرين السلميين فى ميدان التحرير يومى 2 و3 فبراير المعروفة إعلاميًا باسم "موقعة الجمل"، تعد مهزلة جديدة تضاف إلى مهازل محاكمات قتلة الشهداء بعد 23 حكمًا بالبراءة أمام دوائر مختلفة، مرجعين سبب ذلك إلى أن قضاة التحقيق لم يرهقوا أنفسهم بالبحث عن الأوراق والأدلة، معتبرين أن المجلس العسكرى هو السبب الحقيقى وراء مسلسل البراءات، مشددين على أن إعادة المحاكمات ممكن ولكن بشكله القانونى وليس بتدخل من الرئيس. واعتبر المحامى ممدوح إسماعيل، النائب البرلمانى السابق، أن السبب فى البراءات التى حصل عليها المتهمون فى قضية "موقعة الجمل" أيادٍ خفية تصر على تأدية خدمات للنظام السابق وأتباعه من الفاسدين والقتلة، معتبرًا أن ما حدث مهزلة حقيقية، وأن السبب فيها المجلس العسكرى الذى أدار البلاد بنفس طريقة سابقه، وانتقم ممن خرجوا على الفساد.. وطالب إسماعيل جهاز المخابرات العامة المصرية بإخراج ملفات وأدلة قتل الثوار من أدراجه، معبرًا عن أمله فى لجنة تقصى الحقائق التى شكلها الرئيس محمد مرسى، وقال: لو قدر لها أن تحصل على معلومات دامغة بخصوص الجرائم التى ارتكبت فسيتم إعادة المحاكمات وبشكل جديد وسيثأر الشهداء لحقوقهم، ولكن لابد أن تكون الأدلة بالفعل تؤكد مشاركة الأشخاص فى قتل الثوار، مؤكدًا أن ذلك ليس صعبًا. وأكد محمد الدماطى، مسئول لجنة الحريات بنقابة المحامين، أنه وفقًا لمبدأ الفصل بين السلطات فإنه لا يجوز للرئيس محمد مرسى أن يأمر السلطة القضائية بفتح التحقيق وإعادة المحاكمات باعتباره رئيس السلطة التنفيذية، مؤكدًا أن ذلك من اختصاص النيابة العامة بأن تطعن فى قرار المحكمة، وليتم إعادة المحاكة أمام دائرة جنايات أخرى وبأدلة جديدة، متوقعًا أن تضيف اللجنة التى شكلها الرئيس جديدًا فى القضية.. وأوضح أن السبب الرئيسى فى المهازل التى تحدث من سلسلة البراءات المتواصلة حتى الآن فى 23 قضية لقتل المتظاهرين على مستوى الجمهورية هو الذى كان يتولى حكم البلاد أثناء الفترة الانتقالية، وهو المجلس العسكرى والذى تخاذل فى مد النيابة بالأدلة، مشيرًا إلى أن النيابة اتهمت الأجهزة الأمنية العامة والمعاونة بالتقاعس عن إثبات قتل المتظاهرين والتقصير فى قضية الرئيس المخلوع حسنى مبارك. وأضاف الدماطى أن قضاة التحقيق أو مندوبى وزارة العدل هم الذين كانوا منوطين بجمع المعلومات وإثبات التهم فى قضية قتل المتظاهرين بموقعة الجمل، ولم يكن للنيابة أى دور، لذلك فالمحكمة لم تقصر وعلى النائب العام أن يطعن فى القرار، وتبدأ لجنة تقصى حقيقية بتقديم أدلة قوية لمحاكمة قتلة المتظاهرين. وقال المستشار زكريا عبد العزيز، رئيس نادى القضاة الأسبق: إن هناك مؤامرة تحدث لإخفاء الأدلة وطمس الحقائق، والوصول إلى ما نراه الآن من براءات لهؤلاء المتهمين، مشيرًا إلى أنه يمكن للجنة تقصى الحقائق المشكلة لما لها من مساحة الحرية والحركة أن تبحث عن الأشرطة والتسجيلات الموجودة لدى التليفزيون المصرى والمتحف المصرى والجامعة الأمريكية، وكذلك البحث عن أصحاب الجمال والخيول التى استخدمت لسؤالهم عن المحرض على ذلك. ورفض الدكتور عاطف البنا، الفقيه الدستورى، التعليق على الحكم قائلاً: "هذا قرار محكمة، وأنا لم أطلع على الوقائع ودفاع المتهمين والمدعى وغيرها"، مشددًا على أن المحكمة بريئة من تهمة التواطؤ، لأنها منوطة بإصدار الأحكام من خلال الأوراق التى تمتلكها، مؤكدًا أنه فى حالة عدم ثبوت الوقائع والأوراق فلا لوم على النيابة لأنها قدمت ما لديها من أدلة، وليس للرئيس أن يتدخل لطلب إعادة المحاكمة.