أعرب مركز سواسية لحقوق الانسان ومناهضة التمييز عن إدانته الشديدة لما نشر في صحيفة "شارلي ايبدو" الفرنسية من رسوم تسيء للرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك بعد أقل من أسبوع على الازمة التى أثارها إذاعة فيلم يسيئ للنبي صلي الله عليه وسلم في أمريكا، ما يعنى أن هناك تعمد في الاساءة، ورغبة في إستثارة مشاعر المسلمين، وبث فتيل الفتنة وبينهم وبين أصحاب الديانات الاخرى في المجتمعات الغربية. وأضاف أنه لم يعد مقبولا التحجج بحرية الرأي والتعبير لتبرير تلك الاساءات المكررة، واستخدامها وسيلة للتعدى على الرموز والمقدسات الدينية لاصحاب الديانات الاخري. وأشار إلى أن هذا الأمر يمثل مخالفة صريحة للمواثيق والاعراف الدولية المعنية بحقوق الانسان، والتى تؤكد أن مسألة الحريات ليست متروكة بالكامل من دون ضوابط وقوانين، بل هي وإن كانت في ظاهرها مطلقة، فإنها مقيدة بضوابط قانونية تحميها من التعارض مع قواعد الأخلاق والمصالح العامة وحقوق الآخرين والقوانين الداخلية والدولية. وأكد أن هذه الاساءة تمثل مخالفة صريحة لميثاق الأممالمتحدة الذي أكد في ديباجته على أن الهدف من هذا الميثاق هو "تطبيق التسامح بين الشعوب لتحقيق وحدتها"، وأضاف في المادة 3 (1) من الميثاق "أن من الأهداف الرئيسية لإنشاء منظمة الأممالمتحدة "تشجيع احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع من غير تمييز ضد العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين". كما نص إعلان مبادئ القانون الدولي الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بالقرار رقم 2625 "1970" على أنه "ينبغي على الدول أن تتعاون في ما بينها لتعزيز الاحترام الدولي ومراعاة حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع ولإزالة التعصب الديني"، وواضح أن الاعتداء على الأنبياء الذين يمثلون رموز الأديان أمر لا يعين على إزالة التعصب الديني، بل غالبا ما يكون سببا في زيادته. ليس هذا فحسب، بل وحسب نص المادة 18 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان، والميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية يتعين أن تكون حرية التعبير حول الأديان مقيدة بضوابط الأخلاق العامة". وجاء تأكيد لهذا المعنى الأخير في المادة 9 (2) من الميثاق الأوروبي لحقوق الإنسان، إذ نص على أن "حرية التعبير عن الأديان يجب أن تكون مقيدة بضوابط القانون التي تحقق المصالح العامة لحماية الحياة والأخلاق والحقوق والحريات ولحماية حقوق الآخرين". وأكد أن ذلك يوجب على الدولة التي يحدث فيها أي نوع من أنواع الاحتقار الديني أن توقف تلك الإهانات بصفتها انتهاكا للقانون الدولي، كما بينت ذلك المادة 4 من الإعلان السابق الذكر من أنه "يجب على جميع الدول أن تأخذ الخطوات الكفيلة بمنع وإزالة التعصب المبني على أسس دينية أو عقائدية"، وبالتالي فإن المسئولية القانونية الدولية للدولة تلزمها باتخاذ إجراءات معينة ضد الإهانات التي تلحق بالأديان. وحذر المركز من تكرار تلك الاساءات بشكل متعمد، خوفا من نفاذ صبر المجتمعات العربية والاسلامية، خاصة وان الامر بدا فيه شبهة استهتار بالقيم وبالرموز الاسلامية، ومحاولة لتأجيج غضب الشعوب الاسلامية. وأضاف أن من يقوم بهذه الافعال اشخاص غير مسئولين، يسعون للإضرار بأمن واستقرار المجتمعات الامنة، وإثارة العنف الطائفي بين أبناء البلدة الواحدة، دون مراعاة للقيم والمبادئ الانسانية المتعارف عليها. وطالب المركز بضرورة قيام فرنسا بتقديم اعتذار رسمي عن هذه الاساءة، وتقديم مرتكبيها للمحاكمة العاجلة، حتى يكونوا عبرة لغيرهم، وحتى لا تتكرر تلك الاساءات في المستقبل مرة أخرى، بشكل قد يضر بالعلاقات المشتركة التى تربطها بالدول العربية والاسلامية. كما طالب المركز الاممالمتحدة ومجلس الامن ومن منطلق دورهم في حفظ السلم والامن الدوليين بضرورة اصدار قانون رادع يجرم الاعتداء على الاديان. وأخيرا طالب المركز الازهر الشريف والمؤسسات الاسلامية في مختلف دول العالم العربي والاسلامي بضرورة بذل كافة الجهود الممكنة لنشر حقيقة الاسلام في المجتمعات الغربية، وبيان الاهداف السامية التى يدعو اليها، لقطع الطريق على مسعري النيران الذين يستغلون جهل الشعوب بالاسلام لبث هذه السموم القاتلة.