أعلنت وزارة المالية، اليوم، إلغاء التعامل بسعر الدولار الجمركي ليصبح التعامل على جمارك السلع المستوردة وفقًا لسعر الدولار في البنك المركزي وذلك بداية من الأول من سبتمبر الجاري، ما أثار تساؤلات حول أثار ذلك القرار على أسعار السلع والمنتجات وكذلك دوافع ومبررات الإلغاء. وأوضحت الوزارة، أن القرار جاء عودة للأصل العام المقرر طبقًا لقانون الجمارك، نتيجة لزوال الظروف الاستثنائية التي جعلت الحكومة تتعامل بالدولار الجمركي، ولكن الآن استقرت أسعار العملات الأجنبية المعلنة من البنك المركزي، وتقاربت مع أسعار الدولار الجمركي. وبحسب بيان لها، أضافت أن تثبيت سعر الدولار الجمركي خلال الفترة الماضية، كان قرارًا استثنائيًا بهدف تحقيق نوع من الاستقرار في أسعار السلع بالسوق المحلية في أعقاب تحرير سعر الصرف، وتذبذب أسعار الدولار والعملات الأجنبية الأخرى، مشيرًة إلى أن الأشهر الماضية شهدت استقرار أسعار العملات الأجنبية، ومن ثم تقارب سعر الدولار الجمركي مع أسعار صرف العملات المعلنة من البنك المركزي. وأشارت إلى أن أيام الأجازات الرسمية والعطلات سيتم التعامل خلالها وفقًا لسعر الإقفال المعلن من البنك المركزي للعملات الأجنبية في آخر يوم عمل سابق على تاريخ تسجيل البيان الجمركي. وكانت المالية في أول أكتوبر 2018، قررت تثبيت أسعار الدولار الجمركي عند مستوى 16 جنيهًا، فيما قررت أول ديسمبر 2018 تحرير سعر صرف الدولار الجمركي على السلع غير الأساسية، واستمرار تثبيته عند مستوى 16 جنيهًا للسلع الأساسية فقط. الدكتور يسرى طاحون، أستاذ الاقتصاد بجامعة طنطا، قال إن القرار ليس وقته الآن على الإطلاق، لا سيما أنه سينتج عنه مشكلات كثيرة، فضلًا عن كونه سيؤدي إلى زيادة الأعباء على المواطنين. وفي تصريحات إلى «المصريون»، أضاف «طاحون»، أن القرار سيؤدي إلى زيادة أسعار كافة المنتجات والسلع التي يتم استيرادها من الخارج، حيث سيقوم المستورد برفع الأسعار، وبالتالي سيرفع التجار الأسعار، ما يعني أن من سيتحمل الزيادة وتبعات القرار هم المواطنين أو المستهلكين النهائيين. وأشار إلى أن القرار سيؤثر على التضخم، حيث سترتفع نسبته، متابعًا: «التضخم الآن مرتفع بشكل ملحوظ وليس له أسباب في أحيان كثيرة، لكن بعد ذلك القرار سيكون ذلك أحد أسباب ارتفاع التضخم». وبحسب الخبير الاقتصادي، فإن أسعار السيارات ستعاود الارتفاع من جديد بعدما شهدت أسعارها الفترة الماضية انخفاضًا بعد حملة خليها تصدي، متوقعًا أن يكون القرار أحد شروط صندوق النقد الدولي. وقال الدكتور يمن الحماقي، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، إنه ليس من المستحب اقتصاديًا أن يكون هناك سعرين فهذا ضد الرشد الاقتصادي، منوهة بأن المالية اتخذت القرار استنادًا إلى استقرار سعر الصرف. وأضافت ل «المصريون»، أن الهدف من قرار تثبيت سعر الدولار الجمركي كان المحافظة على أسعار السلع الأساسية وأن تبقى بدون ارتفاع، خاصة بعد قرار تعويم الجنية الذي أدى إلى رفع الأسعار، موضحة أن الدولة كانت تحاول تقليل تأثير ذلك على أسعار السلع. ولفتت إلى أن السياسة الاقتصادية لابد أن تركز على تحقيق الاستقرار، حتى لا تحدث أية مشكلات إذا ما ارتفعت الأسعار، مشيرة إلى أن الاستقرار لن يتحقق إلا بالصناعة وزيادة التصدير. ورجحت أنه إذا حدث ارتفاع في أسعار الدولار فإن ذلك سيؤدي بالطبع إلى زيادة الأسعار، وسيكون له مخاطر، مشددة على ضرورة تحقيق الاستقرار؛ حتى يمكن تلافي ذلك. فيما، قال عماد قناوي، رئيس شعبة المستوردين بغرفة القاهرة التجارية، إن قرار إلغاء الدولار الجمركي سيؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية في السوق المصري. وأضاف «قناوي»، في تصريحات صحفية، أن القرار سيخلق تذبذبًا بين أسعار السلع التي سيحاسب عليها المستوردون جمركيًا، وبالتالي اختلاف تكلفة استيراد نفس السلعة مع اختلاف سعر الصرف من وقت لآخر، وهو ما سينعكس في النهاية على تذبذب أسعار نفس السلع بين تاجر وآخر في الأسواق. إلى هذا، علق الخبير الاقتصادي الدكتور رشاد عبده، على نتائج قرار مصلحة الجمارك المصرية بتحرير سعر الدولار الجمركي، والعمل بالسعر الحر الذي يحدده البنك المركزي المصري، قائلًا: «هناك فارق بين سعر الدولار الجمركي الذي تم إلغاؤه والسعر الحر يصل إلى 40 قرشًا». وأضاف «عبده»، في تصريحات متلفزة، أن قرار مصلحة الجمارك يؤدي لارتفاع أسعار السلع الأساسية، مطالبًا الحكومة بالقيام بدورها في مواجهة جشع التجار، وتفويض لجنة للتنسيق مع اتحاد الصناعات والغرف التجارية والمستوردين لضمان عدم وجود تحريك في أسعار السلع الأساسية. وأكد أنه يجب أن يكون هناك حس سياسي لقرار إلغاء سعر الدولار الجمركي، بتخفيض الجمركي للأسعار الأساسية مثل لبن الأطفال؛ حتى يسعد المواطنين بالقرار. وأكد الدكتور مصطفي أبو زيد، مدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية، أن قرار تحرير سعر الدولار الجمركي سبتمبر 2019 والتي تشمل كافة السلع، سيكون له تأثير على زيادة أسعار مدخلات إنتاج السلع الأساسية وبالتالي زيادة أسعار السلع والمنتجات التامة بما يقدر من 5? إلى 10? . وأضاف أن سعر الدولار الجمركي في مصر، سيؤدي إلى زيادة فاتورة الواردات بما يؤثر بالسلب على حجم الاحتياطي الأجنبي لدى البنك المركزي. وطالب في تصريحات، استثناء واردات السلع ذات القيمة المضافة والتي يحتاجها السوق المصري من قرار تحرير سعر الصرف الجمركي 2019، خاصة في ظل توجه الحكومة لتعميق التصنيع المحلى والحفاظ على تنافسية المنتجات المصرية. مدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية، أوضح أن هناك جانبًا آخر من القرار من شأنه التأثير على حجم الصادرات المصرية والتي تستهدف الحكومة المصرية إلى 55 مليار دولار. من جانبها، قالت رضوى السويفي رئيسة قسم البحوث ببنك الاستثمار فاروس، إن إلغاء الدولار الجمركي على السلع الأساسية يعتبر نهاية للمرحلة الانتقالية التي كانت تهدف لتخفيف حدة التضخم على السلع الأساسية، عبر تحديد سعر أقل يتم بناءً عليه تقييم السلع جمركيًا وبالتالي الرسوم المفروضة عليها. وأضافت «السويفي»، أن استمرار الدولار الجمركي لم يعد له داعِ؛ لأن سعر الدولار في البنوك أصبح قريبًا من سعر الدولار الجمركي للسلع الأساسية خلال الشهور الأخيرة، وذلك بعد التراجع الذي حدث لسعر الدولار أمام الجنيه في الشهور الأخيرة.