الحوار الصحفى مع الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح صعبٌ للغاية، لأنه شخصية متحفظة فى تصريحاتها جدًا وأقل رغبة فى الصدام أو المباشرة أو الصراحة فى المعارك السياسية، هو نمط مختلف عن الشيخ حازم أبو إسماعيل، ولذلك يصبح انتزاع تصريحات منه أو جذبه إلى منطقة ساخنة بالغ الصعوبة، وفى الحوار الذى أجرته معه صحيفة "المصريون" ونشرناه قبل عدة أيام سألناه الكثير من الأسئلة التى أجاب عنها كلها ولم يمتنع عن واحد منها، لكنه كان حذرًا جدًا فى الإجابة، سألناه عن أسباب إخفاقه النسبى فى الانتخابات الرئاسية رغم أنه كان المرشح الأوفر حظًا فى الجولة الأولى، فأجاب بأن "النيران الصديقة" أساءت إليه كثيرًا، دون أن يحدد ما هى تلك النيران الصديقة، سألناه: قلت إن ثلاث جبهات وقفت ضدك بصورة عنيفة فى الانتخابات، ذكرت اثنتين ولم تذكر الثالثة لماذا، ومَن هى؟ رفض أن يفصح عن تلك الجبهة الثالثة التى خاضت الحرب ضده فى الجولة الأولى، ولكنه قال إن "مجموعة 65" فى جماعة الإخوان كان لها موقف شديد السلبية منه، فى الحقيقة هو قال وصفًا آخر لتلك المجموعة، لكنه بعد يومين، وقبيل النشر أرسل لنا طلبًا بتغيير الصفة إلى "مجموعة 65"، سألناه عن أسباب رفضه لعرض الرئيس محمد مرسى أن يكون نائبًا له أو يكون جزءًا من الفريق الرئاسى، فاستغرب هذا الكلام وأكد أن أحدًا لم يعرض عليه شيئًا، وبالتالى هو لم يرفض شيئًا، قلنا له إن قيادات الحرية والعدالة يفسرون استبعاد شخصيات كبيرة من الفريق الرئاسى بأنهم كانوا يعتذرون ويرفضون فأكد أن هذا الكلام غير صحيح، فقلنا له: ولكنك خضت المعركة فى الجولة الثانية بكل قوة إلى جانب الدكتور مرسى حتى أنك كنت تجوب المحافظات للدعوة لانتخابه وكأنك فى فريقه الانتخابى، فأنت شريك فى هذه النتيجة فبماذا تفسر عدم عرض الرئيس عليك أى مشاركة فى فريقه الرئاسى، قال: كنت أخوض معركة إنقاذ الوطن وكان لا بد من التكاتف لكسر شوكة النظام الديكتاتورى والفلول التى احتشدت خلف أحمد شفيق فكان لا بد أن نتسامى على الخلافات أو الحسابات الصغيرة، قلت له: ماذا قال لك الرئيس مرسي بعد إعلان النتيجة، سكت وابتسم بشكل أقرب للسخرية فسكتنا، فاستشعر حيرتنا فأكمل: الدكتور محمد مرسي كان يتصل بي يوميًا طوال جولة الإعادة، أما بعد أن دخل القصر الجمهوري فلم يتصل بي مرة واحدة حتى الآن، اندهش جميع الزملاء الحاضرين وسألوا: حتى ولو باتصال هاتفي مجاملة للشكر، فأعاد تأكيد كلامه: لم يتصل بي لا هو ولا أي شخص من رئاسة الجمهورية، كانت المفارقة التي أزعجت الزملاء جدًا أن الإجابة أتت في أجواء اهتمام رئاسة الجمهورية بالاتصال بفنانين ومطربين وممثلين من الفلول لتطييب خاطرهم وصناعة جسور الود معهم، لم يعطِ الدكتور أبو الفتوح برنامجًا محددًا لخريطة تحالفاته فى الانتخابات البرلمانية المقبلة ولكن كلامه كان يعنى أنه سيشكل جبهة من الأحزاب الجديدة الأقرب إلى الوسطية السياسية مثل حزب الوسط وحزب العدل وحزب مصر القوية الذى أكد أنه انتهى من جمع عشرات الآلاف من التوكيلات لإشهاره قريبًا، وعندما سألناه عن فرضية تدشين انتخابات رئاسية عقب الانتهاء من الدستور الجديد، قال إن العرف السياسي يقتضي ذلك، ولكنه شخصيًا يرفض هذا الأمر ويميل إلى أن يكمل الدكتور مرسي مدته الرئاسية؛ لأن ذلك ضمان لاستعادة الأمن وتعافي الاقتصاد الوطني، عبد المنعم أبو الفتوح قيمة وطنية كبيرة، ومشروعه السياسي من أهم المشروعات المطروحة الآن إلى جوار مشروع الحرية والعدالة والنور والبناء والتنمية فى الحالة الإسلامية، وسيضاف إليهم قطعًا المشروع الذى يرعاه الشيخ حازم أبو إسماعيل الذي من المرجح أن يكون له حضور شعبي كبير، وهناك مشروع حمدين صباحي وعمرو موسى في الجناح الناصري والليبرالي، وفي تقديري أن الخريطة السياسية في البرلمان المقبل لن تخرج عن هذه القوى. [email protected]