اعترض حزب المؤتمر الوطني السوداني، الحاكم سابقًا في فترة رئاسة عمر البشير، "وثيقة دستورية" تمهد للمرحلة الانتقالية، واصفًا إياه بأنها "ثنائية وتقصي كل المكونات السياسية والاجتماعية للبلاد". وأشار الحزب في بيان نشرته وكالة أنباء "الأناضول" إلى أن الوثيقة "تعقد مستقبل الفترة الانتقالية، وستشوبها ممارسات سياسية متوقعة تقوم على الإقصاء والعزل والشمولية"، متابعًا: تجاوزت الوثيقة الدستورية، دستور 2005، الذي جاء بإجماع كل الأحزاب السياسية بدون استثناء". ومضى بيان حزب البشير بقوله "على خلاف تأكيد دستور 2005 على مرجعية الشريعة الإسلامية في التشريع، نجد أن الاتفاق سكت عن ذلك، تاركا المجال واسعًا أمام توجهات علمانية مطروحة في الساحة هي الأبعد عن روح الشعب وأخلاقه". وأشار الحزب إلى أن "الاتفاق عمد إلى تغيير نظام الحكم من نظام رئاسي إلى نظام برلماني بدون أي تفويض شعبي عبر برلمان منتخب، بما ينذر بحجم الانتهاكات المتوقعة في مجال الحريات العامة والنشاط السياسي، ويقود البلاد إلى نظام ديكتاتوري مستبد". وأكد الحزب أن أي وثيقة تسمى دستورية تفشل في الفصل الواضح بين السلطات السيادية والتشريعية والتنفيذية والقضائية، والتي هي من أبجديات علم السياسة والفقه الدستوري لهي وثيقة لا تستحق الإطلاع عليها، فضلاً عن اعتمادها لحكم فترة انتقالية متطاولة". وقال حزب المؤتمر إن الاتفاق "يمضي في ذات النهج الدكتاتوري في تشكيل مجلس تشريعي بأغلبية من لونية سياسية واحدة، وإن تعددت وجوهها ولافتاتها، دون أي انتخابات أو تفويض، لتصادر سلطة الشعب في التشريع، عبر قوانين ذات طبيعة سياسية بما يتوافق مع أجندتها الحزبية في تصفية حساباتها". ووصف البيان ذلك بأنه "تجاوز وعزل واضح للعديد من القوى السياسية الوطنية ذات التاريخ العريق والدور الوطني البارز، بخلاف ما هو متعارف عليه في الفترات الانتقالية ومهامها". وحمل حزب المؤتمر الوطني "المجلس العسكري، الذي يتولى مقاليد الأمور في البلاد، مسئولية تسليم السلطة إلى حكومة مدنية منتخبة بنهاية الفترة الانتقالية". وأكد حزب البشير عدم رغبته بالمشاركة في أي مستوى من مستويات الحكم في الفترة الانتقالية، بسبب ما أطلق عليه "اعتبارات معروفة". واستدرك "لكننا في ذات الوقت نؤكد أننا سنمد أيادينا بيضاء لكل من يعمل لمصلحة البلاد العليا، وسنكون ضد أي قوة تهدف للنيل من استقلال البلاد واستقرارها". وكان الوسيط الأفريقي إلى السودان، محمد حسن اللباد، قد أعلن في مؤتمر صحفي عقده في الساعات الأولى من صباح أمس السبت، إن المجلس العسكري السوداني وقوى الحرية والتغيير المعارضة اتفقا على وثيقة دستورية كاملة تمهد للتوصل لحكومة انتقالية في البلاد. وأضاف اللباد، أعلن للرأي العام السوداني والوطني والدولي والأفريقي أن الوفدين اتفقا اتفاقًا كاملاً" على الوثيقة الدستورية. وكان المجلس العسكري وقوي الحرية والتغيير في السودان اتفقا برعاية الاتحاد الأفريقي على إقامة مجلس سيادي تكون رئاسته بالتناوب لمدة ثلاث سنوات أو تزيد قليلاً، وتشكيل حكومة مدنية من كفاءات مستقلة برئاسة رئيس وزراء مستقل، وإرجاء إقامة المجلس التشريعي إلى ما بعد تشكيل الحكومة. ويشهد السودان أزمة سياسية منذ عزل الرئيس السابق عمر البشير في 11 أبريل الماضي إثر احتجاجات شعبية، لتستمر الاحتجاجات ضد المجلس العسكري الذي تسلم السلطة للمطالبة بنقلها للمدنيين.