من أجل تحقيق الحلم.. ارتفاع التنسيق يفتح شهية الطلاب للجامعات الخاصة مصروفات «الأمريكية» 143226 جنيهًا مصريًا لكل ترم للمصريين رئيس قطاع التعليم: "انصح ابنك ومتضغطش عليه.. كل طالب يعرف الكلية التى سيدخلها" طالبة: «السكرى ارتفع عند والدى إلى 450 بعد ظهور المرحلة الأولى» برلمانية: «ارتفاع نسبة المجموع يرجع إلى الغش.. وغير مقبول أن يستوى المجتهد والغشاش» خبيرة تعليمية: «التنسيق مُحكم بالعدد الذى تطلبه الكليات» لا شك أن طلاب الثانوية العامة بَذَلُوا رفقة أهلهم كلَّ جهد من أجل تحقيق أحلامهم فى اختيار الكلية المناسبة، وبالتحديد كليات القمة لبناء مستقبل أفضل، والتخلص من العبء المادى الثقيل المرهق لميزانية كل أسرة مصرية، والحديث هنا عن مصاريف الدروس الخاصة للتعليم الثانوي، إلا أن ذوى الطالب قد يُفاجأوا بعد معاناة استمرت أكثر من عام بأنه لا يجد مكانًا له فى هذه الكليات؛ بسبب ارتفاع التنسيق، ما يسبب له آثارًا نفسية وقتل أحلامه وطموحه الذى انتظره، وبالتالى يلجأ إلى الجامعات الخاصة حتى لا يهدم ما بناه على مدار السنوات الماضية، وبالتالى يكون عبئًا جديدًا واستنزافًا جديدًا وضغطًا جديدًا على عواتق أولياء الأمور. ولسوء حظ دفعة 2019، فقد أعلنت وزارة التعليم العالي، الحد الأدنى لتنسيق المرحلة الأولى للجامعات لهذا العام، وبدأ تنسيق المرحلة الأولى فى علمى علوم من 97.07%، وعلمى رياضة من 95%، والأدبى 80% وبدأ التسجيل للمرحلة من الأحد 21 يوليو حتى الخميس 25 يوليو. وأشارت المؤشرات الأولية تخطى الحد الأدنى للقبول بكليات الطب حاجز ال 98%، ليكون واقعا بين 98.2% إلى 98.5%، وبالتالى ارتفاع الحد الأدنى للقبول بكليات طب الأسنان ليتراوح بين 97.8% و98% والصيدلة بفارق صغير يصل إلى درجة واحدة عن الحد الأدنى لكليات الأسنان، كما أوضحت المؤشرات أنه من المتوقع ارتفاع الحدود الدنيا للقبول بكليات الهندسة من 4 إلى 6 درجات عن العام الماضي. الجامعات الخاصة بين الماضى والحاضر وظهرت الجامعات الخاصة كبديل للجامعات الحكومية فى تسعينيات القرن الماضي، وكان الأمر أشبه بجريمة يرتكبها الطالب أو عار يخفيه بأنه فشل فى أن يكون طبيبًا أو مهندسًا، بمجهوده وعلمه فلجأ إلى أموال والده ليحقق حلمه، قبل أن يتحول الأمر فى السنوات القليلة الماضية إلى "شو" وسبيل من سبل الفخر والوجاهة من الآباء المقتدرين ماديًا بالتحديد ومن أبنائهم، ومع الوقت أُرغمت بقية الطبقات المصرية إلى اللجوء للجامعات الخاصة، حيث يجدون فيها فرصة ليتعلم الطالب ما يحبه حتى لو لم يوفق فى الالتحاق بما يحب بالجامعات الحكومية، لتمثل له طوق نجاة، وأن هناك نوعيات من المجالات الجديدة موجودة فى الجامعات الخاصة غير موجودة فى الحكومية. كل ذلك أدى إلى زيادة الجامعات الخاصة، والدليل على ذلك ما أعلنه الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء فى نشرته السنوية الأخيرة أن هناك 2 مليون و2012 طالبًا مقيدين فى الجامعات الحكومية والأزهر بنسبة 74.1% من إجمالى طلاب التعليم العالى فى عام 2017/ 2018، مقابل 2.274 مليون طالب فى عام 2016/ 2017 بنسبة انخفاض قدرها 2.7%. بينما كان هناك 170 ألف طالب مقيدون فى الجامعات الخاصة يمثلون 5.7% من إجمالى طلاب التعليم العالى عام 2017/2018، مقابل 154.8 ألف طالب فى عام 2016/ 2017 بنسبة زيادة قدرها 10.1% عن العام الماضي. مصاريف خيالية وبإلقاء نظرة على مصاريف بعض الجامعات الخاصة لهذا العام فسوف يصاب البعض بصدمة بينما يراها القليل مجرد «فكة»، فمثلا «الجامعة الأمريكية» والتى حددت قيمة المصروفات ب143226 جنيهًا مصريًا لكل ترم وذلك للطلبة المصريين، والطلبة غير المصريين عليهم دفع مصروفات الجامعة الأمريكية بالدولار الأمريكى 14556 دولارًا لكل ترم، أما «الجامعة الألمانية» بالقاهرة حددت مصاريف كليتى الهندسة والصيدلة ب193 ألف جنيه مصري، ومصاريف كلية الفنون التطبيقية 2018 كانت 60 ألف جنيه، ومصروفات جامعة «مصر للعلوم والتكنولوجيا MUST » للعام الدراسى الجديد جاءت كالتالي: كلية الطب البشرى 85 ألف جنيه، وطب الأسنان 63 ألف جنيه، والصيدلة 52 ألف جنيه، وكلية العلاج الطبيعى 45 ألف جنيه، وكلية التكنولوجيا الحيوية 30 ألف جنيه، والتمريض 16 ألف جنيه، وعلوم طبية 29 ألف جنيه، وكلية الهندسة 41 ألف جنيه، وجاءت مصروفات جامعة «الأهرام الكندية» كالآتي: كلية طب الفم والأسنان 62 ألف جنيه، والصيدلة 52 ألف جنيه، الهندسة 42 ألف جنيه، وكلية إدارة الأعمال 3 آلاف جنيه، وكلية الإعلام شعبة صحافة 30 ألف جنيه وشعبة إنجليزية 32 ألف جنيه. الوزارة تحذر وطالبت الوزارة الطلاب بالرجوع إليها أو لموقعها الإلكترونى http://www.egy-mhe.gov.eg أو المجلس الأعلى للجامعات، أو الموقع الإلكترونى للجامعات الخاصة للاستفسار عن الجامعات والكيانات غير المعروفة لهم. مأساة الطلاب وروت الطالبة «حبيبة. ش» مأساتها مع التنسيق هذا العام، قائلة: "مجموعى 95%، وحلمى الوحيد كلية أو معهد تمريض نظرا لعدم قدرة والدى المادية، العامل البسيط، على مصاريف الطب، واجتهدت وعملت على تحقيق ذلك الحلم من أجل مستقبلى وأيضا لمساعدة أهلى فى تربية وتعليم إخوتى من خلال ضمان وظيفة محترمة عقب التخرج مباشرة". وأضافت ل«المصريون»: «كانت صدمة عمرى عندما ظهرت نتيجة المرحلة الأولى ولم ألحق بها وكان من ضمن الكليات الموجودة بالمرحلة "التمريض"، فشعرت بانسداد الأفق وضياع كل شيء، فلا أنا طبيبة ولا ممرضة، ووادى مصاب بالسكرى وارتفع إلى 450 فى هذا اليوم، والآن أمامى خياران، إما دخول تمريض خاص وهو ما يرفضه أبى لعدم توافر الأموال، أو التخلى عن حلمى نهائيا ودخول كلية علوم أو أى كليه أخرى». وتحدث «م غالي» طالب آخر ل«المصريون»: «والدى فلاح، وأنا أساعده فى العمل بأرضنا ورغم ذلك لم أقصر فى دراستى ومذاكرتي، وبالفعل نجحت بتفوق فى الثانوية العامة، بمجموع 96.7% علمى علوم، وعندما علم أخى الأكبر بالنتيجة احتفى بى كثيرًا ووزع مشروبات باردة ومياها غازية، على أهل القرية، وبارك الجميع لأبى مؤكدين أننى سوف أدخل كلية الطب أو الصيدلة أو التمريض». وتابع: «ولكن الرياح تأتى بما لا تشتهى السفن عندما علمنا بنتيجة المرحلة الأولى والتى تشمل كل الكليات التى أتمنى الالتحاق بها، وأننى لم ألحق بها، شعرت للحظه بأننى توفيت أو غبت عن الحياة للحظات، وليس أمامى الآن إلا الجامعات الخاصة، ولا أخفى عليك حسرة أهلى وبالتحديد أبى الذى كان يعقد على أمالا كبيرة، بعد أن فشل أخى الأكبر فى الالتحاق بكليات القمة، ولكن ما يشغلنى هنا كيف أفاتح أبى بأننى أريد دخول كليات خاصة، وأقنعه بذلك خاصة بعد ما عرفت الأسعار الخيالية. آراء الخبراء من جانبه، قال السيد عطا، رئيس قطاع التعليم والمشرف على التنسيق بوزارة التعليم العالي، إن الحد الأدنى للكليات مرتفع عن العام الماضي. وأوضح "عطا"، لبرنامج "رأى عام" على فضائية "ten "، أن عدد الحاصلين على مجموع أعلى من 95% مرتفع هذا العام مقارنة بالعام الماضى وهو السبب وراء ارتفاع مجاميع الكليات هذا العام. وأكد أنه لا يستطيع أحد التنبؤ بمجموع أى كلية إلا بعد انتهاء كل مرحلة، من مراحل التنسيق، بعد الانتهاء من الرغبات لا يستطيع الطالب تغييرها وتبديل الكليات لأن كل كلية تحتاج إلى عدد معين. ووجه السيد عطا رسالة مهمة لأولياء الأمور: "انصح ابنك ومتضغطش عليه"، مؤكدا أن كل طالب يعرف الكلية التى سيدخلها. وأكد عميد كلية التربية الأسبق بجامعة جنوب الوادى مصطفى رجب أن هناك خطأً فادحًا ارتكبه مكتب التنسيق بتقليله عدد المقبولين فى الجامعات الحكومية، ما صب فى مصلحة الجامعات الخاصة، وهو ما أجبر الأهالى على اللجوء للخاص. وأوضح قائلًا: «بعض الكليات تطلب من مكتب التنسيق على سبيل المثال 2000 طالب، يرسل إليهم 1500، فنجد أن عددا كبيرا من الطلاب حصلوا على مجاميع عالية، ولم يستطيعوا الالتحاق بالكليات الحكومية التى يرغبون فيها، فيضطر الأهالى إلى السلف والدين لإلحاق أبنائهم بجامعة خاصة». وفى السياق، قالت النائبة الدكتورة ماجدة نصر، عضو لجنة التعليم والبحث العلمى بمجلس النواب, إن الطالب الذى حصل على مجموع 95% يعتبر طالبا متفوقا, ولكن فى نهاية الأمر هناك تنسيق يحدد النسبة, خاصة أن نسبة هذا العام عالية ومرتفعة عن الأعوام الماضية. وأضافت "نصر"، ل"المصريون"، أنه من الممكن أن ترجع النسبة المرتفعة للحاصلين على 95% وأعلى؛ بسبب سهولة الامتحانات التى أتت فى متناول الجميع, وخلوها من المهارات والقدرات التى تحدد ذكاء الطالب عن زميله, أو ربما قد تكون بسبب الغش, وهنا نجد الطالب المجتهد قد تساوى مع طالب آخر لا يستحق المجموع الذى حصل عليه, مثلما حدث فى كفر الشيخ. وأوضحت عضو لجنة التعليم أنه بشكل عام لا بد من أن يتم تحليل هذا الأمر لمعرفة سبب ارتفاع نسبة النجاح من ناحية الامتحانات والرقابة. وأشارت إلى أن ارتفاع التنسيق لكلية الطب يقتل طموح الطالب المتفوق الذى اجتهد وذاكر وتحدى لكى يحصل على هذا المجموع، وفى المقابل يجد نفسه فى مكان آخر غير الذى حلم به, فى حين أن طالبًا آخر غير مجتهد حصل على مكان بكلية الطب. من جانبها، قالت الدكتورة فاطمة تبارك، الخبيرة التعليمية, إن نظام التنسيق الأكثر عدلًا فى مصر الذى من خلاله يدخل الطالب كلية الطب أو غيرها من الكليات دون واسطة أو تلاعب. وأضافت "تبارك"، ل"المصريون"، أن هناك العديد من الطلاب المتفوقين الحاصلين على مجموع عالٍ ولكن قد لا يحالفهم الحظ فى أن يلتحق بكلية معينة من كليات الطب, وهذا يرجع للتنسيق, ولكن قد يحالفه الحظ فى مكان آخر قد يكون أكثر مكانة من خريج كلية الطب, بعد انتهاء فترة الدراسة, موضحة أنه قد نجد طالبًا حاصلًا على 100% ويدخل كلية الطب ويفشل. وأشارت الخبيرة التعليمية، إلى أن كل كلية ولها عدد معين من الطلبة لذلك نجد التنسيق يحكم هذه المسألة من خلال مجموع الطالب, فقد تكون نصف درجة تحرم الطالب من دخول كلية الطب, وفى بعض الأحيان قد يدرس فى محافظة نائية لمجرد أنها قابلة مجموع الطالب. وأوضحت أن الكل يطمح لدخول كليات الطب لضمان تعيينه بعد التخرج بناءً على أمر التكليف, فى حين أن الراتب فى نهاية الأمر ضئيل, فى حين أن طالبًا آخر حاصلًا على 95% قد يلتحق على سبيل المثال بكلية العلوم أو التجارة ويجد فرصة عمل فى القطاع الخاص يكون أحسن حالًا من خريج كلية الطب. وطالبت الخبيرة التعليمية أولياء الأمور بالتحرر من هذا الفكر, وترك الطالب بأن يصنع مستقبله بنفسه, منوهة بأنه لا بد من أن تكون هناك توعية من قبل وزارة التعليم العالى والمجلس الأعلى للجامعات لوضع نقاط معينة بأن النماذج الناجحة من الممكن أن تكون فى أى مكان وليس كلية الطب. واقترح الدكتور محمد المرسى، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، أن تقوم الجامعات الحكومية بما تمتلكه من ثروة بشرية وتكنولوجية ومادية بإنشاء معاهد وكليات خاصة برسوم معقولة وبكفاءة تعليمية أعلى مما سيؤدى إلى حتمية تطوير هذه الكليات والمعاهد الخاصة وإلا لن تجد لها مكانًا فى إطار منافسة غير متكافئة مع المعاهد والكليات التى يمكن أن تنشئها الجامعات الحكومية.