أثار علم "الأمازيج" في مظاهرات الجزائر حفيظة رجال الأمن، واعتقلت الشرطة 20 رجلاً معظمهم من الشبان على مشارف ساحة البريد الكبرى بوسط العاصمة الجزائرية مركز الاحتجاجات الأسبوعية ضد النظام، بحسب ما أفادت مراسلة وكالة فرانس برس. وأوقف هؤلاء من قبل شرطيين بزي مدني أو ببزات نظامية كانوا منتشرين في محيط الساحة،ولم يكن الموقوفون يحملون يافطات أو أعلامًا. وأخذ الشرطيون بطاقات هويات الموقوفين وهواتفهم النقالة قبل نقلهم في عربات الأمن. ومع بداية التظاهرات أمس، لم يكن هناك على شرفات وسط العاصمة إلا العلم الوطني الجزائري. بينما سار آلاف الجزائريين في غالبية مدن البلاد في إطار «الجمعة ال18» للحراك الشعبي، بهدوء ومن دون احتكاك مع قوات الأمن، تعرض مقر حزب ذي توجه أمازيغي لحصار أمني بالعاصمة، قصد منع أنصاره من الخروج بالرايات الأمازيغية، التي تثير حساسية بالغة لدى قائد الجيش الجنرال أحمد قايد صالح. وشهدت شوارع العاصمة صباح أمس عملية كر وفر، لم تدم طويلاً بين قوات مكافحة الشغب ومتظاهرين يحملون راية الأمازيج، التي ترمز إلى خصوصية ثقافية، أحدثت انقساماً كبيراً بين الجزائريين. وأخضع رجال أمن بزي مدني المئات من المتظاهرين بالساحات العامة لتفتيش دقيق، بحثاً عن الراية المثيرة للجدل، والتي غطت في الأيام الأخيرة على الموضوع الأساسي للحراك، وهو رحيل الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح، ورئيس الوزراء نور الدين بدوي. وقالت الصحافية سهيلة حمادي، التي شاركت في مظاهرة أمس: «أحد أجمل الشعارات التي رفعت في الجمعة ال18: «ماكاش فتنة... عربي... قبائلي... خاوة خاوة». ومعناه «جزائري من أصل عربي أو أمازيجي، هما في النهاية إخوة». وهي إشارة إلى أن الجدل حول الراية لا ينبغي أن يفرق بين الجزائريين. وتحدث شهود عن عمليات توقيف في الشوارع المحاذية منذ الساعة السادسة صباحا. وذكروا أن عربتين للأمن غادرتا المكان باتجاه مخافر الشرطة وحل محل العربتين غيرهما. وسبق أن أوقفت الشرطة في أيام جمعة سابقة، العديد من الأشخاص قبل إطلاق سراحهم آخر النهار على بعد عدة كيلومترات من وسط العاصمة. ويتظاهر جزائريون منذ 22 فبراير كل يوم جمعة بكثافة في الشوراع خصوصاً في العاصمة، للمطالبة بتغيير "النظام" السياسي للبلاد. وكانت الشرطة متسامحة حتى الآن مع المتظاهرين وتكتفي إزاء كثافتهم بالعمل على احتوائهم في مربع محدد. والتظاهرات كانت محظورة تماما في العاصمة_الجزائرية منذ 2001. وتلقت قوات الأمن تعليمات للتأكد من عدم رفع المحتجين رايات أخرى غير العلم الوطني الجزائري، في إشارة خصوصا إلى الراية الأمازيغية. وقال سعيد بن طاهر (65 عاما) إنه سيتظاهر "لأول مرة مع راية أمازيغية وهي جزء من الهوية الجزائرية" إضافة إلى العلم الوطني. واعتبر فتحي، وهو سائق سيارة أجرة خمسيني، أن "مسألة العلم هذه غايتها تقسيم الشعب. شخصيا أتظاهر حاملا العلم الجزائري فقط". ويرى سائق آخر، يدعى كريم، أنه "يجب أن نكون موحدين لنحصل على الديمقراطية، باقي (القضايا) يسهل حلها لاحقا في دولة قانون". العلم الأمازيجي هو علم يرمز للأمازيج تم تصميمه من طرف موحند أعراب مسعود في إواضيين. في سبعينيات القرن الماضي قامت الأكاديمية البربرية بتقديم العلم إلى مجموع الجمعيات والمنظمات المدافعة عن حقوق الأمازيج بشمال أفريقيا. وفي عام 1998 تبنى الكونغرس العالمي الأمازيجي العلم بمدينة تافيرا بجزيرة لاس بالماس بجزر الكناري والتي تعرف تواجدا أمازيجيا منذ القدم تحت مسمى الغوانش. العلم يتكون من ثلاثة أشرطة أفقية بنفس العرض بثلاثة ألوان: الأزرق، الأخضر والأصفر. يتوسطه حرف الزاي بأبجدية تيفيناغ باللون الأحمر. كل لون يرمز لمنطقة في بلاد تمازغا أي شمال أفريقيا أو المغرب الكبير: الأزرق يرمز للبحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي. الأخضر يرمز للطبيعة والسهول والجبال الخضراء. الأصفر يرمز لرمال الصحراء الكبرى. أما حرف الزاي فهو باللون الأحمر الذي يرمز للحياة والمقاومة.