يذاع مسلسل "قيامة أرطغرل" الذي يتابعه الرئيس التركي السيد رجب أردوغان، على محطات تركية شهيرة وبعض المحطات في أمريكا الجنوبية وآسيا، وتنقل عنها بعض المحطات الإسلامية، ويشاهدها ملايين المتابعين من الأجانب والعرب، وبدأ شخصي المتواضع متابعتها مؤخراً ثم كتبت عنها مقال بعنوان "أرطغرل.. الرسالة المشفرة لأوروبا" أفردت من خلالها عشر رسائل توكيدية للمسلسل وأفكار تبدو بين السطور موجهة لأوروبا و الداخل التركي. ولفت انتباهي في الحلقتين السابقتين رسائل واضحة وغير مشفرة للحركات الإسلامية والمنتمين لها وعنوانها مختصر في الهتاف المكرر لجنود قبيلة "الكايي" وهو (إنتقام.. إنتقام)، وبما أن نصف المعلومة لا تكفي، فهناك أكثر من 7 مشاهد في حلقات مختلفة يظهر فيها عمليات إنتقام متبادل بين الأخ وأخيه والأخت وأخيها بأشكال مختلفة، كونهم خائنين للقبيلة، أو كون الأخ "يلعب بذيله" من خلف الكواليس مع جهات خارجية، وخصوصاً مشهد "بيبولات" رغم إظهار تدينه الشديد خلال الحلقات والبدء باسم الله قبل الطعام، وإعلانه الولاء لدينه وإلتزامه بالعقيدة، ولكن قام المخرج بإبراز وجهين متناقضين لهذا المجاهد الذي يحافظ على (الهدي الظاهر) ويشرب على مرات ثلاث، ولكن لديه وجه مظلم آخر لا يراه أحد، وهو ما يخالف آدابيات الجماعة أو القبيلة التي ينتمي لها، والأمر نسبي بين الأفراد ولا يعني التناقض التام بل هناك درجات من "تناقض الأفراد: ظهرت في حلقات المسلسل وهي رسالة مباشرة للتيار الإسلامي. ولكن حتى يظهر "بطل المسلسل" بمثالية المقاتل، فلابد أن يكسر يد أحد العوام لأن كلمة لم تعجبه، ويضرب بالسيف كلما أتيحت الفرصة، وقد نسي المخرج قول "عمر بن الخطاب رضي الله عنه" (إذا سمعت الكلمة تؤذيك فطأطئ لها حتى تتخطاك.. واعتزل عدوك ، وإحذر صديقك إلا الأمين)، لكن أرطغرل لا يتغافل عن شىء وينتقم ثم ينتقم !! يعلم مخرج مسلسل "قيامة أرطغرل" والمنتجين المقربين من الحكومة التركية، بأن هذا المسلسل سيتم ترجمته لعدة لغات وستقوم جهات باستنباط الرسائل والأفكار التي يبثها المسلسل في عقول وقلوب الناس، و أغلبها رسائل حماسية وعاطفية تجعل الناس تتحمس للدفاع عن الإسلام وهذا للإنصاف والأمانة، فضلاً عن الاختيار الموفق جداً للممثلين والديكورات والجهود المبذولة - طويلة الأجل، والقوالب التي ابتكرها فريق العمل للوصول لهذا المستوى العالمي، ولكن رغم ذلك فإن ما يلفت الانتباه تلك الرسائل القصيرة التي لا تبدو واضحة للبعض، فمثلاً أن تعطي الأخت إشارة "لقتل أخيها" هو رسالة تظهر أن انتماء الفرد إلى جماعة يجعله يخسر كل شىء مخالف لفكرته، حتى الأخ والأخت في سبيل بقاءه في موقع تنظيمي أو رئاسة أو سيادة، بعضهم يعتقد أن فكرته هي "الإسلام" وما دونها باطل وفاسد، ولكل فرد أن يفسر مستوى غدر وخيانة أقرانه ممن يخالفونه الرأي في بعض القضايا أو من دعاة السلم والتريث الذين يتم نعتهم "بالمهزومين والمتخاذلين" وخصوصاً بعد الأحداث الأخيرة والمظالم التي حدثت، وعلى كل أخت أن تجهز نفسها للإنتقام من المخالفين، وعلى كل أخ أن ينظر لعائلته الصغيرة ويدقق في إمكانية صناعة عدو وخصم داخلها هذه ضمن رسائل "المسلسل"، وأن يكون الفرد حاسماً وحازماً في رأيه السياسي ويقسم العالم إلى "حق وباطل" وعند اختياره للحق فعليه أن يثق الثقة الكاملة ويتغاضى عما يخالف طباعه وسلوكه، وأن ينظر للباطل نظرة احتقار، فهو "شر مطلق" ولا يجوز له البقاء ويحب سحقه، حتى وإن كان داخل معسكر الباطل الذي صنفه "أخت أو أخ أو ابن أو ابنة" عليك أن تهتف في كل خطوة "الإنتقام..الإنتقام"، رغم أن المنطقة في حاجة إلى (لم الشمل) وإحداث حالة من الهدوء والتريث وبعض الدول لابد فيها من مصالحات وتفاهمات، ولكن يبدو أن مخرج "قيامة أطغرل" له وجهة نظر أخرى. [email protected] www.Elkhodiry.com