عندما صرح وزير التعليم الهندي ساتيابال سينج Satyapal Singh في يناير 2018 بأنه " ينبغي عدم تدريس نظرية داروين في المدارس لأنها خاطئة و غير علمية ..كما أنه لم ينقل عن أجدادنا عن طريق الكتابة و لا بطريق المشافهة أنهم رآوا قردا تحول إلى إنسان ، مختتما تصريحه بقوله :" إنني رجل علم ، وقد تخصصت في الكيمياء و لا أتكلم إلا بعلم " .. عندما صرح بذلك أثار ضده عاصفة من الجدل في الصحف العالمية و العلمية واصفين ذلك بأنه (ردة علمية) و (حرب على العلم ).. و قد استخدمت تلك الصحف والمجلات لغة متعالية ومتغطرسة على الرغم من صدور عدة كتب علمية في السنوات العشر الأخيرة من علماء متخصصين في الكيمياء و الكيمياء الحيوية و الهندسة الوراثية وغيرها ..تدعو إلى رفض نظرية التطور، و التشكيك في بنيتها العلمية .. ومن هذه الكتب : - (شك داروين) Darwin's Doubt ل ستيفن ماير Stephen Meyer ، - (إبطال / دحض) نظرية التطور Refuting Evolution ل جوناثان سارفاتي Jonathan Sarfati ،( الذي أخطأ فيه داروين) What Darwin Got wrong ل جيري فودر ، - (محاكمة داروين) Darwin On Trial لفيليب جونسون ..وغير ذلك من الكتب حتى وصل الرفض للنظرية باتهامها بأنها ما هي إلا (عقيدة أيدلوجية ) يتبناها الملاحدة ويمارسون من خلالها ضجيجا وحرب إبادة ضد أنصار نظرية الخلق creationism أو التصميم الذكي Intelligent Design. وقد حاول بعض رجال السياسة في الولاياتالمتحدةالأمريكية إصدار تشريعات تدعو إلى حرية البحث الأكاديمي في نقد و رفض )نظرية التطور( ..حيث يتعرض بعض منتقديها للهجوم و الانتقام من أنصار داروين ، وقد أجريت في الكثير من الولاياتالأمريكية عمليات تصويت للوصول إلى الحل الأمثل في عرض قصة الحياة على الأرض فضا للنزاع بين رواية التوراة و نظرية داروين . ومنذ نشر داروين كتابه في أصل الأنواع On the origin of species عام1859م ، و المعارك العلمية والفلسفية و الدينية حول كتابه و نظريته لا تزال مستمرة و حاضرة على مستويات عديدة شعبية و أكاديمية . وقد جرت أول مناظرة حول تلك النظرية في متحف جامعة أكسفورد عام 1860م بعد نشر الكتاب ببضعة أشهر بين القس البريطاني صمويل ويلبرفورس Samuel Wilberforce .. و عالم الأحياء توماس هنري هكسلي Thomas Henry Huxley الذي كان يلقب ب (كلب داروين) لحماسه في الدفاع عن النظرية بدوافع أيدلوجية .كانت المناظرة عاطفية وساخرة أيضا حيث وجه القس سؤالا إلى هكسلي قائلا له : وهل جئت من نسل جد قرد أم جدة قردة ؟ وقد حاول هكسلي أن يكون رده علميا فرد قائلا : لا أشعر بأي عار عندما أكون من نسل قرد فهو أشرف لي من أن أنتسب إلى رجل يسعى إلى طمس الحقيقة ! وفي واقع الأمر فإن المروجين لنظرية داروين ما زلوا يستخدمون تلك اللغة الدعائية في أنهم يمتلكون ( الحقيقة العلمية) في مواجهة (الخرافة الدينية) ، على الرغم من أن نظريتهم هذه في أصل الأنواع Origin of species والانتخاب الطبيعي Natural selection قوبلت برود أفعال متباينة في الأوساط العلمية الأوروبية وفقا (للمزاج) الأيدلوجي ..فالموقف في بريطانيا وفرنسا و ألمانيا و الولاياتالمتحدة لم يكن واحدا .بل أثيرت الكثير من الاعتراضات العلمية مثل الفجوات في السجل الأحفوري fossil record,.وغير ذلك من نقاط الضعف وقد اعترف داروين نفسه بأن الانتخاب الطبيعي ليس هو التفسير الوحيد ،وقد كتب عالم النباتات الألماني إبرهارد دينرت Eberhard Denert عام 1903 أن الداروينية على فراش الموت ..ومع ذلك يحاول أنصارها منحها قبلة الحياة مرة أخرى بعد اكتشاف الخرائط الجينية لمجرد وجود تشابه جيني بين الكائنات الحية ..و هم أيضا (أي الملاحدة ) يخسرون تلك المعركة الجينية يوما بعد يوم ، فالإلحاد نوع من أيدلوجيا ولا علاقة له بالعلم مهما تظاهر بالمنهج العلمي .