نطلق مجازا على الانتخابات الحرة وصف "المعركة" وهي ليست مرادفا للحروب وميادينها، وإنما معارك شريفة يبذل فيها المتنافسون جهودهم ويقدمون برامج يعملون على تنفيذها حال فوزهم. بعضهم يحاول وينجح، وبعضهم يفشل، وبعضهم ينسى أنه قدم برنامجا فاز على أساسه! الانتخابات النقابية في مصر بالإضافة إلى انتخابات الأندية، ظلت منذ سنوات طويلة، الانتخابات الحرة الوحيدة، وسط قائمة طويلة من الانتخابات المعروفة نتائجها مسبقا، بسبب تدخل الجهات التنفيذية وقدراتها الخارقة على توجيه البوصلة في الاتجاه الذي تريده. نعم.. تشمل الانتخابات النقابية مرشحين حكوميين بشكل غير معلن. على الأقل يُتهم هذا المرشح أو ذاك بأنه يمثل الحكومة، خصوصا مع قدرته على أخذ امتيازات لصالح أعضاء الجمعيات العمومية. في النهاية نشهد انتخابات ساخنة لا تُعرف نتائجها إلا بإعلانها رسميا، مهما كانت قوة المرشحين واستنادهم على الظهير الحكومي. وحتى لا نفسر الأشياء تفسيرا غير صحيح.. النقابات بمجملها نقابات خدمية ولا يهم أغلبية أعضائها المواقف السياسية، بمعنى أن المرشح لمنصب نقيب الصحفيين مثلا يركز برنامجه على المزايا التي سيقدمها للصحفيين، وأولها زيادة بدل التكنولوجيا في ظل ما يعانيه معظمهم من دخول متدنية، ولذلك كان أول ما لوح به الأستاذ ضياء رشوان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات هو زيادة البدل، ونجاحه في الحصول على موافقة الحكومة وتطبيقه من شهر يوليو القادم. وقد كتبت سابقا – على سبيل الخطأ - أنه استقال من الهيئة العامة للاستعلامات وعاد إلى جذوره الصحفية، ثم تبين لي لاحقا أني خلطت بين تجميد عضويته في الهيئة الوطنية للصحافة وبين رئاسته للهيئة، واعتذر عن ذلك، ولكني أتوقع أن يتخلى رشوان لاحقا عن منصبه في هيئة الاستعلامات التي تتبع رئاسة الجمهورية، ويتفرغ لنقابة الصحفيين وأعماله الصحفية، فنقيب نقابة يعمل أعضاؤها في مجال الرأي الحر، قد يتحرج من كونه موظفا حكوميا. ربما يفعل ذلك حال فوزه. أيا كان الأمر، فإننا نفخر بمعارك نقابتنا الانتخابية على مر تاريخها الطويل، وبكل نقبائها وآخرهم النقيب الحالي الأستاذ عبدالمحسن سلامة، وأعضاء مجالسها ودفاعهم عن استقلال نقابتهم وعن الحريات والرأي والرأي الآخر. المهمة الأعظم التي يجب أن يحملها النقيب القادم على كتفيه تتمثل في إنقاذ الصحافة الورقية من عثراتها، لأنها إذا ماتت نهائيا، فالصحفي المحترف بتعريفه الحالي سينتهي أيضا، لأن الصحافة الالكترونية لا يعمل فيها وحده، هناك أناس عاديون يشاركونه فيها، يكتبون أخبارا وآراء من منازلهم ومكاتبهم ومقاعدهم في المواصلات العامة وغيرها ولا يتقاضون أجرا، أو يتقاضونه من خلال إعلانات جوجل. [email protected]