تسببت الكلمات التي قالها وزير الشئون الدينية في بلاد الحرمين عبد اللطيف آل الشيخ في مناقشة رسالة علمية حول الأديب سيد قطب، والشيخ محمد الحسن الدَّدَوْ، في ردود أفعال واسعة على منصات التواصل الاجتماعي . وفي هذا السياق كشف الدكتور وصفي أبو زيد حقائق وأمورا عن الأديب سيد قطب و"الددو"، وعلاقتهما بعلماء السعودية، خاصة المفتي الراحل "عبد العزيز بن باز". وأكد أبو زيد أن السلطات في المملكة قديمًا كانت تنشر كتب الأستاذ سيد قطب، وعلى رأسها كتابه الذي أثار ويثير جدلاً، وهو "معالم في الطريق"، وله طبعات مختلفة في بلاد الحرمين، منها طبعة لهذا الكتاب خاصة بالجيش السعودي، مكتوب عليها الحرس الوطني. وأضاف أنه من المواقف المهمة التي تدل على احتفاء علماء "المملكة" بسيد قطب ما عرف عن كتاب بعنوان: "أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب وفكره" ألفه ربيع بن هادي المدخلي – زعيم المدخلية الذين يعتبرون "ولاة الأمر" المصدر الأول والأخير للتشريع – وبعدما ألفه رفعه للعلامة الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد، حيث أرسل له العلامة بكر أبو زيد خطابًا طويلاً ردًا على طلبه تقديما للكتاب: "هذا ما بدا إلى حسب رغبتكم، وأعتذر عن تأخر الجواب، لأنني من قبل ليس لي عناية بقراءة كتب هذا الرجل وإن تداولها الناس". وتابع في رده على المدخلي: "لكن هول ما ذكرتم دفعني إلى قراءات متعددة في عامة كتبه، فوجدت في كتبه خيرًا كثيرًا وإيمانًا مشرفًا وحقًا أبلج، وتشريحًا فاضحًا لمخططات العداء للإسلام، على عثرات في سياقاته واسترسال بعبرات ليته لم يفه بها، وكثير منها ينقضها قوله الحق في مكان آخر والكمال عزيز". وأضاف أن الرجل كان أديبًا نقادة، ثم اتجه إلى خدمة الإسلام من خلال القرآن العظيم والسنة المشرفة، والسيرة النبوية العطرة، فكان ما كان من مواقف في قضايا عصره، فالواجب على الجميع الدعاء له بالمغفرة.. والاستفادة من علمه، وبيان ما تحققنا خطأه فيه، وأن خطأه لا يوجب هجر كتبه، ولا حرماننا من علمه ". ونصح المدخلي قائلا: "اعتبر رعاك الله حاله بحال أسلاف مضوا أمثال أبي إسماعيل الهروي والجيلاني كيف دافع عنهما شيخ الإسلام ابن تيمية مع ما لديهما من الطوام لأن الأصل في مسلكهما نصرة الإسلام والسنة". وعن علاقة الددو بالشيخ ابن باز يقول وصفي أبو زيد: أن الددو كان له مواقف عجيبة مع الشيخ ابن باز ذكرها في تصريحات وتسجيلات لاحقة ومنها قوله: "كل ما هنالك أنني كنت أشرح صحيح البخاري بمسجد جامعة الإمام محمد بن سعود درسا يحضره بعض الأساتذة والطلاب وكان المسجد يمتلئ وقت الدرس لحضور بعض طلاب العلم من الرياض والقصيم والزلفي وكانت الجامعة تسجل الدرس وتبيع أشرطته وكان فيها إذ ذاك بعض الشباب الذين لديهم تعصب وكان أحد المشايخ إذ ذاك بالمدينة وقد كتب ما كتب من تكفير سيد قطب وكنت أستقبل الأسئلة في نهاية الدرس يقرؤها فضيلة القاضي محمد الخنين". وأضاف: "أنه جاء فيها سؤال عن كفر سيد قطب فرددت على السؤال ردا مفصلا وكان مما قلت فيه أنه لو قال بخلق القرآن صراحة لما كان لنا تكفيره لأن الإمام أحمد لم يكفر المأمون ومن كان حوله من علماء الجهمية القائلين بخلق القرآن بل كان يدعو للخليفة ويحلله". وأوضح في حديثه: فلما قلت في الجواب شغب به أولئك الشباب فجاءوا يجادلون في هذا الأمر وذكروا أن سماحة الشيخ ابن باز كفر بشرا المريسي فذكرت أنا أن الذهبي أعلم من الشيخ ابن باز وأنه ختم ترجمة بشر بقوله (ولكن أبى الله أن يكون من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وصلى الخمس إلى القبلة وزكى وصام وحج البيت الحرام كمن لم يفعل شيئا من ذلك ونعوذ بالله من البدعة وأهلها). وأشار إلى أن أولئك فأولئك الشباب نقلوا الكلام على غير وجهه إلى سماحة الشيخ ومنهم من شهد عليّ أني أقول بخلق القرآن وكتبوا ذلك للشيخ فأرسل الشيخ كتابا إلى معالي مدير الجامعة الشيخ عبد الله التركي يأمره فيه بتوقيف دروسي وتسفيري إلى بلادي. ومضي الددو في حديثه: فأرسل إليّ الشيخ التركي وكان على علم بما حصل فأمرني بمراجعة سماحة الشيخ فرتب الموعد كاتبه الشيخ صالح الحكمي فحضرت إلى مكتب الشيخ بدار الإفتاء في الموعد وكان مع الشيخ كتابه ومنهم الموسى والحكمي والشويعر وغيرهم وكانوا يعرفونني فعرّفوا الشيخ بي فقال لقد ساءنا ما سمعنا عنك فاستأذنته في الحديث فأذن لي فذكرت بعض ما لدي باختصار وكان مخالفا لما يرى الشيخ. وأكد الددو أن الشيخ ابن باز أمر بتشكيل لجنة من الإفتاء فيها فضيلة الشيخ بكر وفضيلة الشيخ عبد الله بن غديان وشيخان كريمان آخران فناقشوني في الأمر تفصيلا فذكرت لهم كلام شيخ الإسلام في المسألة من الفتاوى بالجزء والصفحة فأحضروها وقرئت ثم ذكرت لهم ما نقل صاحب كشاف القناع عن الموفق من أن داعية الجهمية المجتهد لا يكفر فاستغربوا هذا النقل وأحضروا كشاف القناع. وتابع قائلا: "وتكلموا عن أحكام المرتد فذكرت أن الكلام ليس في هذا الموضع وإنما هو فيمن تقبل شهادته ومن ترد فقرأنا الكلام في الكتاب فاستغربوه كثيرا وكنت كلما ذكرت كلاما من كتاب أحضروه ككلام الشافعي في الأم وكلام ابن تيمية في رسائله، وكلام الذهبي في "السير"، وكلام عبد الله ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وغير ذلك. يقول الددو: وفي الأخير طلبوا أن أكتب ملخصًا في الموضوع لعرضه على سماحة الشيخ فكتبته في بضع عشرة صفحة وسلمته للشيخ بكر وكان لي به اختصاص فكنت من القلائل الذين يسهرون معه في بيته الكريم وبعد اتصل بي مكتب الشيخ فذكروا أن سماحته سيحضر درسي في مسجد الجامعة وفعلا حضر الشيخ بتواضعه وخلقه وأدبه وأبوته وتولى ختم الدرس وقدم النصيحة للطلاب والأساتذة وكانت لي بعد ذلك خصوصية عنده رحمه الله وجميع مشايخنا وجمعنا بهم في الفردوس الأعلى". يأتي هذا عقب ما وصف به الوزير آل الشيخ " سيد قطب" و"الددو" بألفاظ فاحشة، حيث وصف الشيخ محمد الحسن الدَّدَو، بلفظ (الشخ) بدل (الشيخ)، وينكر إطلاق لقب (الأستاذ) على سيّد قطب، وينعته بأنه "إرهابي كبير"! وبأنه "أستاذ في البدعة، وخبيث ومخبث، ورث للأمة شرًا مستطيرًا وفرق الكلمة وفتن الناس، وأهلُ البدع لا يلقبون بألقاب مثل ألقاب الأسوياء والأخيار".