- عالمنا أصبح فضاءً مفتوحًا لا تجدي معه نظريات المنع أو الحجر - الأزهر لا يحجر على فكرٍ ولا يقصي عالمًا إذا أخطأ بل يراجعه - منهج الأزهر القائم على الاجتهاد والتنوع يعني بداهة توقع وجود آراء خاطئة - الدستور والقانون أناطا بالأزهر وهيئاته حق توضيح الأحكام الشرعية وبيانها للناس - لا كبير داخل الأزهر إلا العلم الصحيح ولا عصمة لأحد والخطأ واردٌ وتفنيده واجبٌ دون تشكيكٍ في نوايا صاحب الخطأ أو مساسٍ بشأنه نفى الأزهر ما تردد حول إمكانية فصل أو سحب درجة الدكتوراه من الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، على خلفية مطالبة بالمساواة في الإرث بين المرأة والرجل، الأمر الذي اعتبر يخالف "المقطوع به من الأحكام الشرعية والفقهية بشأن أحكام المواريث". كان الهلالي قد أثار عاصفة من الجدل بتصريحات متلفزة أدلى بها في أعقاب قرار الحكومة التونسية الجمعة الماضية بالمساواة بين المرأة والرجل في الميراث، قائلاً، إن "القرار صحيح فقهًا ولا يتعارض مع كلام الله"، متوقعًا أن يتم تطبيق القانون في مصر بعد 20 عامًا من الآن. وقال المركز الإعلامي للأزهر في بيان، إن "منهج الأزهر القائم على الاجتهاد والتنوع وقبول الاختلاف، يعني بداهة توقع وجود آراء خاطئة، لم يحسن أصحابها استخدام الأدوات المنهجية وفهم القواعد الكلية، وهذا الخطأ يصوبه النقاش العلمي الحر، وهو أمر مستقر وراسخ في الأزهر منذ القِدم، دون أن يترتب علي ذلك أي قدح في كرامة صاحب الخطأ أو حريته، ما دام يخضع للاحتكام للمنهج العلمي وقواعده". وأضاف أن "إقدام بعض أصحاب الاجتهادات والآراء الخاطئة على الظهور عبر وسائل الإعلام، وعدم الاكتفاء بطرح آرائهم في قاعات العلم، هو ما يدفع الأزهر وهيئاته لتوضيح تلك الأخطاء وتفنيدها، حتى لا يلتبس الأمر على غير المتخصصين وعلى العامة، وقد أناط الدستور والقانون بالأزهر ومؤسساته حق توضيح الأحكام الشرعية وبيانها، حتى يستبين للناس حكم الشرع الصحيح، وحتى لا يضطرب أمر المجتمع بسبب خلافات فقهية لا يدرك تفاصيلها إلا المتخصصون، الذين يناقشونها في قاعات العلم والدرس وليس وسائل الإعلام". وشدد على أن "الأزهر الشريف لا يحجر على فكرٍ، ولا يقصي عالمًا إذا أخطأ، وقاعاته ومناهجه تتسع لمختلف المذاهب الفقهية المعتبرة، حتى ما قد يراه البعض مهجورًا أو ضعيفًا، طالما أن له سندًا من شريعة أو فقه". وقال إن "العلم والعلماء في الأزهر سندهم: الدليل والنص ولا كبير في الأزهر إلا العلم الصحيح، ولا عصمة لأحد غير الأنبياء والمرسلين، ولا قداسة عندنا لأحد غيرهم، والخطأ يجب تفنيده وتصحيحه دون تشكيكٍ في نوايا صاحب الخطأ أو مساسٍ بشأنه". وأوضح، أن "الأزهر الشريف يعلم أبناءه، ويوصي كل علماء المسلمين عبر العالم، بتجنب التسرع في الفتوى أو عرض أية فكرة أو رأي شرعي جديد على عامة الناس، قبل تمحيصها ومدارستها مع أقرانهم مع أهل العلم، تلمسًا للنصيحة والتصويب وحرصًا على الوصول إلى الرأي الشرعي الصحيح". وتابع بيان المركز الإعلامي للأزهر، ناصحًا من يدلون بمثل هذه الفتاوى "أن يتذكروا الحديث الشريف: (أجرؤكم على الفُتيا أجرؤكم على النار)، كما يوصيهم بالتراحم والرفق فيما بينهم، وأن الخطأ في الأحكام الشرعية، وبخاصةٍ ما كان منه صادمًا للثوابت القطعية، يجب مواجهته ومناقشته فورًا دون تهاونٍ وبكل صراحةٍ وجِدِّيةٍ". مع ذلك، قال في إشارة إلى الهلالي، إن "المخطئ يستحق كل رفق وصبر ومصاحبة بالمعروف، فعالمنا أصبح فضاءً مفتوحًا، لا تجدي معه نظريات المنع أو الحجر، وإنما يحتاج إلى أن يبادر أصحاب الفهم الوسطي المعتدل لتسليح أنفسهم بالمعرفة والأدوات التي تمكنهم من استيعاب كل جديدٍ نافعٍ، وتفنيد كلِّ فكرٍ مغلوطٍ شاذٍّ، وهو ما ينتهجه الأزهر الشريف، وقد قطع فيه –بحمد الله- شوطًا كبيرًا في السنوات الأخيرة".