على طريقة احتراف اللاعبين فى الأندية الكبيرة؛ سعيًا لتحقيق مستوى مادى مرتفع، علاوة على شهرة الأندية التى ينضمون إليها، أصبح الأمر يتكرر مع مذيعين القنوات الفضائية، الذين يتعاملون بطريقة اللاعبين المحترفين فالقناة التى تدفع أكثر تستحق خدماتهم، بعد أن أصبح هؤلاء محط أنظار المعلنين، وبداية هذا الموضوع كانت عند اثنين، أحدهما صحفى والآخر رياضى، وهما محمود سعد وأحمد شوبير، ثم تلاهما الجميع، فعندما قدم محمود سعد أول برامجه على شاشة التليفزيون المصرى لم يكن يتوقع أن يحظى بهذا القدر من الاهتمام والشهرة بعد أن كان يخشى مواجهة الكاميرا، وهو الذى ظل يعمل خلفها فى الكواليس لفترة كبيرة، معد برامج إلى أن أقنعه أحد مخرجى تلك البرامج بالظهور على الشاشة كمذيع لأول مرة، وبالفعل تغلب سعد على خجله، وربما خوفه، ولم يكن فى مخيلته أن هذا بداية الطريق ليصبح أغنى مذيع فى مصر بعد أن تخطى ما يكسبه من خلال مهنته الجديدة كمذيع، حاجز العشرين مليون جنيه فى العام الواحد، فقد كان أجره من التليفزيون المصرى تسعة ملايين، بالإضافة إلى ثلاثة ملايين أخرى كنسبة من الإعلانات، علاوة على عمله فترة فى قناة أزهرى التى يمتلكها صديقه الشيخ خالد الجندى، الذى كان ضيفه الدائم فى برنامجه على شاشة التليفزيون المصرى، وكان يتقاضى -على لسان مصدر داخل القناة- عشرة ملايين جنيه، وبذلك أصبح سعد يتقاضى اثنين وعشرين مليونًا فى العام، ليصبح أغنى مذيع فى مصر. وبعد أن قامت الثورة، أصبح الرقم الذى كان يحصل عليه من التليفزيون المصرى معروفًا للعامة، فاستنكر الناس هذا المبلغ الضخم الذى يحصل عليه سعد، الذى علل ذلك بأنه مطلوب إعلانيًا وأن المعلن يريده بالاسم، ولأنه السبب فى جلب المزيد من الإعلانات، فمن حقه الحصول على مزيد من المكاسب، وهذه الطريقة تعنى بالبلدى (نفع واستنفع) أو بالمعنى الآخر (احتراف)، ويعتبر ما يتقاضاه سعد سابقة لم تحدث فى الإعلام المصرى ولا العربى من قبل، فكلما كان المذيع قادرًا على جلب المزيد من الإعلانات كانت استفادته ماديًا أكثر، وهكذا، وبالقرب من بدايات سعد كان على الجانب الآخر لاعب يستعد لدخول ماراثون الاحتراف بقوة، وكان انطلاق أحمد شوبير، حارس مرمى مصر والنادى الأهلى السابق من قناة دريم، وكان اسم البرنامج الذى يقدمه "الكورة مع دريم"، ثم أصبح فيما بعد "الكورة مع شوبير"، بعد أن نال قسطًا من الشهرة، وتنقل شوبير بين القنوات على حسب القناة التى تقدره ماديًا أكثر، فهو عندما يرحل من قناة ترحل خلفه الإعلانات إلى القناة التى انتقل إليها، مما شجعه أن يضع شروطًا يراها البعض تعجيزية، ولكن هذه القنوات تكون مضطرة للموافقة على طلباته، لأن لديه مجموعة من الرعاة والمعلنين الذين لا يهمهم اسم القناة بقدر ما يهمهم شوبير نفسه، ولأنه يعى جيدًا معنى عملية الاحتراف كونه لاعبًا سابقًا فتعامل مع الإعلام بنفس المبدأ، أى كلما كان مرغوبًا فيه فيجب أن يكون التقدير عليه ملائمًا لهذا الاحتياج، فشوبير يتمتع بشبكة علاقات قوية ومتشعبة، مكنته من دخول عالم البيزنس من أوسع أبوابه، فأصبح رجل أعمال محترف لديه مشاريع ناجحة، كما أن يديه امتدت إلى معظم المجالات، فهو رئيس الصفحة الرياضية فى جريدة أسبوعية مستقلة ونائب رئيس اتحاد كرة القدم، وعضو مجلس إدارة أعرق الأندية الرياضية، ونائب فى البرلمان المصرى، وعضو فى اللجنة الرياضية بأمانة السياسات، ولديه منبر ثابت يطل منه على جماهيره من خلال برامجه الرياضية على الفضائيات، الذى اتهمه البعض بأنه يستخدمها فى التشهير بخصومه وتخويف من يخالفه الرأى اعتمادًا على قربه من النظام البائد، وهذا ما جعله يتعامل مع القنوات بعجرفة، ومن الغريب أن تلك القنوات كانت ترضخ لمطالبه، وكان يستغلها أيضًا فى الدعاية لحملته الانتخابية وقت ترشحه فى البرلمان، وكان الناس فى حيرة من أمرها، من أين يأتى شوبير بالوقت الذى يقوم فيه بكل هذه الأعمال؟، ولاسيما بعد أن اتسعت دائرة علاقاته برجال الأعمال أصحاب الشركات التى كانت ترعى برامجه، وتردد وقتها أن شوبير كان يحصل على سبعة ملايين، ونسبة من الإعلانات مقابل احترافه فى القناة التى يقدم فيها برنامجه.. وللحديث بقية بإذن الله تعالى.