لا أدرى مَن هو العبقرى صاحب الفكر الألمعي، والجهبذ ذو الحلول السحرية الذى اخترع «سابقة» تقسيم شاشة التليفزيون الرسمى المصرى نصفين متساويين لنقل شعائر «صلاتي» الجمعة الماضية! ولولا إجلالنا لشهر رمضان المعظّم،.. واحترامنا لثانى أركان الإسلام وهى الصلاة،.. وتقديرنا لمكانة صلاة الجمعة التى ذكرها القرآن الكريم فى قوله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع…} (الجمعة: الآية 9)، لولا كل ذلك لكان الموقف برمته مثيراً للسخرية إلى أبعد حد. فلم يجد أخونا «المخضرم» سوى هذه القسمة العجيبة ليتمكن من إرضاء جميع الأطراف، والقبض على منتصف العصا تماماً، فخصص النصف الأيمن من الشاشة لنقل صلاة الجمعة من مسجد آل رشدان، حيث يؤدى سيادة المشير محمد حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ورئيس أركانه الفريق سامى عنان وبعض رموز المجلس الأعلى للقوات المسلحة أركان صلاة الجمعة. ثم خصص الشق الأيسر من الشاشة الرسمية لنقل شعائر الصلاة من مسجد «ناصر» بالفيوم حيث أدى الرئيس محمد مرسى الصلاة. الأمر لا يحتاج فطنة ولا ذكاء لنكتشف أن مسؤولى ماسبيرو وقعوا فى حيص بيص.. وارتبكوا جازعين بين حسابات الولاء.. والمخاوف من الحساب! فكانت الفكرة العبقرية بقسمة الشاشة إلى نصفين، وهو تصرف ينطبق على الكثير من القيادات الإعلامية، والمسؤولين، وحتى صغار كبار الصحفيين،.. وكبار صغار الكتّاب!.. وكأن المطلوب من الإعلامى أن يعلن ولاءه التام لفرد، وطاعته الكاملة لجهاز بعينه، ربما حتى ترضى عنه أجهزة المخابرات العسكرية فيذكر اسمه ضمن «الموالين»، أو ينظر له بعين الرضا القائمون على لجنة ترشيح رؤساء التحرير «التابعة» لمجلس الشورى الذى يرأسه «عديل» رئيس مجلس الشعب، وكلهم من «الإخوان» والحمد لله! أربأ بصديقى ودفعتى وأخى عصام الأمير، رئيس التليفزيون أن تكون الفكرة العبقرية فكرته، أو أن يكون حتى قد أقرها، ولا أجد مبرراً لمقارنته بين نقل شعائر صلاة الجمعة أيام الثورة من مكانين مختلفين أحدهما ميدان التحرير، فالأمر جد مختلف، والقياس غير منطقي، وأقرب الظن أنه فوجئ بالأمر فاضطر للدفاع عن متخذ القرار فى شجاعة الرئيس الذى يتحمل المسؤولية عن مرؤوسيه. ما حدث قد حدث، والانطباع الذى أعطاه «الحل العبقري» قد رسخ فى عقول الناس، وعلينا جميعاً – مسؤولين وإعلاميين – أن نفهم أن قطار الثورة لن يعود للوراء، وأن الولاء والانتماء والعطاء تكون لمصر، لا للمجلس العسكرى والمشير، ولا للإخوان والرئيس، فالجميع زائلون، والكرسى سيتقلب عليه الكثيرون، وستبقى «مصر» شامخة.. موَحّدة.. موحِّدة.. رغم أنف المترددين والحاقدين والمنافقين، ويجب على الإعلام أن يرتقى إلى مستوى المرحلة التاريخية التى تمر بها المحروسة، وأن يكون إرضاء الله واتباع الضمير، وتطبيق قواعد المهنة وتحرى مصلحة البلاد هى النبراس الذى يقود «قادة الرأي» حتى يستعيدوا بعض ما فقدوه من احترام انعكس على نظرة المصريين للإعلام كله.. اتقوا الله فى «مهنيتكم» يرحمكم الله. ويا صديقى عصام أعلم أنك من أكثر من تولوا هذا المنصب احتراماً ونظافة ومهنية، فانتبه جيداً لمن يحاولون تعطيل مسيرة إصلاح «ماسبيرو»… وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء. [email protected] twitter@hossamfathy66