لم يكن الدكتور عادل محمود، رائد أبحاث اللقاحات والأمراض المعدية في العالم، والذي تُوفي قبل أيام، ولم يعرفه به أو يسمع عنه الكثيرون قبل رحيله، على الرغم من كونه ينظر إليه كونه أحد الذين أنقذوا أرواح مئات الملايين حول العالم. ليس محمود وحده الذي لم يحظ بالاهتمام اللائق والتقدير المناسب، بل هناك علماء أمثاله كُثر، ومن بينهم أحياء، غير أنهم أيضًا لم يحصلوا على التكريم الملائم لقدرهم ومكانتهم العلمية، وربما لم يسمع بهم أحد من قبل. محمود، الذي كان الفضل في اختراع تطعيمات فيروس الورم الحليمي وفيروس "روتا"، نعاه رجل الأعمال بيل جيتس، مؤسس شركة "مايكروسوفت"، عبر حسابه على موقع "تويتر"، قائلًا: "في وقت سابق من هذا الشهر، فقد العالم واحدًا من أعظم المبدعين في اختراع اللقاحات في عصرنا الدكتور عادل محمود الذي أنقذ حياة عدد لا يحصى من الأطفال»، كما أعربت مؤسسات وأكاديميات طبية على مستوى العالم، عن حزنه السديد لفقد ذلك العالم". مطور اللقحات العالمى، كانت له إسهامات عديدة، حيث ترأس مركز اللقاحات في شركة "ميرك"، من عام 1998 حتى عام 2006، وبعد تقاعده منها، أصبح أستاذا في كلية «وودرو ويلسون» للشؤون العامة والدولية وقسم البيولوجيا الجزيئية في جامعة "برينستون". كما أشرف على إنتاج وتسويق العديد من اللقاحات التي حققت إنجازات كبيرة في مجال الصحة العامة، من بينها لقاح يمنع عدوى فيروس «الروتا»، الذي يسبب الإسهال عند الرضع، وآخر يحمي ضد فيروس الورم الحليمي البشري «HPV »، الذي يسبب سرطان عنق الرحم والشرج والأعضاء التناسلية والحلق. ومن بين العلماء، الذين لم يحصلوا على التكريم المناسب لهم حتى الآن، على الرغم من حصوله على جائزة "أينشتاين"، والتي تُعد أرفع جائزة تمنحها الأكاديمية الصينية للعلماء اعترافًا بفضلهم، الدكتور محمد عبده، أستاذ الفيزياء المتخصص في الاندماج النووي، والعالم المتميز في مجالي الهندسة والعلوم التطبيقية بجامعة كاليفورنيا، ومدير مركز الأبحاث المتقدمة لعلوم الطاقة والتكنولوجيا. والمهندس مجدي بيومي، العالم في مجال الهندسة الكهربائية ومدير مركز الدراسات المتقدمة في علوم الكمبيوتر في الولاياتالمتحدة سابقًا، ورئيس قسم الحاسب الآلي بجامعة لويزيانا بالولاياتالمتحدة، والمتخصص في تصميم الدوائر الإلكترونية الخاصة بالأجهزة الرقمية. وعلى الرغم من أن له براءات اختراع عده، بمجال الأجهزة الرقمية المحمولة، مثل مُشغّل الموسيقى "آى بود" iPod ، وتصميمه لأجهزة إلكترونية دقيقة تستعمل في الهاتف النقال والكومبيوتر؛ كي تخفض من استهلاك الطاقة الكهربائية، إلا أن الدولة لم تستعن به، من أجل الاستفادة منه في ذلك التخصص. المهندس هاني عازر، الأستاذ الزائر في قسم العمارة والتصميم في العديد من الجامعات، والذي صمم محطات قطارات برلين الأكبر بالعالم عام 2001، وذلك ضمن استعدادات ألمانيا لاستضافة كأس العالم عام 2006، لم يسمع عنه حتى الآن إلا القليل، ولم تسع الحكومة إلى الاستفادة منه في ذلك التخصص، في حين أن المستشارة الألمانية «أنجيلا ميركل»، كرمته في حقل افتتاح المحطة، نظرًا لأن تجربته غير مسبوقة عالميًّا. أيضًا، الدكتور مصطفى السيد، صاحب نظرية علاج السرطان بجزئيات الذهب، وأحد أفضل علماء الكيمياء بالعالم، وأول عربي يحصل على قلادة العلوم الوطنية الأمريكية "أعلى وسام أمريكي في العلوم"، والذي تسلمها من الرئيس جورج بوش عام 2008، تقديرًا لإنجازاته في "النانو تكنولوجى". كما تضم القائمة الدكتور سمير بانوب، أبرز العاملين في مجال التنمية الصحية والتخطيط الطبي، والدكتور عصام حجي، عالم الفضاء في معمل محركات الدفع الصاروخي بوكالة ناسا الأمريكية، والدكتور هاني مصطفى أحد أكبر علماء هندسة محركات الطائرات بالعالم، والدكتور محمد فراج، أستاذ زراعة القلب، وغيرهم كثير، لم يحظوا كذلك بالاهتمام الكافي . الدكتور أحمد دراج، أستاذ العلوم السياسة قال ل "المصريون"، إن "الثقافة العامة للمجتمع والأنظمة السياسية المتعاقبة، لا تعظّم قيمة العلم والعلماء، ولا تكن لهم التقدير والاهتمام الكافي، المناسب لمكانتهم وقدرهم". وأضاف: "هناك أنظمة ومجتمعات تُقدر قيمة العلم والوقت والإنجاز والاختراعات، ومن ثم تكرم وتقدر علمائها المقيمين على أراضيها أو بالخارج". وأشار إلى أن "الاستعانة بهؤلاء العلماء في كافة التخصصات التي يجيدونها، سيؤدي إلى نهضة لا مثيل لها، وسينقل الدولة إلى مكانة أكبر، إلا أنه ليس هناك تقدير للعلماء، وبالتالي لن يكون هناك تعظيم لهم".