لو أردنا أن نقول - أو نضع - حقائق حول عملية العلاج بالحجامة، التي تُسبب صداع رأس لكثير من الناس(الأطباء، والمرضى، والإعلاميين) ولكل مسؤولي الصحة وعلى الأخص قسم التراخيص في وزارات الصحة المختلفة؛ لأنهم أكثر الناس حملًا لهموم مثل هذه الممارسة. وفي هذا السياق أجد في جيب ذاكرتي سؤال لوزير الصحة التركي خلال مؤتمر الطب النبوي الأول (أنقره سنة 2014م) ونفس السؤال سألته الدكتورة ساره داوود أوغلو حرم رئيس الوزراء التركي (الأسبق) في ذلك الوقت، للأطباء أصحاب المشاركات البحثية، مفاده..... نريد أن نعرف الحقيقة حول هذه الممارسة (الحجامة)؟ حتى يتثنى للجميع وضع قواعد وضوابط لترخيص ممارستها(إذا كانت لها فائدة للمرضى). ومن هنا تأت أهمية ذكر الحقائق التي لا يختلف عليها أحد، سواء الطبيب أو المسؤول أو الإعلامي. أولا: العلاج بالحجامة كانت إحدى الوسائل العلاجية القديمة قدم الطب ، ولم يبتدأ النبي صلى الله عليه وسلم بذكرها؛ إلا أنه أثنى عليها – وهنا تأتي حكمة النبوة – ومن يبحث سيجد الأطباء يختلفون على ممارستها، نفس اختلاف الأطباء القدماء والمعالجين، على شرب لبن الإبل لمن يصاب بالاستسقاء، ووضح الماء على المريض المحموم، وعلاج استطلاق البطن بالعسل، وكل ذلك على عكس ما يعرفه الأطباء. ثانيًا: هذه الطريقة العلاجية شأنها شأن طرائق علاجية أخرى (مثل الفصد والكي) ولكن اندثرت منذ حقبة زمنية ليست بالطويلة جدًا، ولكنها مازالت تمارس بشكل شعبي، كما هو حال الكيْ أيضًا. ثالثًا: الحجامة على وجه الخصوص وعلى الرغم من تعاملها مع دم المريض، لا يتم تقديمها كأحد الخدمات العلاجية في الصحة الأولية ولا الثانوية، فهي ليست جزء من الخدمات الصحية المقدمة بشكل رسمي للمرضى. رابعًا: العلاج بالحجامة يحمل كثير من المخاطر نظرًا لتعامله مع دم المريض، ومن يُقدم هذه الخدمة (من غير الأطباء) يجهل كثير من خطورة الأمراض التي تنتقل عن طريق مخالطة الدم والجروح، كما أن كثير من الحالات التي يعالجها هؤلاء(غير الأطباء) قد لا تستحق العلاج بهذه الطريقة، ولقد لاحظت ذلك كثيرًا نظرًا لطول المدة التي مكثت أعمل فيها كباحث في هذه الطريقة العلاجية. خامسًا: العلاج بالحجامة لا يُدرس لطلبة كليات الطب المختلفة، في أيْ من مراحل تعليمهم فكيف يُقدمون معلومة صحيحة للمريض أو لمن يسألهم عنها. سادسًا: ورود ذكر الحجامة في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، دفع كثير من أهل (البزنس) للمتاجرة بالدين، وهذه مسؤولية المجتمع ككل. سابعًا: القول بأن الحجامة تخرج الدم الفاسد من الجسم، قول خطأ؛ لأنه لا يمكن لدم فاسد أن يتحرك في جسم أي إنسان دون أن يسبب له مضاعفات، قد تؤدي إلى هلاك (المريض) قبل أن يصل لأيدي الحجام أصلًا. كما لا يوجد ما يسمى بالدم الفاسد أصلًا؛ إلا ما سكب منه خارج الجسم. وحتى الدم الذي يخرج خارج الأوعية الدموية تحت الجلد مثلًا، لا يطلق عليه دم فاسد، اللهم إلًا إذا تغير وأصبح صديدًا، وفي هذه الحالة لا يسمى دم. ثامنًا : مفهوم الدم الفاسد الذي تخرجه الحجامة، يرجع في الأساس إلى فلسفة وفكرة الإنسان عن المرض قديمًا، ونظرية الأخلاط الأربعة (العصارة البلغمية والصفراوية والسوداوية والدم) فاعبروا الدم أحد هذه الأخلاط. وقيل أن الأمراض أصلها واحد وهوالدم، ومن ثم إستخراجه بهذه الطريقة يعد إستخراج للدم الفاسد، وهذا كلام قديم في الطب ثبت عدم صحته، فلا يصح القول به الآن. ولا شك أن هذه المفاهيم بطل القول بها ناهيك عن العمل بها؛ لأن جسم الإنسان أصبح أكثر وضوحًا وطرائق تشخيص الأمراض أصبحت من السهولة بمكان. بقي القول بأن أي شيئ يُقدم للمرضى وفيه فائدة مرجوة ، يجب أن يُفسح له المجال ليصبح قانوني وذلك في صورة مراكز بحثية وعلاجية في ذات الوقت، لكي يستفيد المريض والطبيب. المريض يستفاد بالخدمة العلاجية التي تقدم له بطريقة آمنة ومستقرة بعيدة عن البزنس. والطبيب بالمعلومات التي سَيحصل عليها من المريض والتي ستسجل له وللأجيال القادمة، عن طريقة أكدتها النبوة، وما يأت عن طريق النبوة فهو صحيح قولًا واحدًا. غير ذلك فهي سبوبة وما أدراكم ما السبوبة؟ .... سبوبة بلون وخطورة الدم. شفى الله المرضى وحفظهم من المتاجرين بالدين