شيخ.. والعلام أزهرى.. حافظ كتاب الله.. وبعلمه يحمى الوطن م البوم وم الغربان.. كل السماحة تلاقيها فى بسمته الصابحة فارس نبيل إنما بالجبة والقفطان.. عفت وهو عماد فاهم ومتنور لا عمره يوم انتمى أبدًا لظلم جبان.. ولما قال: ياشهادة.. قابلها فى الميدان! يا لجسدك النحيف يا شيخ "عماد عفت" وهو يمرق كالسهم خفيفًا كالنسمة رائقًا بين أجساد كثيرة ومتلاحمة فى ميدان الحرية.. ميدان التحرير! يالبسمتك المطمئنة ووجهك الطلوق وأنت تقابل المصريين الراغبين فى فهم بعض أمور دينهم والطالبين لمعرفة بعض لفتاوى فى أمورهم العامة والخاصة.. فلاش باك.. ها أنت تجلس بمكتبك بدار الإفتاء حيث تعمل أمينًا للفتوى الكتابية، كم مرة جاءك أحدهم حزينًا وقلقًا فخرج سعيدًا مطمئنًا.. كم مرة صدمتك آفات البيروقراطية والديكتاورية التى ترسم تجاعيدها على كل الوجوه التى تقابلك صباحًا، مساء.. وأنت لا تدرى كيف تساعدها ولا تدرى كيف تمسح دمعة سالت لتحفر أخاديدها عل وجوه الثكالى والمرضى والحاجين.. أعرف.. لم تكن الأمور تسرك.. ولم يكن سير الأحداث يعجبك.. فجاهدت النظام الفاسد بكل ما تمتلك من إيمان يوقن بتفعيل مقاومة الظلم بالطرق الشرعية "من رأى منكم منكرًا". حينما انطلقت شرارة الثورة قلت لنفسك: جاءنى الوقت الذى أستطيع أن أقول فيه لا بعلو صوتى دون خوف من أحد ولا حساب لسياسات باطلة، صنعها المستفيدون من زبانية السلطة وأذناب النظام، فكانت ساقاك النحيفتان تسابقان الريح إلى الميدان لتهتف بعلو صوتك: اهتف اهتف على الصوت.. إللى هيهتف مش هيموت" وارفع راسك فوق.. إنت مصرى"!! فلاش بك.. هل تشعر بالحزن والوجع للفساد الذى يحدث فى أغلى وأحلى بلاد الدنيا.. مصر؟ نعم أعرف أن قلبك يعتصر وروحك تكاد تصعد كل لحظة إلى بارئها من الألم الذى يملأ كيانك لكن ما بيدك ياعفت؟ هل تكبلك قيود وظيفتك ومهمتك الصعبة فى هذا المكان؟ ولا تستطيع أن تتلفظ أو تقول إلا ما هو رسمى حتى لا تتهم بقلب نظام الجكم وتعليم الناس كلمات من مثل لحرية المساواة الديمقراطية.. واحترام الرأى والرأى الآخر. أعلم.. ما كنت يا عفت إخوانيًا ولا سلفيًا ولا حتى أزهريًا.. ولكنك كنت حنيفًا من المسلمين، تدعو لله وتثور ضد الحاكم الظالم؛ لأنك رأيت أن ذلك هو الحق وهذا هو الواجب الذى إن فعلت غيره سألك الله تعالى عنه وحاسبك عليه.. لذا قاومت النظام فى التحرير ووقفت ضد حكم العسكر منددًا به، مؤكدًا على فشله وعدم قدرته على لم شتات البلاد الجريحة. فلاش باك.. ها أنت هو.. ترفل خارجًا من عتبة مسجد السلطان حسن، وبيديك طفلاك الصغيران اللذان يتحدثان العربية الفصحى واللذان كنت تسعى لتربيتهما تربية صالحة ليكونا لك عضدًا وعزمًا.. لكنك تركتهما وحيدين وأمهما.. إنهما ينتظران عودتك بفارغ الصبر.. هل شاهدت دموع ابنتك؟ هل أحسست بسخونتها وهى تنزل على خدك هى تبكى وتطلب ببراءة وجرأة فى آن واحد أن يتريث كل من كان يريد انتخاب خصم د. مرسى أثناء الانتخابات الرئاسية وتقول لهم فى براءة.. من قبل أن تنتخبوا فلانًا الذى هو ضد الثورة.. أعيدوا إلى أبى!! والله إن لكلماتها الأثر المدوى فى القلوب والأرواح. ليتك كنت هنا يا عفت.. لترى لأول مرة رئيسًا منتخبًا لمصرنا الحبيب الذى انتخبوه على طريق الديمقراطية وأن فتواك "التصويت لفلول الوطنى.. حرام شرعاً"، وأنت من أنت؟ أنت أمين عام الفتوى بدار الإفتاء وجاء نص الفتوى كالآتى: "بأن التصويت لفلول الحزب الوطنى المنحل الذين مثلوا الحزب فى الدورات السابقة أو كانوا منتمين لعضويته حرام شرعاً باعتبار أن ذلك مساهمة فى الفساد ودرء المفاسد واجب شرعى قدمه الفقهاء على جلب المصالح" وقلت بشجاعة: "إن ذلك الحكم مبنى على أن فلول الوطنى يرغبون فى تدمير مستقبل مصر بنشر الرشاوى والمحسوبيات ثانية بعد ما قضت الثورة على تلك الأصول ومن يمنحهم صوته يساعدهم على الوصول إلى المنصة التشريعية". هل انتبه هؤلاء الفلول للكف التى تكاد تصرعهم فانقضوا عليك حين ذهبت ترفل إلى ميدان التحرير وسمعك رفاقك وأنت تقول: " إنى أشم رائحة الشهادة من على بعد ميدان التحرير"؟ ها هو الله لم يرد دعاءك ولبى لك رغبتك الصادقة يوم الجمعة16/12/2011فى اعتصامات مجلس الوزراء لتخترق جسدك النحيل رصاصة الغدر.. وتنال أنت الشهادة وتشتعل بعد ذلك الشعلة التى أشعلت لهيب الثوار ولهيب الأزهر من جديد وفى جنازتك.. بالطبع كنت ترى حيث صلوا على جسدك الطاهر من مسجد الأزهر وكان الإمام هو فضيلة الشيخ على جمعة وسط بكاء مرير من مشيعيك ليهتف الجميع بعدها هتافات مدوية ضد العسكر "يسقط يسقط حكم العسكر، قول ما تخافشى المجلس لازم يمشى" وللمرة الأولى بعد نوم عميق يرى الناس فى الميدان شيوخ وعلماء الأزهر بالجبة والقفطان يشعلون الميدان بالهتافات ليعود دور الأزهر فى المقاومة كما كان من قبل مقاومًا للاحتلال على مر العصور.