فاروق حسنى وصفوت الشريف وأنس الفقى .. الخ، أدوات شاهدة على شراسة الحرب ضد الحجاب فى مصر، ولم يتخيل العلمانيون أن تنتصر محجبة وتدخل أحد استديوهات التصوير أو تقدم برنامجًا فضائيًا، أما أن تدخل القصر الجمهورى فهذا ضرب من الجنون ولا يحدث به عاقل. ولا يزالون حتى بعد إعلان الانتصار مذهولين لا يصدقون، ويتحسبون لذلك المشهد الكونى التاريخى الذى يُسجل فى ملف المعجزات، عندما تدخل امرأة محجبة القصر الجمهورى سيدةً للقصر لأول مرة فى تاريخ مصر المعاصر، لذلك حشدوا كتائبهم وسنوا أقلامهم للنيل من حجاب زوجة الرئيس والسخرية من ثيابها "المحتشمة ". على مستوى الجدل العقلى مع هؤلاء المصدومين والمصدومات، فثياب السيدة نجلاء التى يشعر غالبية المصريين بانتمائها إليهم وشبهها بأمهاتهم، ثياب بسيطة جميلة مريحة للنظر ووقورة وغير مكلفة، أما سوزان ثابت تلك البرجوازية الصغيرة التى احتكرت موارد الدولة لحسابها وحساب أبنائها، فتكلفة أقل فستان كانت ترتديه تكفى لإطعام ألف أسرة من الأسر المصرية متواضعة الحال. إنه زىٌّ من الأزياء يعكس ثقافة ويعبر عن الانتماء لحضارة بعينها، وكما يطالبوننا باحترام حرية المرأة فى الكشف عن أجزاء من جسدها وتلطيخ وجهها بالمكياج، فلا أقل من احترام حرية المرأة المحتشمة فى ارتداء ما تستر به جسدها. وفى ميدان الموضة والإبهار والجمال فالحجاب اليوم خطوط موضة خاصة به تنافس أحدث الموضات، ويتنافس أشهر مصممى الأزياء فى قلب معقل الموضة باريس فى ابتكار أجمل وأحدث التصميمات للمرأة المحجبة، والإقبال يتزايد على بيوت الأزياء الفرنسية من نساء عربيات وخليجيات ونساء أوربيات على هذا الشكل الجديد من الموضة الراقية التى تحفظ للمرأة كرامتها ووقارها. وقد سُئل مصمم الأزياء الفرنسى ستيفان رولان عقب أحد عروضه عن العباءة والحجاب، فقال: أنا فخور بتصميم هذا الزى. لكن المدهش والمثير فى القضية هو جانبها الكونى على صعيد حرب الثقافات ومعجزات انتصار الحجاب المتتالية فى بلاد تشكل عصب المواجهة بين العلمانية والإسلام كتركيا وتونس ومصر. تونس فى عهد الحبيب بورقيبة ومن بعده زين العابدين بن على رفضت وجود امرأة محجبة على أراضيها ونزعت عن المرأة التونسية الحجاب بقوة القانون وطاردتها فى الشوارع ووسائل المواصلات وعاملتها كمنبوذة ومجرمة. وفى تركيا مُنعت المرأة المحجبة من التعليم فى المدارس والجامعات التركية، ومُنعت من دخول المؤسسات الحكومية والأماكن العامة، وفى مصر شن علمانيون وماركسيون ووزراء ورؤساء حربًا شعواء على الحجاب وسخروا منه، وصوّره البعض منهم علامة على التخلف والرجعية. اليوم يُجبر الجميع ممن حاربوا الحجاب وسخروا منه وطاردوه على أداء التحية للحجاب وهو يدخل أكبر وأهم وأعلى مؤسسات الدولة فى تركيا وتونس ومصر. انتصرت الحاجة أم أحمد أو السيدة نجلاء أو أم المصريين زوجة الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية بحجابها وحشمتها، كما انتصرت السيدة خير النساء زوجة عبد الله جول وزوجة الشيخ راشد الغنوشى. منعوا الحشمة وحاربوا الحجاب وسخروا منه فى تركيا وتونس ومصر، وهاهم يقفون اليوم لتحيته رغمًا عن أنوفهم، وفق الأعراف الدبلوماسية والتقاليد العسكرية والبروتوكول الرئاسى. وهل يقدر أحد عن الامتناع عن أداء التحية لسيدة القصر؟