كشف الكاتب الصحفي، جمال سلطان رئيس تحرير صحيفة "المصريون"، عن أسباب تقدم مرشح قطر حمد بن عبد العزيز الكواري، في المنافسة على منصب مدير عام اليونيسكو، على المرشحة المصرية مشيرة خطاب. وقال "سلطان" في مقال له بموقع "المصريون"، تحت عنوان "لماذا تقدمت قطر وتأخرت مصر في تصويت اليونسكو؟"، إنه على عكس ما يروج له الإعلام المصري، فإن المرشح القطري يمتلك سجلا قويا على المستوى الشخصي، بالإضافة إلى خبراته الكبيرة في المحافل الدولية. وأردف أنه في المقابل لم تحسن مصر اختيار مرشحها، حيث إنها لم يكن لها صلة قوية بعالم الثقافة والتعليم والتنمية، كما يتضح أنها ليست مرشحة "الثقافة" المصرية أو العربية أو حتى الأفريقية، بل الدولة العقيمة. وجاء نص المقال كما يلي: "مرة أخرى يوشك العرب أن يضيعوا فرصتهم في تولي رئاسة "اليونسكو" ، المؤسسة الثقافية الدولية الأكثر أهمية على الإطلاق، وذلك بعد أن أصرت دولتان عربيتان على الدفع بمرشح لكل منهما ، مما كان خصما من رصيد المرشح الآخر بكل تأكيد ، خاصة في الكتل الدولية التي تتعاطف مع العرب تقليديا وقضاياهم العادلة ، وقد أجريت عملية التصويت الأولى أول أمس فحصل مرشح قطر الدكتور حمد الكواري على 19 صوتا ، كما حصلت مرشحة مصر الدكتورة مشيرة خطاب على 11 صوت ، ومرشحة فرنسا على 13 صوت ، وهذا يعني أن مجموع ما حصل عليه "العرب" ، مرشحا مصر وقطر هو 30 صوتا ، وهي كافية لحسم المقعد لو كانت لمرشح واحد، لأن هذا الرقم يعني النصف زائد واحد من مجموع (58) دولة لها حق التصويت ، ولكن تمزق الإرادات السياسية ، حرم الاثنين من الوصول إلى اليونسكو ، وغالبا لن تكون الجولات التالية لصالح أي منهما إلا بمعجزة ، لأن المرشحة الفرنسية ستحصل على دعم من يستشعر الخسارة منهما ، كما أن الأصوات الأخرى التي توزعت بين الصين ودول أخرى ستؤول غالبا إلى المرشحة الفرنسية هروبا من الحرج في الانقسام العربي. الأمر تكرر من قبل عندما ترشح كل من الشاعر السعودي الراحل الكبير غازي القصيبي أمام المرشح المصري الدكتور إسماعيل سراج الدين ، فضاعت الفرصة من الاثنين ، غير أن الأجواء الآن أكثر احتقانا نظرا للخلاف السياسي العنيف بين القاهرة والدوحة ، وهو خلاف ممتد للخليج كله تقريبا ، ولذلك من الصعب تصور أن يتنازل الكواري أو مشيرة ، أحدهما للآخر ، والفرصة الأولى الآن للمرشحة الفرنسية ، يليها منطقيا المرشح القطري لأنه حصل على تسعة عشر صوتا في الجولة الأولى وهي أعلى الأصوات . مصر أدارت المعركة بغشومية سياسية وديبلوماسية ، كان هناك ابتهاج زائد بتنازل العراق لمصر وهو تنازل لا قيمة له لأن العراق حاليا لا يملك أي ثقل لا سياسي ولا ثقافي على المستوى العالمي ، كما أن الديبلوماسية المصرية استخفت كثيرا بقدرات المرشح القطري ، وما زال الإعلام المصري حتى الآن يحكي خرافات عن قطر ومرشحها ، وأنها اشترت الأصوات بأموالها ، ولو كانت المسألة أموالا لضخت "أبوظبي" عدة مليارات في هذه الموقعة نكاية في جارتها اللدود قطر ، ولكن الأمر يتعلق بالسجل الشخصي للمرشح القطري وأيضا لصورة بلاده في دنيا الثقافة والتعليم الآن . المرشح القطري يملك سجلا قويا على المستوى الشخصي ، وهو بالمناسبة مصري الثقافة والهوى ، وكانت له صداقات قوية مع رموز ثقافية مصرية كبيرة على مدار أربعين عاما تقريبا ، مثل رجاء النقاش ولويس عوض وجلال كشك وجيلهم وأجيال تلتهم ، وهو "درعمي" خريج كلية دار العلوم جامعة القاهرة ، وبالمناسبة فزوجته مصرية ، ثم حصل على الماجستير من السوربون في فرنسا ثم الدكتوراة من جامعة (ستوني بروك) في نيويورك ، وتولى وزارة الثقافة في بلاده ثم عمل مندوبا لها في الأممالمتحدة وكان نائبا لرئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة ، كما عمل في اليونسكو أيضا سنوات ، كما كان سفيرا لبلاده في عدد كبير من الدول العربية والأوربية والأمريكية وفي أمريكا الجنوبية مما ساعده على بناء شبكة علاقات عامة قوية ، وهو يتحدث بعدد من اللغات العالمية ، فهو ليس شخصا هامشيا أو مغمورا كما يحاول أن يصوره قطاع من الإعلام المصري الآن ، هذا بالإضافة إلى أن قطر نفسها في المجال الثقافي والتعليمي تحظى بمكانة جيدة في السنوات الأخيرة ، فقد صنفت الأولى عربيا في جودة التعليم ، وكذلك صنفت الأولى عربيا في التنمية الشاملة وفي رعاية الطفولة ، كما أن ربحها لفرصة تنظيم كأس العالم 2022 منحها حضورا دوليا أيضا ، وهذا كله كان يستدعي أن تأخذ مصر تحدي المرشح القطري على محمل الجد وليس بهذا القدر من الاستخفاف . في المقابل لم تحسن مصر اختيار مرشحها ، مع كامل الاحترام للسيدة مشيرة خطاب وتاريخها ، فلم يكن لها صلة قوية بعالم الثقافة والتعليم والتنمية ، ووضح أنها مرشحة "الدولة العميقة" المصرية وليست مرشحة "الثقافة" المصرية أو العربية أو حتى الأفريقية ، إضافة إلى أنها لم تبذل أي جهد يذكر لتحسين صورة مصر المهترئة الآن عالميا في مجال حقوق الإنسان ، وخاصة ما يتعلق بقطاع الثقافة ، فهناك مكتبات يتم غلقها بقرارات سياسية ومثقفون تتم مطاردتهم وسجنهم ومجتمع مدني يتم سحقه بلا رحمة وبلا استجابة للملاحظات الدولية بشأنه ، وقطاع واسع منه متصل بالثقافة ، وهذا كله سجل لا يشجع العالم على اختيار مرشح مصر . غرر بالحكومة المصرية نفر من المثقفين "الدولجية" وصوروا لها أن "افريقيا" في الجيب ، وأن العالم كله يهتف باسم مصر وحضارتها وأن المنطقة العربية كلها ضد قطر وستصوت للمرشحة المصرية ، وعاشوا في وهم كبير ، لم يفيقوا منه إلا بعد ظهور نتائج الجولة الأولى من التصويت ، وها نحن ننتظر نتائج الجولات الأخرى ، لعل وعسى".