تدعى بعض الفصائل التى تنعت نفسها بالنخب الثورية أن المشاركة فى انتخابات الإعادة لاختيار رئيس الجمهورية خطيئة وطنية، لأنها من منظورهم وحسب رؤيتهم المستنيرة تعد إما دعمًا لدولة الدين أو إعادة لإنتاج دولة القهر والديكتاتورية، وكلاهما عمل يأباه ضميرهم الثورى! وهما خياران كلاهما مر، والحقيقة أن هذه كلمة باطلة أريد بها باطل أكبر يبرر لهم الردة عن طريق الحرية والكرامة التى بشرت بها الثورة، والهرولة إلى إعادة تدوير نظام المخلوع بوجه جديد لا يخفى إخلاصه له واقتداءه به. وقد بلغ الشطط بالبعض الآخر من هؤلاء مبلغًا بعد أن أشبعوا شبقهم وبلغوا غايتهم باستغلال دماء الشهداء للمضاربة بها والتربح والتسبب منها بتحويلها إلى أرقام فى أرصدة السحت والغلول، فانحازوا لخيار الاستبداد بعد أن بدت بوادر عصا الأمن تعود، وظهرت أموال الشعب المنهوبة فى أيدى الفلول تنفق بغير حساب فى الرمق الأخير لمعركة الوجود والعودة لمقاعد الأسياد؛ لتركيع الشعب وإذلاله، انحازوا لمعسكر الفساد بدعاوى زائفة عن الخبرة الفائقة والقدرات الفذة على إعادة الأمن خلال 24 ساعة وتسيير عجلة الاقتصاد وتأمين الحياة اليومية للشعب، برغم أن صاحب تلك الأقاويل مسئول مباشرة عن طمس أدلة الإدانة فى قضايا قتل الثوار، ومسئول عن تهريب أموال الشعب المنهوبة والتستر على بعض المتهمين، وهى دعاوى سخيفة تحقر دماء أبناء الشعب وتزدرى خياراته التى تنحو إلى اقتلاع جذور النظام، الذى باع كل شىء حتى دون إخضاعه لقانون العرض والطلب، ولكن لقانون الإرادة المنفردة الآثمة التى تتصرف فيما لا تملك وتعطى من لا يستحق وتستبدل سخط شعبها برضا أعدائه فى الخارج فى رهان ثبت خسرانه. والحقيقة أن من أيد صراحة الوقوف فى صف الفلول كان صادقًا مع نفسه ساعيًا لمصالحه واضحًا مع غيره، وإن كان خياره يتنافى مع ما كان يدعيه من ثورية تجرى فى عروقه، أما الطامة الكبرى فهى فيمن يقف فى الميادين وبين الثوار ويلعن الظلام الدامس الذى عاشته مصر فى ظل حكم المخلوع، وبدلاً من حث الناس على طى تلك الصفحة السوداء من تاريخ مصر، والتأسيس لحقبة جديدة تعيد الحق لصاحبه (الشعب) فى اختيار نوابه ورئيسه، نراهم يتآمرون مؤامرة خسيسة بتدشين كيانات بديلة يستحيل تشكيلها أو الاتفاق عليها شعبيًا، كمجلس رئاسى غير معلوم عدد أعضائه أو اختصاصاته ومدة بقائه، وأهدافه الحقيقية، وعندما تجهض محاولاتهم يشرعون بحث الناس على المقاطعة، وعدم التصويت أو إبطال أصواتهم، كما لو كانت الانتخابات تجرى بين شخصين من أمانة السياسات أو من هيئة مكتب الحزب المنحل، وهو ما يعد دعمًا مباشرًا لمرشح الفلول الذى يراهن على زيادة المعدل الذى حصل عليه فى الجولة الأولى مع صد الناس عن الخروج للتصويت حتى لا ترجح كفة منافسه. يجرى ذلك الجدل المريض وتكاد انتخابات الخارج تضع أوزارها بعد انتهاء فترة التصويت، وتصفع العهد البائد بوجوهه الكالحة، ليكون لدينا برلمان ورئيس منتخبان انتخابًا شرعيًا، وتنتهى بهما فترة التيه التى نعيش فيها العجب الترهات، بافتعال الأزمات على كل الأصعدة. تبقى كلمة أخيرة لإخوة فى المواطنة شركاء الأفراح والأتراح عانوا مثلما عانينا، أعنى بهم أبناء الكنيسة بكل طوائفهم، لا خير فى مجتمع يظلم أبناءه ولا خير فى أبناء يفرطون فى وطنهم، عرضهم وشرفهم، جربتم الاستبداد والقهر فنالكم منه، ولا تنكرون قسط وعدل الإسلام معكم على مر العصور والدهور، فلا تعقدوا الخصومة مع الكل من أجل الجزء الذى سامكم وسامنا القهر والمعاناة.