بعد غد الخميس, ستعلن المحكمة الدستورية العليا حكمها فى مدى دستورية قانونى العزل والانتخابات البرلمانية, وتتعدد الاحتمالات فى هذا اليوم, ومن بينها أن يصدر الحكم بعدم دستورية قانون الانتخابات البرلمانية والذى يعنى مباشرة حل مجلسى الشعب والشورى. أى سلطة بأى دولة بالعالم تعرف أن بعد ساعات محدودة سوف يصدر حكم القضاء فى بقائها أو عدم بقائها, فإنها سوف تتوقف فورًا عن اتخاذ قرارات كبيرة ومؤثرة, ولهذا يصفون إدارة أى رئيس أمريكى فى سنة حكمه الأخيرة بالبطة العرجاء لأنه من الصعوبة أن تتخذ إدارته قرارات مؤثرة. المقدمة الطويلة السابقة ضرورية للتعليق على إصرار مجلس الشورى غير العادى لتغيير رؤساء تحرير الصحف القومية, فهذا المجلس وقبل أن يبدأ أولى جلساته وقبل أن يحلف أعضاؤه اليمين الدستورية, أعلن رئيسه الدكتور أحمد فهمى أنه سيقوم بتغيير 52 رئيس تحرير صحيفة قومية (بالمناسبة:العدد الفعلى يقل عن هذا الرقم), مما أعطى انطباعًا أن هذا المجلس ورئيسه وأعضاءه قد جاءوا خصيصًا لإنفاذ تلك المهمة المقدسة. شكل المجلس لجنة إدارية من عندياته لم تضم ممثلين عن شيوخ المهنة أو مجلس النقابة, وقاموا بإعلان معايير اختيار رؤساء التحرير والتى اتسمت بعوار شديد, وانتقدها بموضوعية ومهنية شديدة غالبية زملاء المهنة وشيوخها, مثل هذا البند الذى يشترط أن يقدم الصحفى الذى يرغب فى رئاسة التحرير, سجلاً بأعماله على مدار تاريخه المهنى للجنة, كأن إنتاج الصحفيين ليس منشورًا يوميًا, ثم أن يكون الصحفى قد أمضى 15 سنة عمل متصلة داخل المؤسسة التى يريد رئاسة تحرير إصدارها, وهو شرط تعجيزى لأننا نعرف أن غالبية الصحفيين (إن لم يكن جميعهم) قد أمضوا فترة من عمرهم المهنى إما فى العمل خارج مصر لرفع مستواهم المعيشى بسبب تدنى الأجور داخل المؤسسات الصحفية, أو انتقل هذا الصحفى للعمل داخل مؤسسات صحفية حزبية أو مستقلة بسبب تضييق الحريات على ما يكتبه, وجرى هذا فى عهود ماقبل ثورة يناير, لذا بدا شرط الأعوام المتصلة بمثابة شرط تفصيلى لأشخاص بأعينهم مطلوب تعيينهم فى تلك المناصب. أمس الأول عقد رئيس مجلس الشورى وعدد من أعضائه اجتماعًا مع وفد مجلس نقابة الصحفيين (اعتذر نصف أعضاء مجلس النقابة عن عدم حضور هذا الاجتماع) وبسبب عدم منطقية الشروط والمعايير التى أراد مجلس الشورى أن يضعها كأساس لاختيار رؤساء تحرير ومجالس إدارة المؤسسات الصحفية, فقد انسحب وفد النقابة معلنًا اعتراضه فى مذكرة رسمية لكن بقى نقيب الصحفيين فى الاجتماع. هذا الاجتماع جاء قبل ساعات من صدور حكم الدستورية العليا والذى قد يفضى إلى حل مجلسى الشعب والشورى, ففيم العجلة والإصرار على إنجاز هذا الملف الآن خاصة أن عددًا كبيرًا من الصحفيين يشبه أداء رئيس مجلس الشورى ولجنته بأداء الحزب الوطنى وأن الإخوان يريدون تبعية الصحف القومية لمكتب الإرشاد مثلما كانت تفعل أمانة السياسات بالحزب الوطنى. أليس من الجائز أن يتم إلغاء مجلس الشورى فى الدستور الجديد, فلماذا يرغب مجلس الشورى فى تغيير أوضاع بعينها, بينما استمراره من عدمه محل شك. مطلوب أن يستمع رئيس مجلس الشورى إلى آراء وخبراء شيوخ المهنة من الصحفيين وإلى أعضاء الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين, فلا يمكن بعد تلك الثورة العظيمة أن يظل حال الصحافة القومية بائسًا وتابعًا لحزب الأغلبية فى كل العهود, فأمس الحزب الوطنى.. واليوم الحرية والعدالة.. وغدًا حزب آخر. ملحوظة مهمة: كاتب هذه السطور لم يعمل يومًا واحدًا فى حياته المهنية بأى صحيفة قومية وغير معين بإحداها, واختار العمل بصحف المعارضة منذ ما يزيد عن عشرين عامًا). [email protected]