وقف أبو الفتوح وخالد على وصباحى (مرشحو الرئاسة فى الجولة الأولى ولم يحالفهم الحظ) على منصة التحرير, متشابكى الأيدى يهتفون "أيد واحدة", ولو كان هذا المشهد قبل نتيجة الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة, لتفاءل الناس واستبشروا خيرًا, لكن أن يحدث الآن, بعد أن فشلت جميع المحاولات للاتحاد فيما بينهم, ناهيك عن الاتحاد مع مرشح الحرية والعدالة محمد مرسى والدكتور العوا, للاتفاق على مرشح واحد للثورة كان يستطيع حسم المعركة من الجولة الأولى أو على أقل تقدير أن تكون الإعادة بين مرشحى الثورة! لكن شهوة السلطة وزهو الكرسى, وآفة الاختلاف والتنازع وعدم إنكار الذات, والتى نتيجتها دائمًا الفشل والإخفاق، أدت إلى هذه النتيجة وما نحن فيه الآن. إن المآلات والنتائج فى وقت الفتن والمشاكل يعلمها المبصرون المحايدون, ونتيجة الفرقة والاختلاف واضحة, فمرشحو الثورة (مرسى وأبو الفتوح وصباحى والعوا وخالد على) مجموع أصواتهم ما يعادل 16 مليونًا, لو اجتمعوا على واحدٍ منهم لحُسمت القضية, لكن تفرقوا, ثم تتاح لهم الفرصة الآن للاتفاق, وللإجهاز على النظام القديم بأذنابه وفساده, متمثلاً فى شفيق, فنخفق ونعود إلى فتح أبواب جديدة للخلاف والتفرق, مثل اقتراح تكوين مجلس رئاسى يتجاوز نتيجة انتخابات الجولة الأولى, ويعيدنا إلى المربع الأول والنقطة صفر, فنبحث عن فترة انتقالية جديدة وإعلان دستورى جديد وخلاف على أعضاء المجلس، وإطالة فترة المجلس العسكرى, ولا أدرى الداعى لكل هذا, سوى حرمان الإخوان من منصب الرئاسة, الذى لم يعد هناك بديلاً من تواجدهم فيه, هم أو النظام القديم, لقد كان تصريح حمدين صباحى صادمًا حين قال باستعلاء لا يدانيه إلا قامة جمال عبد الناصر حين كان يحس بنشوة الزعامة أنه يقف على الحياد بين شفيق ومرسى ولن يعطى صوته لأحدهم؛ لأنه يرفض النظام القديم ويرفض الاستبداد الدينى الذى يمارسه الإخوان! فساوى بين الطرفين, ولا يعلم أن كلامه هذا يصب فى مصلحة شفيق, ويعيد إنتاج النظام القديم بإحجام أتباعه عن التصويت لمرسى, ومهما كان الخلاف مع جماعة الإخوان فلا يصل الأمر للتسوية بينها وبين تلميذ مبارك, وموقف صباحى يختلف عن موقف كثير من الوطنيين المخالفين للإخوان قلبًا وقالبًا، ولكنهم يقرأون المشهد بطريقة صحيحة منصفة فأعلنوا تأييدهم لمرسى، مثل الأستاذ عبد الحليم قنديل وهو من أشد الناس نقدًا للإخوان ووائل قنديل، مدير تحرير الشروق، ووائل غنيم، الناشط السياسى المعروف, وعلاء الأسوانى، الكاتب الشهير، والذى دعا للاصطفاف الوطنى خلف مرسى قائلاًً مقولته الشهيرة (خلافنا مع الإخوان سياسى, أما خلافنا مع شفيق فجنائى) ونوارة نجم, وأيمن نور الذى أحس بخطورة الموقف بعد أحكام مبارك, وبلال فضل، الكاتب الساخر، والذى لا يقل ثورية ولا تأثيرًا عن السيد صباحى, إننا أمام خطوة واحدة لا تحتمل التسويف, والضغط الحادث الآن من المظاهرات والاعتصامات والاحتجاجات شىء جيد, لا بد أن يستمر لبيان الرفض لإهدار العدالة بإخفاء الأدلة وإتلافها فى قضية مبارك, وعدم تطبيق قانون العزل على شفيق, والسماح له بدخول الانتخابات بالرغم من القضايا المرفوعة ضده, فلو أدين فى إحداها بعد اختياره رئيسًا (لا قدر الله) ماذا يكون الموقف؟, ولكن هذه الضغوط لابد أن يسير معها بالتوازى الاستعداد المكثف لجولة الإعادة والاصطفاف والتحسب لإجرائها فى غيبة القوى الشعبية والثورية الفاعلة فى المجتمع, ثم نفاجأ بوجود شفيق رئيسًا, ويتم التعلل بالشرعية الدستورية ونعود لنفس المتاهة. إن المطلوب الآن هو التكاتف واستمرار الضغط الشعبى, وترك فكرة المجلس الرئاسى إلا من خلال نتيجة الانتخابات بمعنى مجلس مثلث رأسه مرسى بحكم النتيجة, وضلعاه أبو الفتوح وصباحى, ويكون الباب مفتوحًا لكل الكفاءات السياسية للاشتراك فى القرار سواء كمستشارين, أو فى التشكيل الوزارى، الذى يجب أن يتنازل عنه الإخوان وتركه لأهل الكفاءة من خارج تشكيلات الجماعة لبث الثقة والطمأنينة, إن الأيام القادمة تعتبر أخطر الأيام فى تاريخ الثورة, فيجب ألا نضيعها بأيدينا, ويومها لن ينفع الندم! [email protected]