الجيش الحكومي يقتل الآلاف.. شهادات مروعة عن مذابح واغتصاب.. الناجون يفرون إلى بنجلاديش.. والمجتمع الدولى يكتفى بعبارات الشجب والتنديد "قتل، تشريد، اغتصاب، سفك دماء، تهجير، تعذيب، حرق"، هكذا يتعرض المسلمون في دولة "ميانمار"، الذين يعانون من أبشع المجازر وحملات القمع والمطاردة، ليس من جانب العصابات والميليشيات الخارجة عن القانون، لكن من السلطة الحاكمة هناك، حيث يعاني مسلمو "الروهينجا" من سياسة العقاب الجماعي التي تشمل التعذيب والقتل والاغتصاب، وحرق المنازل في قرى بأكملها، ما أدى إلى موجة فرار واسعة لتلك الأقلية من قراهم هربًا من هذا المصير. الأمر اللافت أن كل هذا يحدث وسط صمت دولى وعربى، باستثناء بيانات تصدر من هنا أو هناك للإدانة قولًا فقط، دون تحرك دولي جاد لوقف تلك المذابح اليومية، وهو ما أثار علامات استفهام عديدة وأيضا تساؤلات، حول أسباب ذلك الصمت الملحوظ، فى الوقت الذى لا يتوانى فيه المجتمع الدولي عن التحرك سريعًا، حال تعرض الأقليات الأخرى لمثل تلك الانتهاكات. ولا يزال تدفق مسلمي الروهينجا الذي يعانون من التمييز الديني والعرقي مستمرا من ميانمار إلى بنجلاديش، حيث يتركون كل ما يمتكلون خلفهم وينطلقون في رحلة شاقة للنجاة بأرواحهم تنتهي بهم في المخيمات داخل حدود بنجلاديش . ومنذ 25 أغسطس الماضي، يرتكب جيش ميانمار انتهاكات جسيمة ضد حقوق الإنسان، شمالي إقليم أراكان، تتمثل باستخدام القوة المفرطة ضد مسلمي الروهينجا. وأعلن مجلس الروهينجا الأوروبي، الاثنين الماضي، مقتل ما بين ألفين إلى 3 آلاف مسلم في هجمات جيش ميانمار بأراكان، خلال 3 أيام فقط، فيما وصل إلى بنجلاديش نحو 87 ألف شخص من الروهينجا منذ شهر أكتوبر الماضي، وفق علي حسين، مسؤول محلي بارز في مقاطعة "كوكس بازار" البنغالية. جرائم مروعة لجيش ميانمار بحق الروهينجا روى عدد من اللاجئين المسلمين الفارين من إقليم أراكان في ميانمار والمقيمين في مخيم للاجئين في بنجلاديش تفاصيل معاناتهم، وقالت عبيدة خاتون لوكالة "الأناضول"، إن بيتها هوجم وقتل المهاجمون زوجها وأخيها وعذبوها حتى ظنوا أنها ماتت وألقوا بها على ضفة النهر . وأضافت أن مسلمي ميانمار لا تتاح لهم فرصة دفن موتاهم إذ يتم تحميل الجثث على عربات ونقلها لأماكن مجهولة، وأشارت إلى أن البنات هن أكثر من يتعرضن للتعذيب، حيث يتم اغتصابهن وتعذيبهن حتى الموت، كما يتم القذف بالأطفال مثل الحجارة . وأكدت عبيدة أنه لم يعد هناك ما يؤكل في أراكان، ولجأ المسلمون هناك إلى أكل جذوع أشجار الموز التي نفدت بدورها . وقال لاجئ يدعى "عبد الكلام"، إن المسلمين ليس بإمكانهم الذهاب للسوق للحصول على احتياجاتهم وليس بإمكانهم العمل، ومن يخرج منهم للعمل يتعرض للضرب كما حدث معه عندما تعرض للطعن بالسكين بسبب عمله، ثم ألقي به في السجن واتهم بالسرقة . وأضاف أنه في الفترة الأخيرة باتت منازل المسلمين تستهدف بقذائف المولوتوف، إذ لم يعد يُعترف بحق المسلمين في الحياة في ميانمار. وقال مسلم أراكاني، في شهادة، نشرها موقع "أراكان تايمز" الإخباري على حساباته بمواقع التواصل الاجتماعي، إن جيش ميانمار قتل كامل أسرته ومن ثم قام بحرق أجسادهم. وأضاف: "لقد جلبوا شقيقي الصغير، و3 من أولادي، وابن أخي، وأمي، وأختي على الشاطئ وقتلوهم هناك بالسلاح، كنت قد ذهبت كي أجمع أغراضي لكن الله أنقذني، ولولا ذلك لكنت في عداد القتلى أيضًا". وأشار المسلم الأراكاني، إلى أنه ظل وحيدًا من بين أسرته، بعد أن قتل الجيش كل أفراد أسرته، "لقد رأيت من مكان بعيد كيف قتل الجيش أسرتي وأحرقهم بالنار، لقد قتلوا العديد من الأشخاص في قريتي". وقال شهود عيان في إقليم أراكان، إن عناصر الجيش اغتصبوا عددًا كبيرًا من نساء القرى المسلمة التي هاجموها في الآونة الأخيرة، وقتل منهن 50بعد حملهن . وروت امرأة روهينجية استطاعت الفرار إلى بنجلاديش تفاصيل مروعة عن عمليات اغتصاب للنساء المسلمات في ولاية أراكان تمارسها عناصر من الجيش والمليشيات منذ بدء أحداث العنف الأخيرة في 9 أكتوبر الماضي . وروت المرأة في مقطع فيديو أرسل إلى وكالة أنباء "أراكان" تفاصيل عمليات اغتصاب شهدت بنفسها بعضها في قريتها التي كانت تسكن فيها، ونقلت بعضها عن أحياء للمسلمين الروهينجا قريبة منها في مدينة منجدو بولاية أراكان . وقالت المرأة إن عناصر من الجيش والمتطرفين البوذيين والمليشيات التي شكلتها الحكومة اقتحموا منازل مدججين بأسلحة واقتادوا قاصرات وحديثات بلوغ إلى أحد البيوت وتناوبوا اغتصابهن تحت تهديد السلاح . وأضافت المرأة أن الجناة كانوا يدخلون على الفتيات تباعًا بينما يجعلون أحدهم في حراسة المكان، ثم يكممون أفواه الضحايا بأقمشة أثناء عملية الاغتصاب، مؤكدة أنها شهدت أثناء مغادرة القرية فتيات تعرضن لنزف حاد وأصبحن في حالة صحية سيئة للغاية . وأشارت إلى أن "أفراد العصابة ضربوا عددًا من الفتيات اللاتي حاولن المقاومة بأعقاب رشاشات ومطارق وعصي وأسلاك، ما أدى إلى جروح ونزف للكثيرات ". وفي مقطع الفيديو، أفادت المرأة أن أفرادا من الجناة تحت تهديد السلاح عبثوا بأجساد الفتيات قبل الاغتصاب، ولم يغفلوا عن مصادرة حلي النساء وحاجات الأسر وممتلكات خاصة وأموال ومواد غذائية وخربوا أكياس أرز وأدوات طبخ. وأفاد عبد الخالد عبد الله، أحد الشهود، أنه كان يعمل مدرسًا لمادة الحديث في إحدى مدارس القرى المسلمة في إقليم أراكان، قبل أن يقوم الجيش الميانماري بهدم قريته بأكملها . وأضاف: "قام الجيش بهدم بيوت القرية والمدرسة التي كنت أعمل بها، واغتصبوا أكثر من 250 امرأة وفتاة، ثم قاموا بقتل 50 فتاة منهن بعد حملهن ". وأردف أن "الجنود حبسوا عائلة داخل منزلها، ثم قاموا بحرق المنزل...احترقوا وهم أحياء، ثم قاموا برمي أطفال وشباب إلى النار، ثم دخل الجنود يرافقهم بوذيون متشددون إلى المسجد وحرقوا القرآن الكريم ثم بالوا عليه ". وأشار عبد إلى أن جنود الجيش الميانماري، صادروا المجوهرات والذهب والزينة من نساء القرية، ثم قاموا بتعريتهن من ملابسهن، وأجبروهن على التجوال في أزقة القرية . ولفت إلى أن حصيلة الهجوم على قرى إقليم أراكان، أسفر عن تدمير أكثر من ألفي منزل، وقتل نحو 500 شخص، واعتقال أكثر من ألف . الأقلية الأكثر اضطهادًا في العالم يعيش في ميانمار أقليات عديدة مثل الروهينجا المسلطة عليها الأضواء حاليا نظرًا لظروفها الصعبة، ويبلغ عدد مسلمي الروهينجا نحو 1.33 مليون نسمة، ويعيشون في ولاية أراكان الساحلية الغربية، وتصنفهم الأممالمتحدة بأنهم من أكثر مجموعات اللاجئين المعرضين للاضطهاد في العالم . وتشير المراجع التاريخية إلى أن أصول الروهينجا تعود إلى القبائل العربية التي وفدت إلى آسيا للتجارة في القرن الثامن الميلادي، ولهم لغة خاصة تتبع اللغات الهندوأوروبية، وهي تعتمد أبجدية تعد حديثة نسبيًا، وهي أبجدية معترف بها من قبل "المنظمة الدولية للمعايير". وبموجب قانون أقرته ميانمار في 1982، حرم نحو مليون مسلم من الروهينجا من حق المواطنة، إذ تعدهم الحكومة "مهاجرين غير شرعيين من بنجلادش"، كما تعرضوا لسلسلة مجازر وعمليات تهجير ليتحولوا إلى أقلية مضطهدة بين أكثرية بوذية وحكومات غير محايدة . ومنذ عام 2011 تزايد التوتر بين الطوائف الدينية في البلاد، بالتزامن مع حل المجلس العسكري الذي حكم ميانمار لنحو نصف قرن، كما تزايدت خلال السنوات الأخيرة الدعوات لاضطهادهم من قبل حركات بوذية متطرفة، مثل حركة "رهبان بوذيون قوميون". وخلال السنوات الخمس الماضية، تم احتجاز نحو 120 ألفًا من مسلمي الروهينجا في مخيمات النزوح، دون منحهم حق المغادرة إلا بإذن، أو الحصول على الخدمات الرئيسية كالرعاية الصحية والتعليم، فيما تصنفهم الأممالمتحدة "الأقلية الدينية الأكثر تعرضا للاضطهاد في العالم" . وفي العام 2014 قالت منظمة "ريفيوجيز إنترناشيونال" إنّ أكثر من 140 ألف روهينجي يعيشون في مخيمات للمشردين داخل ميانمار، حول عاصمة ولاية أراكان في جنوب غربي البلاد، ويعتمدون بشكل كامل على المساعدات الدولية . الأممالمتحدة تتهم ميانمار باستخدام «القوة المفرطة» طالب الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة كوفي عنان، حكومة ميانمار بالتخلي عن "القوة المفرطة" في تعاملها مع أزمة مسلمي الروهينجا، ومراقبة أداء قوات الأمن كأحد أساسيات حل الأزمة. توصيات عنان جاءت خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد أواخر الشهر الماضي، للكشف عن التقرير النهائي لعمل اللجنة الاستشارية لتقصي الحقائق حول تقارير تفيد بتعرض مسلمي الروهينجا لانتهاكات، والذي يحمل اسم "نحو مستقبل سلمي وعادل ومزدهر لشعب أراكان". وقال عنان، الذي يرأس اللجنة التي عينتها مستشارة الدولة في ميانمار، "أون سان سو تشي"، في 2016، إنه "يتعين على الحكومة الميانمارية إعادة النظر في الربط القائم بين المواطنة والعرقية". وأضاف أن "وضع المسلمين في إقليم أراكان يعكس أزمة حادة في حقوق الإنسان"، على خلفية انعدام حصولهم على أي جنسية، والتمييز الشديد الذي يتعرضون له . وبحسب لجنة تقصي الحقائق المكونة من 9 أعضاء بينهم 3 أجانب، يعيش في ميانمار "10 % من عديمي الجنسية، ويشكل مسلمو الروهينجا أكبر جماعة من عديمي الجنسية في العالم". وأدت حملة أمنية أطلقتها السلطات في أكتوبر 2016، في منطقة مونجدو، بإقليم أراكان، حيث تشكل الروهينجا الأغلبية، إلى صدور تقرير أممي عن "انتهاكات لحقوق الإنسان ارتكبتها قوات الأمن" هناك، كما أشار إلى "ارتكاب جرائم ضد الإنسانية". . ووثقت الأممالمتحدة أعمال اغتصاب جماعي، وعمليات قتل شملت أطفالاً، وممارسات ضرب وحشي، واختفاء بحق مسلمي الروهينجا في ميانمار . قتل مسلمي الروهينجا بسلاح إسرائيلي رفضت وزارة الدفاع الإسرائيلية وقف بيع السلاح للنظام في دولة ميانمار، على الرغم من الجرائم المرتكبة ضد المسلمين هناك، بحسب مقال نشرته صحيفة "هآرتس" . ونشرت الصحيفة على موقعها الإلكتروني، مقالاً للكاتب جون براون، جاء فيه: "على الرغم مما هو معروف عن تواصل الجرائم، فإن الحكومة الإسرائيلية تصر على بيع السلاح للنظام هناك". وقال الكاتب إن الجنرال مين أونج هلينج، زار إسرائيل في سبتمبر 2015، في "مهمة شراء" من مصنّعي أسلحة إسرائيليين، مشيرًا إلى أنه "التقى وفده الرئيس رؤبين ريفلين ومسؤولين عسكريين، من ضمنهم رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي". وذكر الكاتب أيضًا أن رئيس دائرة التعاون الدولي في وزارة الجيش الإسرائيلي، ميكائيل بن باروخ، زار ميانمار صيف 2015 . ولفت إلى أن المحكمة العليا الإسرائيلية ستنظر، نهاية شهر سبتمبر الجاري، في "التماس قدمه نشطاء حقوق إنسان (إسرائيليون) ضد استمرار بيع السلاح لميانمار". وقال: "في رد مبدئي أصدرته في شهر مارس، أعلنت وزارة الدفاع ألا علاقة للمحكمة بهذا الأمر، باعتباره بوضوح شأنًا دبلوماسيًا" . وذكر أن وزير الدفاع إفيجدور ليبرمان، قال في 5 يونيو، ردًا على سؤال من عضو الكنيست (النواب) تمار زاندبيرج عن بيع الأسلحة إلى ميانمار، قائلاً: "منصة الكنيست ليست المكان الملائم لبحث تفصيلي في المسألة". وأشار إلى أن ليبرمان اعتبر أن إسرائيل "تتموضع في العالم المتنور، وهو الدول الغربية، وأولاها الولاياتالمتحدة، أكبر مصادر للسلاح، نحن نُموْضع أنفسنا مع هذه الدول ونحافظ على السياسة ذاتها". ولكن براون استذكر أن الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي "فرضا حظراً على بيع السلاح إلى ميانمار". دبلوماسيون سابقون: ما يحدث في ميانمار هو الإرهاب الحقيقى قال السفير أحمد الغمراوي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن ما يتعرض مسلمو الروهينجا فى ميانمار يرجع إلى عقود، مشيرًا إلى أن من يعتقد بأن الإرهاب يوجد فى الوطن العربى فقط فهو خاطئ، فالإرهاب موجود فى ميانمار أكثر مما يراه أو يتوقعه أحد. وأضاف ل"المصريون": "لاشك أن المسلمين فى ميانمار فى أزمة كبيرة والدليل على ذلك ما يحدث لهم من إبادة مما يدفعهم للهجرة إلى بنجلاديش، وهذا يدل على الضغط غير العادى الذى يتعرضون له، علمًا بأن رئيسة الوزراء الحالية "أونج سان سو تشي" والحائزة على جائزة نوبل للسلام قد عانت من الاضطهاد أثناء الحكم العسكرى الذى كان يحكم البلاد، وبمجيئها بالحكم المدنى، اعتقد الكثيرون أن المشكلة سوف تحل، ولكن ما يحدث يدل على عكس ذلك تماماً، فتركت المتشددين البوذيين يشعلون التطرف فى المجتمع ويقتلون كل من هو مسلم فى مينامار". وتابع الغمراوى: "دول الجوار لميانمار بدأوا فى مهاجمة حكومة ميانمار، ولكن للأسف كل ما يحدث بعيد عن حكام العرب المسلمين والوطن العربي، فليس لديهم أى خطة موحده للتنديد بالعنف فى ميانمار سوى خروج البعض بكلمات مشجوبة لا تؤثر على الوضع الحالى الذى يعيشه المسلمون هناك، فى ظل خطاب من رئيسة الحكومة لا يوضع ما يحدث هناك ولا يجيب عن سبب هروب ونزوح وقتل المواطنين وهروبهم إلى بنجلاديش". وأوضح، أن "أكثر الدول التى تندد بما يحدث هناك هى إندونيسيا بحكم أنها من أكبر الدول الإسلامية فى العالم، وتأتى ماليزيا فى المرحلة الثانية للتنديد"، وطالب مصر ب "الإسراع فى اتخاذ قرارات ضد ما يحدث هناك خاصة وهى ترأس ثلاث لجان فى مجلس الأمن أبرزها "مكافحة الإرهاب"، ولم تتحرك حتى الآن، فعليها تدويل القضية لمجلس الأمن والأممالمتحدة، لإجبار العالم على التحرك لما يحدث هناك، لأن العالم لم ير إلا أن المسلمين هم ال"همج" وهذا غير صحيح بالمرة". السفير إبراهيم يسري، مساعد وزير الخارجية الأسبق، توقع أن يظل الصمت مخيمًا على قضية "الروهينجا"، مع عدم حدوث أى تحرك عربى أو دولى على الإطلاق لنصرتهم ونجدتهم مما هم فيه. وأضاف ل"المصريون": "الدول العربية ستكتفى فقط بالتصريحات والإدانة الشفهية، فقد أصبح حال تلك الدول مزريًا للغاية، ويجب ألا يُنتظر منهم خيرًا؛ لأنهم خاضعون وتابعون لغيرهم". وتابع: "السياسية عبارة عن مصلحة وقوة فقط، لذا لن يتحرك المجتمع الدولى لإدانة تلك المجازر والحملات؛ والسبب ببساطة أنهم لن يجنوا أية مصالح من وراء الإدانة، ولأن مثل هذه الأقليات لا تتمتع بالقوة". وقال أحمد أبو الخير، مساعد وزير الخارجية الأسبق: "هذه ليس المرة الوحيدة التى لا يتحرك العالم الإسلامى والعربى لنجدة المسلمين في ميانمار، لأن تلك الوقائع تحدث باستمرار ولم يتحرك أحد تمامًا، سوى بعض الحكومات التى تندد فقط، ولكن فى تلك المرة الأمر أصبح صعبًا للغاية، فالموضوع لا بد أن يطرح بمجلس الأمن والأممالمتحدة، فهذا الملف هو الأخطر من نوعه في العالم الآن". وأشار إلى أن "ما يحدث يهدد شعوب العالم بأكمله فمن الممكن الثأر من هذا، بطرق أكثر دموية لما نشاهده، ووقتها سيتحول العالم بأكمله إلى كتلة من الدماء السائلة، وهذا لا بد أن لا يحدث تمامًا". ولفت إلى أن "الوطن العربى الآن مهمومًا بكل تفاصيل ما يحدث له من تحول فى البلدان العربية وغيرها، ومصر بها سفارة لميانمار فلا بد التدخل فى الأزمة، لأن الدول العربية القريبة من الأزمة من حيث الموقع الجغرافى لم تتحرك ساكنًا حتى الآن "وكأن هؤلاء لا يعنوا لنا أى شىء". وتابع أبو الخير: "المؤسسات الدينية فى مصر عليها أن تتحرك، فالأزهر الشريف لما يملكه من تأثير لا بد أن يتحرك، وليس بإصدار بياناً فقط بل بإرسال بعثات إلى هناك للوقوف على ما يحدث للإسلام والمسلمين، ولا بد من تحرك أكثر شمولية بتدخل منظمة التعاون الإسلامى فى الأزمة، حتى يلقى بظلالها على الأزمة الطاحنة فى بورما". وقالت إيفيلين متى، عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، إن "ما يحدث فى ميانمار من إبادة جماعية هو إرهاب واضح من قبل المجموعات التى تقتل مسلمى الروهينجا". وأضافت: "بصفتى عضو فى لجنة العلاقات فسوف يصدر بيان قريبًا خلال أيام للتنديد بما يحدث فى ميانمار من مجازر، ومن المحتمل أن يسافر أحد أفراد اللجنة إلى مينا مار لبحث سبل الوقوف على ما يحدث، والسعى إلى وقف ذلك النزيف". وهاجمت أيفيلين، منظمات المجتمع المدنى وحقوق الإنسان، لصمتها على الانتهاكات التي تمارس ضد المسلمين في ميانمار، خاصة المنظمات الأمريكية "المتحيزة، بسبب هجومها الدائم على ملف حقوق الإنسان فى مصر، وعدم النظر لما يحدث من انتهاكات فى ميانمار، حيث إن ما يحدث الآن هو إبادة جماعية". وقال المحامى والناشط الحقوقى نجاد البرعي، إن "ما يحدث جريمة تقهر القلب، وتعد جريمة تطهير عرقى مكتملة الأركان". واستنكر حصول رئيسة وزراء حكومة ميانمار على جائزة نوبل للسلام، وعدم استغلال ذلك من أجل الضغط على المجتمع الدولي بأكمله سعيًا لحل الأزمة، "ونحن كحقوقيين سوف نصدر بيانًا فى غضون أيام قليلة تمت كتابته تضامنًا مع مسلمي الروهينجا". وتابع: "من يهاجمنا لا بد أن يعلم أن معظم الحقوقيين فى مصر ممنوعون من السفر وإلا لكنا أول المدافعين عن بورما من خلال السفر إلى هناك لوقف هذا النزيف الذى يسيل، وأنا سأكون على رأس تلك المجموعة". شيخ الأزهر: لو كان الروهينجا يهودًا أو مسيحيين لما صمت العالم بيان الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر "لقد تابع العالَم على مدار الأيام الماضية ما تنقله وسائل الإعلام ومواقعُ التواصُل الاجتماعي، من صورٍ مفزعةٍ ومروعة لأعمال القتل والتهجير، والحرق والإبادة الجماعية، والمجازر الوحشية التي راح ضحيتها مئات النساء والأطفال والشباب والشيوخ الذين حوصروا في إقليم راخين في ميانمار، وأجبرتهم السلطات هناك على الفرار من أوطانهم تحت ضغط هجمات وحشية بربرية، لم تعرفها البشرية من قبل، ومنهم مَن مات مِن ألم المشي وقسوة الجوع والعطش والشمس الحارقة، ومنهم مَن ابتلعته الأمواج بعد ما ألجأه الفرار إلى ركوب البحر. إن هذا المشهد الهمجي واللاإنساني ما كان ليحدث لولا أن الضمير العالمي قد مات، ومات أصحابه، وماتت معه كل معاني الأخلاق الإنسانية، وصمتت بموته أصوات العدل والحرية وحقوق الإنسان صمت القبور، وأصبحت كل المواثيق الدولية التي تعهدت بحماية حقوق الإنسان وسلام الشعوب وحقها في أن تعيش على أرضها، أصبح كل ذلك حبرًا على ورق، بل أصبح كذبًا لا يستحق ثمن المداد الذي كتب به. هذا ولم يعد الاكتفاء بمجرد الإداناتِ يجدي نفعًا أمام ما يتعرَّض له مسلمو الروهينجا من عمليات إبادةٍ جماعيةٍ بأسلوب غادر، يُذكِّرنا بأسلوب الوحوش في الغابات، كما أصبحت المناشدات الخجولة المترددة التي تطلقها المنظمات الدولية والإنسانية لإنقاذ المواطنين المسلمين من عدوان الجيش البورمي والسلطات في ميانمار، أصبحت هذه المناشدات ضربًا من العبث وضياع الوقت، ونحن على يقين من أن هذه المنظمات العالمية كانت ستتخذ موقفًا آخر مختلفًا، قويًّا وسريعًا، لو أن هذه الفئة من المواطنين كانت يهودية أو مسيحية أو بوذية أو من أتباع أي دين أو مِلَّة غير الإسلام. ولقد سعى الأزهر الشريف بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين تجميع الفرقاء المتصارعين وتقريب وجهات النظر المتصارعة في راخين حين استضاف، في بداية هذا العام بالقاهرة، عددًا من القيادات الشابة يمثلون كافة الأديان والعرقيات في ميانمار، ومنهم رهبان ورجال أديان، وذلك كخطوة أولى لوضع القضية على طريق السلام؛ إلَّا أن بعض القيادات الدينية في ميانمار ضربت بهذه الجهود عرض الحائط، وسمحت لهم ضمائرهم أن يتحالفوا مع عناصرَ متطرفةٍ مِن جيش الدولة المسلَّح، للقيام بعمليات إبادةٍ جماعيةٍ وتطهيرٍ عرقيٍّ ضد المواطنين المسلمين، وفي وحشية يندى لها جبين الإنسانية، وهذا الموقف الذي ترفضه جميع الأديان سوف يسطر سِجلًّا من العار في تاريخ ميانمار لا يمحوه الزمن. وانطلاقا من المسئولية الدينية والإنسانية للأزهر الشريف، والتزامه برسالته العالمية، لا يُمكنه أن يقف مكتوف الأيدي أمام هذه الانتهاكات اللاإنسانية، وسوف يقود الأزهر الشريف تحركات إنسانيةً على المستوى العربي والإسلامي والدولي لوقف هذه المجازر التي يدفع ثمنها المواطنون المسلمون وحدهم في ميانمار، ويطالب الأزهر الآن كافة الهيئات والمنظَّمات الدولية وجمعياتِ حقوق الإنسان في العالَم كُلِّه أن تقوم بواجبها في اتخاذ الإجراءات اللازمة للتحقيق في هذه الجرائم المنكرة، ولتعقُّب مرتكبيها وتقديمهم لمحكمة العدل الدولية لمحاكمتهم كمجرمي حرب جزاء ما ارتكبوه من فظائع وحشية. ويجب على الجميع أن يضع في الاعتبار أن مثل هذه الجرائم هي من أقوى الأسباب التي تشجع على ارتكاب جرائم الإرهاب، التي تعاني منها الإنسانية جمعاء. إننا نُطلق من هنا: من مصرَ قلبِ العروبة والإسلام، ومن الأزهر الشريف، صرخة إنسانية مدوية للمطالبة بتحرك فوري من جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأوروبي والأممالمتحدة، وبخاصةٍ: مجلس الأمن، وقبل ذلك: من صُنَّاع القرار في الدول العربية والإسلامية أن يبذلوا أقصى ما يستطيعون من ضغط سياسي واقتصادي يُعيد السلطات الحاكمة في ميانمار إلى الرشد والصواب، والتوقُّف عن سياسة التمييز العنصري والديني بين المواطنين. ولا ينسى الأزهر أن يعلن أسفه للموقف المتناقض الذي يقفه من يحمل جائزة «نُوبل» للسلام بإحدى يديه، ويبارك باليد الأخرى كل الجرائم التي تضع «السلام» في مهب الريح وتَجعل منه مجرد «لفظ» لا معنى له. وختامًا، نقول لإخواننا في بورما.. اُصمدوا في وجه هذا العدوان الغاشم.. ونحن معكم ولن نخذلكم.. والله ناصرُكم.. واعلموا أن الله لا يصلح عمل المفسدين، هذا: ?وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ?".