يحاول معسكر أحمد شفيق تصدير الإحباط والإحساس بالفشل إلى قُوى الثورة ومعسكر دعم مرشح التغيير محمد مرسى، وذلك من خلال ترويج شائعات عن أن الانتخابات ستكون مزوَّرة بالكامل وأن هناك تحالفات مع قوى عسكرية والأمن الوطنى ورجال أعمال "لتظبيط" الأمور فى جولة الإعادة، وأن المسألة "خلاص" تم حسمها من الآن لشفيق، وهو الرئيس المقبل لمصر، وكل هذا كلام "هجايص"، يمكن إبطاله بسهولة شديدة إذا مررته على العقل والمنطق، صحيح أن هناك بعض الثغرات التى تكشفت فى الجولة الأولى، وخاصة صدور بعض محاضر الفرز الفرعية بدون توقيع أو على بياض بدون حصر الأرقام أو إبعاد بعض مندوبى المرشحين من بعض اللجان، وهذه مسائل ينبغى أن تراجَع مع اللجنة العليا للانتخابات من الآن للتأكيد على عدم تكرارها، وأن يتم تحديد آليات التواصل وإحكام الأمر، ولكن الدائرة الانتخابية بالكامل مغلقة على أى تلاعب، ومستحيل التزوير فيها إلا فى حالة واحدة، وهى امتناع الناس عن الذهاب للتصويت؛ ولذلك يحاول معسكر الفلول الآن إثناء الناس عن الذهاب للتصويت، إما بنشر الإحباط وترويج شائعات أن التزوير تم اعتماده وأن هناك قوى مجهولة ومعلومة حجزت مقعد الرئاسة لشفيق، وإما بترويج أن كِلا المرشحيْن لا يمثل الثورة، ومن ثم، فالأفضل أن يقاطع الناس التصويت، وبدون شك فإن حالة "الفراغ" التصويتى هى وحدها التى تتيح للفلول التلاعب أو استخدام بطاقات تصويت مزورة. شفيق والفلول يعرفون أنهم اعتصروا آخر قطرة من جهدهم فى الجولة الأولى، وحصلوا على قرابة خمسة ملايين ونصف المليون صوت، وهى الكتلة التصويتية الصلبة التى من المفترض أنها ستعود من جديد فى الإعادة، سواء أكانت هناك مقاطعة أم لا، ولا يوجد فى الكتل التصويتية الأخرى أى احتمال للحصول على مزيد من الأصوات لمرشح الفلول إلا رِهانهم على كتلة "عمرو موسى"، وهى ليست كتلة كبيرة، كما أنها كتلة بعيدة عن الفلول عمليًّا؛ بدليل احتشادها وراء مرشح تبرَّأ من الفلول ومن النظام القديم، وإنما هى مزيج من كتلة مدنية تريد التغيير بعيدًا عن النظام القديم، أو كتلة ترفض التيار الإسلامى وصوتت لموسى؛ هربًا من ذلك وهى أقرب إلى المِزاج الليبرالى لحزب الوفد، ومن ثم فالجزء الأكبر من هذه الكتلة فى الغالب الأعم سيمتنع عن التصويت، وربما يذهب جزء صغير منها لدعم مرشح الفلول، وفى أحسن الفروض لن يتجاوز نصف مليون صوت، من بين قرابة مليونين هى كل حصيلة عمرو موسى؛ ولذلك فإن سقف أحمد شفيق فى الإعادة عندما يعتصر كل ما لديه لن يتجاوز ستة ملايين صوت انتخابى فى أحسن الفروض، بالمقابل فإن محمد مرسى له كتلة تصويتية صلبة أيضًا لن تتأثر بأى شكل من الأشكال بأى دعوة للمقاطعة، وهى كتلة الإخوان ومحبّيهم، وهى قرابة ستة ملايين صوت انتخابى إلا قليلاً، وهى التى حصل عليها فى الجولة الأولى، سيُضاف إليها حتمًا الكتلة الإسلامية التى ذهبت إلى عبد المنعم أبو الفتوح، والتى تقدَّر بحوالى أربعة ملايين صوت انتخابى، بما يعنى أن الكتلة الصلبة لمرسى ستكون عشرة ملايين صوت فى حدها الأدنى، والمؤكد أنه سيحصد أصواتًا أخرى، ولو محدودة، من الكتلة الكبيرة التى ذهبت إلى حمدين صبَاحى وكذلك كتلة سليم العوا؛ لأن الأخير كان مرشحًا أقرب للتيار الإسلامى إن لم يكن مرشحًا إسلاميًّا، وأما صباحى فهو مرشح باسم الثورة وضد الفلول، فالمنطقى أن كتلته أو جزءًا منها ستنحاز إلى مرشح الثورة الباقى فى السباق، بينما ستمتنع بقية الكتلة عن التصويت، ولكن فى كل الأحوال لن يحصل الفلول بداهة على أى حصة تصويتية من هذه الكتل. أي أننا أمام ميزان انتخابى واضح وغير معقَّد فى جولة الإعادة، وهو أن يحصل أحمد شفيق على حوالى ستة ملايين صوت مقابل حوالى اثنى عشر مليون صوت لمحمد مرسى، وهو فارق لن يستطيع شفيق أن يدركه حتى لو استعان بالأمن الوطنى والأمن القومى والاستخبارات الأمريكية والروسية معًا !! ، إلا أن يتم حصار اللجان على طريقة مبارك وعز ليستخدم المواطنون السلالم للوصول إلى اللجنة من سطح المبنى كما كنا نشاهد في الصور الشهيرة. شفيق وداعموه يعرفون كل ذلك، ويدركون أن الجماهير إذا ذهبت إلى الصندوق ستسحقهم، ولذلك يحاولون بكل سبيل أن ينشروا مشاعر الإحباط؛ ليصرفوا الناس عن المشاركة.