فى انتخابات القرن التى اتسمت بالنزاهة والشفافية برز العديد من المفاجآت وليس مفاجأة واحدة أو اثنتين أو ثلاث، بل جملة من المفاجآت مرة واحدة، وهذه هى دائمًا مصر وانتخاباتها، بلد المفاجآت وبلد العجائب التى تدهش الغريب والقريب، ففى أول انتخابات ديمقراطية حرة نزيهة منذ عهد الفراعنة الأوائل والفراعنة المحدثين، نجد هذه المفاجآت تهل علينا من قبل ثورة 25 يناير ومن بعدها، وأولى المفاجأة جاءت من تلك الطوابير الطويلة الممثلة من كل أطياف الشعب المصرى، التى أرادت أن تعبر عن رأيها وتثبت أن صوتها لن ينال منه أحد بعد اليوم، وسيذهب إلى من يختاره الشعب حتى ولو كان من فلول الحزب الوطنى والنظام السابق، وأما المفاجأة الثانية فهى صعود الفريق أحمد شفيق لينافس الدكتور محمد مرسى فى الإعادة رغم كل ما قيل عن الفلول من مساوئ ومخازى وقيامهم بدور كبير فى تأزيم البلد ومن انفلات أمنى وإحداث مشكلات لا حصر لها، لتقديم مرشحهم على أنه الفارس الذى سيعيد الأمن والأمان فى 24 ساعة فقط أى فى يوم وليلة، المفاجأة الثالثة صعود نجمى الثورة السيد حمدين صباحى والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح وتأخر السيد عمرو موسى إلى مرتبة متأخرة رغم استطلاعات جريدة الأهرام المتكررة بتقدم السيد عمرو موسى وتأخر الدكتور مرسى فى آخر ترتيب الاستطلاع، أما رابع المفاجآت فهى تقدم الدكتور محمد مرسى فى السباق وحصوله على أعلى الأصوات بفارق بسيط بينه وبين الفريق أحمد شفيق وهو المرشح الذى اشتهر بين الثوار وبين النخبة المصرية بأنه المرشح "الاستبن" الاحتياط، ولكنه استطاع بعد تركه "دكة" الاحتياط واستدعاء حكم المباراة له أن يحقق هدفًا فى آخر شوط مباراة الرئاسة ليتقدم فريق الحرية والعدالة ذراع الإخوان السياسية ويفوز على فريق فلول النظام السابق وكل الفرق المنافسة، وإن كان فوزًا بطعم التعادل ومن ثم الاحتكام إلى جولة أخرى من مباراة غير معروفة النتائج إلا من الله عز وجل ومن ثم تكاتف وتوافق جميع القوى سريعًا مع مرشح الحرية والعدالة الدكتور محمد مرسى. وإذا جئنا إلى المفاجأة الخامسة فإنها مفاجأة دائما متوقعة من النخبة المصرية بعد خروج نتائج التصويت إلى النور واستبعاد عدد من مرشحى الثورة ودعوة حزب الحرية والعدالة لمرشحى الرئاسة والقوى الوطنية للتشاور والتوافق على دعم مرشحه، وما أن دعا الحزب إلى هذا اللقاء إذ بكل نخبوى ومفكر وسياسى ورئيس حزب يشترط على الحرية والعدالة عدة شروط منها ما يمكن قبوله والتشاور والنقاش حوله ومنها ما هو تعجيزى مثل تنازل الدكتور محمد مرسى للسيد حمدين صباحى، وما أخشاه هو زيادة حدة النقاش وارتفاع وتيرة المطالبات والانشغال بطلب المناصب حتى يتسلل الفريق أحمد شفيق خلسة إلى منصب الرئاسة، ليصيب الثوار فى مقتل ويصيب الشهداء بالحسرة على ما قدموه لإنجاح ثورتهم، وإذا اعتبرنا الفريق شفيق هو مرض الثورة الذى سيصيبها بالإنهاك والوهن وربما الموت، فإن الدكتور مرسى هو الدواء وأقول اعتبروه أيها النخبة الدواء المر الذى يجب أن نتجرعه للشفاء سريعًا من المرض وإلا فلا تلوموا إلا أنفسكم. [email protected]