فى أحد أيام رمضان وقبل المغرب مباشرة، وأثناء تحضير والدتى للإفطار فرغت أسطوانة البوتاجاز؛ ولكن الحمد لله كان لدينا فى بيتنا "استبن"، وفى أحد الأيام وأنا عائد من عملى حدثت مشكلة فى عجلة القيادة، فنزلت من سيارتى لأجد إحدى العجلات "نايمة" فانتابنى الخوف فى ظل حالة الانفلات الأمنى وعدم الأمان على الطرق، ولحسن الحظ كان لدى "استبن" فقمت بتغيير العجلة. فى المرة الأولى استخدمنا "الاستبن" لإعداد طعام لعائلة كاملة بعد يوم من الصيام، وفى المرة الثانية استعملت "الاستبن" للهروب من مخاوف الطريق والوصول إلى بيتى. كل هذا تذكرته عند بدء إعلان نتائج فرز الانتخابات الرئاسية، ومع الصعود غير المتوقع للفريق أحمد شفيق زعيم الفلول، ومع تقدم الدكتور محمد مرسى، واعتلائهما الاثنين لصدارة الترتيب على المستوى العام، قلت فى نفسى "ماذا لو لم يكن لدينا استبن؟!".. فالدكتور محمد مرسى لم يكن احتياطيًا لمرشح جماعة الإخوان المسلمين فقط، ولكنه كان "استبن" لكل مرشحى الثورة ولكل مواطن طالب بالتغيير وكل طامح فى الديمقراطية الحقيقية. شفيق هو الآخر كان "استبن" للفلول، ووقف أذناب الحزب "الوثنى" فى كل بقاع المحروسة يقاتلون لإنجاحه، فبعد أن كانوا يريدون دعم عمرو موسى، قرروا الدفع فى اللحظات الأخيرة بشفيق، ونجح مخططهم، وعلى الجانب يقظ الإخوان إلى معطيات لعبة السياسة ومتطلبات العملية الانتخابية فقرروا الدفع بمرسى تحسبًا لابتعاد الشاطر مع عدم الاطمئنان لاحتمالية تقدم أبو الفتوح للمركز الأول أو الثانى. لو لم يكن لدينا "استبن" كانت الخسائر ستكون فادحة، والمصير مجهول، فربما كان يتقدم موسى لمجاورة شفيق فى الصدارة لتكون جولة الإعادة بينهما أو يحسمها الفريق من الجولة الأولى، ووقتها لا يمكن لأحد التنبؤ بمصير هذه الدولة، وبالتالى كان مرسى بديلاً لكل مرشحى الثورة أبو الفتوح والعوا وصباحى وخالد على وأبو العز الحريرى. وبالنسبة للإسلاميين كان مرسى احتياطيًا لكل مرشحى التيار الإسلامى الأساسيين أبو الفتوح والعوا، لأن الاثنين غير قادرين على جمع عدد كبير من الأصوات يؤهلهما للحسم أو الإعادة، وبالتالى كان "استبن" للمشروع الإسلامى كاملاً، وكان الأمل معقوداً على أن يكون التنافس النهائى بين أبو الفتوح ومرسى، ولكن لم تأت الرياح بما تشتهى السفن. ومن قواعد العمل المنظم الناجح أن يكون لديك بديلاً لكل شىء، وأن يكون البديل على نفس الكفاءة من الأساسى، وكان مرسى بديلاً كفئًا للثورة وللإسلاميين فهو مرشح يبدأ الجولة الانتخابية بما لا يقل عن أربعة ملايين صوت انتخابى فى الصناديق حصيلة أصوات جماعة الإخوان "تنظيميًا" فقط وليس "فكرياً"، و"إحقاقاً" للحق كان شفيق هو الآخر بديلاً كفئاً لمبارك ونظامه. راودنى مشهد من فيلم "ليلة سقوط بغداد" حينما كرس حسن حسنى مجهوده طول الفيلم لخلق سلاح ردع، ونجح السلاح فى ردع العدوان فى المشهد الأخير من الفيلم، وقتها قال البطل للشعب وهو فى مستشفى المجانين: "تخيلوا وضعنا إيه لو مكانشى عندنا سلاح ردع"، وعلى نفس الشاكلة أقول: "تخيلوا وضعنا إيه لو مكانشى عندنا استبن". [email protected]