تبدو إسرائيل وحدها قلقة من الأجواء الانتخابية غير المسبوقة في مصر، بينما يقبل المصريون على اختيار رئيسهم للمرة الأولى بعد الثورة التى أطاحت بنظام حسنى مبارك. وقال إيهود باراك وزير الدفاع الإسرائيلي، إن الرئيس القادم من شأنه تهديد اتفاقية السلام بين القاهرة وتل أبيب، موضحًا أن القاهرة لديها مصلحة كبيرة في الحفاظ على الاتفاقية". وأضاف في تصريحات لإذاعة الجيش الإسرائيلي: "نحن لا نسيطر على ما يحدث في مصر، الأيام ستخبرنا، لابد من متابعة ما يجرى هناك وفي سيناء، والتعاون مع دول أخرى للتأثير على السياسة المصرية، وذلك من خلال العلاقات المباشرة وغير المباشرة". غير أنه رفض الرد على سؤال حول عما إذا كان يتوقع انقلابا عسكريا بمصر، قائلا: لا أعتقد أنه في أيام مثل هذه من الصحيح أن يدلي القادة الإسرائيليون برأي". ولم يخف تشاك فريليش، نائب مستشار الأمن القومى الإسرائيلى سابقًا، فزعه الشديد من تحول مصر نحو الديمقراطية. وقال فى مقال نشرته صحيفة "جيروزاليم بوست"، الإسرائيلية إن "بشائر نتائج انتخابات الرئاسة المصرية؛ تبشر بالسوء بالنسبة للمصالح الإسرائيلية والأمريكية فى منطقة الشرق الأوسط بغض النظر عن هُوية الرئيس المصرى المنتظر". واعتبر أن حفاظ إسرائيل على اتفاقية السلام مع مصر خلال السنوات القادمة، فى ظل تلك الأجواء السياسية المصرية الجديدة ستكون "مفاجأة سارة"، مبديًا تخوفه من إلغاء الاتفاقية، بقوله "من الصعب عليه تخيل أن تظل الأردن هى البلد العربى الوحيد الذى سيكون فى حالة سلام مع إسرائيل". ورأى أن السيناريو الأسوأ الذى يتوقعه هو انضمام مصر لمعسكر الحرب ضد إسرائيل، والذى يصفه بالقرار "السياسى غير الواعى" إذا ما تم اتخاذه، متابعًا أنه على الرغم من أن هذا الاحتمال قائم إلى الآن إلا أنه "مخيف بما فيه الكفاية". وأكد أن حفاظ إسرائيل على اتفاقية السلام مع مصر على رأس مصالحها القومية العليا، وأن تلك الأهمية ليست أمرًا مبالغ فيه، مشيرًا إلى أن مصر هى الدولة العربية الوحيدة التى شاركت فى جميع الحروب على نطاق واسع، بل وكانت زعيمة لدول المواجهة إلا أنه بمجرد أن عقدت اتفاقية سلام مع إسرائيل لم تعد لدى الدول العربية الأخرى القدرة على شن حرب على إسرائيل بمفردها. وأوضح أن الهدوء السائد على الحدود الإسرائيلية مع سوريا ليس من قبيل المصادفة منذ عام 1973؛ ولكن ذلك يرجع فى المقام الأول إلى أن سوريا بدون مصر ليس أمامها أى خيار للحرب؛ لافتًا إلى أن مصر على مدى الثلاثة عقود الماضية، وهى فترة حكم المخلوع، كانت بعيدة عن الدخول فى أى نزاع. ووصف نائب مستشار الأمن القومى الإسرائيلى سابقً، البعد المصرى عن الدخول فى نزاعات خلال حكم المخلوع بأنها "نعمة إستراتيجية كبيرة فى حد ذاتها" قد سمحت لإسرائيل بمهاجمة ردود الفعل العراقية والسورية، وإجراء عمليات متكررة، حتى الحروب فى لبنان، ومحاربة الانتفاضات وأكثر من ذلك، دون الخوف من التدخل المصرى. وأضاف أنه "بعد خروج أكبر وأقوى جيش عربى (الجيش المصرى)، عن الصورة، قد مكن إسرائيل من تحويل مواردها إلى التهديدات العسكرية الأخرى التى تحيط بها والأكثر من ذلك تلبية احتياجاتها الداخلية". وقال إن إسرائيل تهرع الآن إلى الولاياتالمتحدة؛ لطلب مساعداتها للحفاظ على السلام مع مصر بعدما تأكد لها قلة حيلتها للتأثير على المسار المصرى صوب الديمقراطية خلال السنوات المقبلة؛ إلا أن واشنطن هى الأخرى باتت مكتوفة الأيدى أمام الغضب الشعبى تجاهها، والذى لا يكاد يشعر أن واشنطن هى أكبر قوى داعمة للسلام، على حد زعم الكاتب؛ لذا فإن سلاح قطع المساعدات العسكرية عن مصر بات بلا جدوى. ورأى أن السبيل الوحيد أمام إسرائيل للحفاظ على اتفاقية السلام مع مصر، هى إطلاق عملية السلام مُجددًا مع الجانب الفلسطينى؛ إذ ليس هناك ما يقوض اتفاقية السلام قدر غياب التقدم نحو السلام، خاصة التسوية الجارية، إذا ما نحينا وجهات النظر السياسية الحزبية جانبًا. وأشار إلى أن إسرائيل ستواجه تحديات عدة من الجانب المصرى خلال السنوات المقبلة، عبر خطابات لاذعة اللهجة، واستفزازات كبيرة؛ إلا أنه على الرغم من الميول الطبيعية والمبررة للرد على ذلك، إلا أنه ينبغى على إسرائيل أن تكظم غيظها، وتبذل قصارى جهدها لإظهار ضبط النفس فى مواجهة العداء المصرى، والإرهاب النابع من سيناء، والهجمات التى تشنها حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، وحزب الله اللبنانى، وآخرين، فليس هناك أى اعتبارات تفوق تعزيز اتفاقية السلام مع مصر بما فيها احتمالية قيام إسرائيل بضربات عسكرية؛ لمنع طموحات إيران النووية.