سبق لى وكتبت من قبل حول خدعة كبيرة اسمها المسلسلات التركية، التى تشد أنظار النساء فى عالمنا العربى، أما لماذا هى خدعة فلكونها لا تعكس حقيقة المجتمع التركى ولا تعبر عن قواعده وأسسه وتوجهاته المنبثقة من مبادئ الإسلام بوجه عام. غير أنى هذه المرة أريد لفت الأنظار إلى سلوكيات وعقائد من يؤدون الأدوار فى هذه المسلسلات؛ لكى تأخذ المرأة العربية فكرة جيدة عنهم؛ ولكى تدرك ما هو الهدف من وراء عرض المواقف والتصرفات والعلاقة غير الأخلاقية أو غير المتفقة مع الشرع والأعراف والواقع بين الرجل التركى والمرأة. لقد كتبت صحيفة أقشام التركية يوم 17 مايو الحالى تتحدث عن الدهشة والحيرة التى أخذت المشاركين فى حفل توزيع جوائز من طرف مجلة تركية عندما حضرت الممثلة نباهت تشهرا (68 سنة) الحفل، وهى ترتدى فستانًا قسمه العلوى يكشف كل صدرها فيما يعرف بعبارة "ترانس باران" الإنجليزية المعبرة عن كشف أجزاء كاملة من جسم المرأة مع وضع قماش شفاف جداً ليغطى المكشوف أو يكشف المستور. الشىء المثير أن هذه الممثلة العجوز تلعب دور "الوالدة سلطان" أم السلطان العثمانى سليمان القانونى فى مسلسل "العصر الذهبى"، الذى حوله المترجمون السوريون لعنوان "الحريم" أو "حريم السلطان"! أى أن هذه العجوز التى كشفت عن صدرها كاملاً أمام الشباب من الجنسين، وهم فى الأغلب فى أعمار أحفادها، تمثل دور أشهر أم سلطان فى تاريخ الدولة العلية العثمانية. هذه المرأة لم تحترم الشخصية النسوية التاريخية التى مثلتها فى المسلسل، والتى تحظى باحترام وتقدير نساء تركيا ورجالها بما قامت به من دور إيجابى فى سراى الحكم العثمانى، وكونها السيدة التى شرفها الله تعالى بإنجاب أشهر وأقوى رجال العصر العثمانى وهو السلطان سليمانى الثانى الذى أطلق الغرب عليه تعبير "القانونى" أو "العظيم" بسبب تميز عهد حكمه بإصدار وترتيب اللوائح والقوانين المنظمة للحياة. كأن هذه الممثلة تريد القول للناس هنا وفى عالمنا العربى حين يرون صدرها العارى فى مكان عام: هذه هى الوالدة سلطان أم سليمان القانونى!. قد يقول البعض وهل يجب على الممثل أو الممثلة أن يتجنبا السلوكيات الشخصية عطفاً واحترامًا للشخصيات التى يمثلانها فى أعمالهما السينمائية أو التليفزيونية أو المسرحية. الإجابة هى نعم.. بكل تأكيد، لأن فن السينما / التلفزيون يحمل رسالة أخلاقية للمجتمعات عبر الأعمال الفنية المعروضة، ولأن الناس حين تشاهد العمل الفنى ينطبع فى أذهانهم صورة محددة، إيجابية أو سلبية، عن الشخصية التاريخية أو المكان والدولة والمجتمع أو الدين والمعتقد. مثلما يرتبط الممثل / الممثلة بعلاقة روحية وثيقة مع الناس ويتحول لرمز أو لحالة من الهيام والإعجاب والقدوة، من هنا يلزم على مَن يعمل فى السينما والتليفزيون والمسرح أو تقديم البرامج أو حتى كل من يواجه الرأى العام وجمهور الناس عبر شاشات العرض المفتوحة، أن يكون أكثر حساسية ويحترم حب وتقدير الناس له ويقدم لهم أفضل صورة له فى العلن محتفظاً بسلوكياته وتصرفاته الشخصية فى دوائره الخاصة. أنا أفهم معنى التكالب التجارى على المسلسلات التركية فى هذه الظروف، من طرف شركات الإنتاج والتسويق الإعلامى فى تركيا وسوريا – دور الترجمة والدوبلاج الصوتى- وكذا من طرف محطات التليفزيون الحكومية والخاصة، وأفهم أيضاً فرحة الأتراك باهتمام المشاهد العربى بأعمالهم وتجاربهم، لكن هناك رسائل ملغمة وغير أخلاقية ينقلها أصحاب المسلسلات التركية للمشاهد العربى وخاصة القطاع النسائى، خاصة أن أغلب أصحاب شركات إنتاج المسلسلات ومن يمثل أدوارًا فيها، لا علاقة لهم بأخلاق الشرق الإسلامى المترسخة بالمجتمع التركى ولا بالإسلام نفسه ويتعرض المسلسل فى تركيا لانتقادات واسعة بسبب تشويه للشخصيات والتاريخ العثمانى، قال الأجداد: اللبيب بالإشارة يفهم.