ما هو مستقبل المؤسسة العسكرية بعد انتخابات الرئاسة واختيار الشعب المصرى لرئيس مدنى يحكمه بعد أكثر من خمسين عامًا من حكم جنرالات الجيش المصرى وصولاً إلى جنرالات المجلس العسكرى المكلفين بإدارة شئون البلاد عقب ثورة 25 يناير، التى أطاحت بالنظام السابق، هل سيترك المجلس العسكرى السلطة دون حدوث فوضى أو انفلات أمنى؟ هل يعود الجيش إلى ثكناته دون وضع شروط لترك السلطة بعد تمسكه بها لمدة ستة عقود؟ وما هى وضعية المؤسسة العسكرية فى برامج المرشحين وأى البرامج أقرب وأفضل إلى الجيش.. كلام كثير وتكهنات أكثر حول وضعية المؤسسة العسكرية فى برامج مرشحى الرئاسة تكشف عنها "المصريون" فى هذا التقرير. فأما عن وضع المؤسسة العسكرية فى البرنامج الانتخابى لعمرو موسى، المرشح لرئاسة الجمهورية، فيسعى برنامجه إلى دعم القدرات العسكرية للقوات المسلحة المصرية بكل أجهزتها وفصائلها من خلال مشاركتها فى مجلس الأمن القومى ورفع القدرات البشرية بها وتوفير الميزانيات المطلوبة للتسليح والتحديث والتطوير مع الأخذ فى الاعتبار الملايين من أبناء مصر فى الخارج والدفاع عن مصالحهم وحقوقهم والعودة إلى الثوابت المصرية التاريخية والمشرفة فى التعامل مع القضية الفلسطينية كأحد أولويات الأمن القومى، كما يؤكد برنامج عمرو موسى المرشح لرئاسة الجمهورية على دعم العلاقات العسكرية والسياسية بين دولتى السودان، وذلك تأكيداً على الانتماء الإفريقى لمصر. أما برنامج حمدين صباحى، المرشح لرئاسة الجمهورية، والذى أكد من خلاله مِرارًا وتكرارًا أن أى انتقادات للمجلس العسكرى لا تعنى على أى نحو الانتقاص من قدر المؤسسة العسكرية وجيش مصر الوطنى، فقد أشار برنامجه الانتخابى إلى عزمه على تقوية الجيش وضمان تمتعه بالدعم الكامل بما يرفع كفاءته القتالية وتنويع مصادر تسليحه؛ مما يمكنه من أداء مهمته الأساسية وهى حماية أمن مصر واستقلال وسلامة أراضيها دون أى تدخل فى الحياة السياسية أو المنازعات الحزبية بما يحفظ لجيش مصر ما يليق به من كرامة واحترام ومحبة لدى الشعب المصرى. وعن اختيار وزير الدفاع فيؤكد حمدين من خلال برنامجه الانتخابى وفى أكثر من تصريح له تداولته بعض الصحف ووسائل الإعلام أنه وضع له مواصفات خاصة فى أن يكون وزير الدفاع من بين رجال القوات المسلحة الذين تشربوا عقيدتها القتالية وتقاليدها العسكرية. أما برنامج الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح فلم يختلف وضع المؤسسة العسكرية فيه عن برنامج حمدين صباحى فهو الآخر لم يقدم جديدًا سوى رفضه وضع مواد تمييزية للمؤسسة العسكرية داخل الدستور الجديد معلنًا فى أكثر من تصريح رفضه التام فى أن تكون المؤسسة العسكرية دولة داخل دولة أو أداة فى يد الإدارة السياسية ومتعهدًا بجعل جيش مصر من أقوى جيوش المنطقة موضحًا ببرنامجه الانتخابى على تنويع مصادر تسليحه فلا يقتصر على السلاح الأمريكى فقط حتى يصل به إلى درجة تصنيع الأسلحة بأيدٍ مصرية. أما الفريق أحمد شفيق، والذى ينتمى للمؤسسة العسكرية فلم يحتوِ على الكثير من المميزات للمؤسسة العسكرية بداخله، وإنما تضمن وضع المجلس العسكرى بعدما وجهت له انتقادات فى إدارته لشئون البلاد خلال الفترة الانتقالية، حيث أكد شفيق فى برنامجه أنه من الممكن أن يقوم بتعيين بعض القيادات فى المؤسسة العسكرية بعدد من المناصب ولكن بنسب منطقية حيث أكد فى أكثر من تصريح له أن المجلس العسكرى قام بتطبيق القانون فى إدارته للبلاد وحاول أن ينهى مهمته بدون إصابة أى فرد من الشعب المصرى بأذى ورفض شفيق فكرة الخروج الآمن للجيش، وأكد فى برنامجه أن الجيش سيعود لثكناته بطريقة مشرفة، وليس بالخروج الآمن. من ناحيته، جاء برنامج الدكتور محمد مرسى، مرشح جماعة الإخوان المسلمين لرئاسة الجمهورية، مؤكدا أن المؤسسة العسكرية جزء من أبناء مصر لا يمكن أن يزايد عليه، وأنه فى حالة فوزه سيقوم المجلس العسكرى طبقًا لمواد الإعلان الدستورى بتسليم السلطة للرئيس المنتخب كما ذكر ووعد بذلك، وبعدها لابد أن يتشاور مع قادة القوات المسلحة فى تحديد مَن يتولى منصب وزارة الدفاع فى الفترة القادمة، حيث إن رئيس الجمهورية سيكون بمثابة القائد الأعلى للقوات المسلحة ولكن هذا لا يعنى أنهم سيكونون أصحاب قرار. ويؤكد الفريق حسام خير الله وكيل جهاز المخابرات السابق والمرشح لرئاسة الجمهورية فى برنامجه الانتخابى أن وضع المؤسسة العسكرية فى حالة فوزه فى سباق الرئاسة سيتضمن رغبة جميع طوائف الشعب فى مصر الدولة المدنية الحديثة من خلال دستور جديد، فتضمن برنامجه مثالاً لوضع المؤسسة العسكرية بتركيا وهو تقليص دور العسكر فى الحياة السياسية. وأكد برنامج الدكتور محمد سليم العوا الانتخابى أن دور المؤسسة العسكرية سيقتصر فقط على حماية البلاد من العدوان الخارجى وحماية السلم الأهلى إذا تعرض للخطر كما حدث أيام الثورة فليس لهم دور غير هذا وفى الدستور ليس لهم نصوص أو مكانة خاصة، ويؤكد العوا فى برنامجه أن كل من ارتكب مخالفات منذ خلع الرئيس السابق سيحاسب، وأن المجلس العسكرى بعد وضع الدستور لن يكون له شأن بالحياة السياسية، وأن القوات المسلحة المصرية قامت بضبط النفس على أحسن ما يكون فى فترة إدارتها للبلاد خلال الفترة الانتقالية، ولكن المجلس قام بأشياء تحتاج إلى مراجعة". بعد هذا العرض لوضع المؤسسة العسكرية داخل برامج المرشحين لرئاسة الجمهورية هل سيكون هناك مرشح بعينه يدعمه المجلس العسكرى حفاظًا على وضعه ومكانته من أى لوم سياسى يوجه إليه بعد تسليمه للسلطة للرئيس المنتخب أم سيدعو الشعب يختار وفق إرادته الحرة؟ سؤال لا يملك أحد إجابة صريحة له ولعل الأيام القادمة تتكفل بتقديم إجابة شافية.