رغم أن الجزائر اتخذت منذ البداية موقفا متحفظا إزاء الثورات الشعبية في تونس ومصر وليبيا, إلا أن التصريحات الأخيرة التي أدلى بها رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحيى وهاجم فيها الربيع العربي يبدو أنها غير بعيدة عن خشية النظام هناك من تداعيات دعوات مقاطعة الانتخابات البرلمانية المقررة في 10 مايو واحتمال أن تتسبب في تهديد الاستقرار النسبي الذي شهدته البلاد في السنوات الأخيرة بعد دوامة العنف في التسعينيات. وكان أويحيى حذر من أن أي مقاطعة كبيرة للانتخابات البرلمانية الجزائرية المقررة في 10 مايو ستكون ذريعة للتدخل الخارجي في الشئون الجزائرية، واصفا الربيع العربي ب"طوفان" أدى إلى احتلال العراق وتدمير ليبيا وتقسيم السودان وإضعاف مصر. ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن أويحيى القول أمام عدد من أنصار حزبه "التجمع الوطني الديمقراطي" في تجمع انتخابي بالعاصمة الجزائرية في 5 مايو :"إن الوضعية صعبة، إما أن نرفع ورقة المشاركة في الانتخابات وإما أنهم سيرفعون مبدأ التدخل في الشئون الداخلية باسم الديمقراطية", داعيا الجزائريين إلى المشاركة بقوة في الاقتراع المقبل، وإلى ضرورة اليقظة إزاء ما يسمى "الربيع العربي". ووصف رئيس الوزراء الجزائري الربيع العربي ب"الطوفان على العرب"، قائلا:"هذا ليس ربيعا عربيا بل طوفانا على العرب والأمور تتضح كل يوم"، مشيرا إلى احتلال العراق وتدمير ليبيا وتقسيم السودان وإضعاف مصر. وتابع أن "الهدف الوحيد" من انتخابات 10 مايو هو الحفاظ على استقرار الجزائر, ورفض تلقي الجزائر دروسا في الديمقراطية، متسائلا "أين كان الغرب عندما كان الجزائريون يقتلون ويذبحون على يد الجماعات الإرهابية؟". كما انتقد بشدة دعاة مقاطعة الانتخابات المقبلة، وخص بالذكر عباسي مدني زعيم الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة والذي دعا إلى مقاطعة الاقتراع من منفاه في قطر. وعلى الفور, احتجت ليبيا على تصريحات أويحيى التي وصف فيها "الربيع العربي" بطوفان أدى إلى احتلال العراق وتدمير ليبيا وتقسيم السودان وإضعاف مصر. واستدعت وزارة الخارجية الليبية السفير الجزائري لدى طرابلس في 7 مايو وأبلغته استغرابها واستهجانها لتلك التصريحات وطلبت تفسيرات من سلطات بلاده حولها. وبالنظر إلى أن العلاقات الليبية - الجزائرية كان شابها الفتور على خلفية اتهام مسئولين في النظام الجديد في ليبيا الجزائر بمساعدة العقيد الراحل معمر القذافي خلال الحرب التي شنها على الليبيين واستضافتها لبعض أفراد عائلته بعد سقوط نظامه, فقد حذر كثيرون من أن تصريحات أويحيى قد تهدد الجهود الرامية لتحسين العلاقات بين البلدين بعد زيارة قام بها رئيس المجلس الانتقالي الليبي مصطفى عبدالجليل إلى الجزائر في إبريل الماضي وما أعقبها من تعهد الجزائر بعدم السماح لعائلة القذافي بإدارة أي نشاط معاد لليبيا. وداخليا, فإن تصريحات أويحيى أعطت انطباعا بأن الانتخابات البرلمانية المقررة في الجزائر في 10 مايو قد لا تكون نزيهة بالمائة بالمائة مثلما تعهد الرئيس عبد العزيز بو تفليقة, ولذا استبق أويحيى أية تداعيات محتملة لها بمحاولة التشكيك في "الربيع العربي" والتحذير من عواقب انتقاله إلى الجزائر. وبصفة عامة, يجمع كثيرون أن المناخ الدولي والإقليمي لا يصب بمصلحة النظام الجزائري, ولذا فإنه لا بديل أمامه سوى ضمان نزاهة انتخابات 10 مايو والإسراع بوتيرة الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي إذا ما أراد الاستقرار.