هل يمكننا تصديق نتائج استطلاعات الرأى، التى تنشرها مختلف الصحف وبعض المواقع الإلكترونية حول نسب التصويت الخاصة بمرشحى رئاسة الجمهورية؟, هذا سؤال مهم بعد كثرة تلك الاستطلاعات وزيادة حجم التباين بين نتائجها, فمن يطالع صحيفة الأهرام – مثلا- يجد أن عمرو موسى هو المرشح الذى يحقق النسبة الأعلى بين كل المرشحين، ثم يليه عبد المنعم أبو الفتوح ويحل ثالثًا أحمد شفيق (مع حفظ الألقاب للجميع), وإذا انتقلت لصحيفة أخرى مثل المصرى اليوم، فسوف تجد تقارب نتائج الاستطلاع بين المرشحين موسى وأبو الفتوح حتى تكاد لاتجد فارقًا كبيرًا مثل الذى تقرؤه فى استطلاعات الأهرام, خاصة أن الأخيرة تنشر أسبوعيًا ومنذ شهر ونصف استطلاع يحتل صفحة كاملة مصحوبًا بالجداول والرسوم التوضيحية. لا يمكن هنا نسيان استطلاع الأهرام الشهير الذى جاء عقب إعلان عمر سليمان ترشيح نفسه, ففى هذا الاستطلاع حقق سليمان المركز الأول بين كل المرشحين فور ترشحه!! أمس الأول نشرت الأهرام نتائج آخر استطلاعاتها وحقق عمرو موسى الترتيب الأول بنسبة 39%، بينما جاء أبو الفتوح فى الترتيب الثانى بنسبة 24%، وهو فارق كبير إذا جرت مقارنته بما تنشره صحف أخرى. ظنى أنه يجب أن نطرح هنا تساؤلين: الأول يدور حول أسباب هذا التباين الكبير فى نسب الاستطلاعات بين صحيفة وأخرى خاصة إذا عرفنا أن كل صحيفة تزعم أنها استخدمت الوسائل العلمية فى إجراء تلك الاستطلاعات؟ التساؤل الثانى ونراه مشروعًا وهو حول مدى تأثير التوجهات السياسية للصحيفة على النتائج النهائية لتلك الاستطلاعات مما يؤدى إلى وقوع هذا الاختلاف الكبير فى النسب بين صحيفة وأخرى؟ فى الوقت الذى تنشر فيه صحفنا مثل تلك الاستطلاعات فإن الانتخابات الرئاسية فى فرنسا كانت على أشدها وجرت استطلاعات الرأى حول فرص المرشحين البارزين ساركوزى وأولاند, وقرأنا نتائج تلك الاستطلاعات ومنها ماجرى نشره صباح يوم الإعادة بينهما، حيث أشارت كل استطلاعات الرأى إلى أن المرشح الاشتراكى أولاند هو الرئيس الفرنسى المنتظر بفارق بسيط لا يتجاوز 3%, وعندما جرى إعلان النتائج النهائية للانتخابات الفرنسية، فقد تطابقت النتيجة مع استطلاعات الرأى ولم نجد مثل تلك الفوارق الضخمة، التى نجدها فى استطلاعات الرأى الرئاسية التى تجرى فى بلادنا. هذا التباين الحاصل فى استطلاعات الرأى عندنا, يجعلنا نشك فى تلك النتائج ولانبنى عليها حساباتنا, ويعيد إلى ذاكرتنا هذا الاستطلاع الشهير الذى أجراه مركز اتخاذ ودعم القرار التابع لمجلس الوزراء المصرى قبيل قيام ثورة يناير ببضعة أسابيع وخلصت نتائجه إلى رضاء المصريين بدرجة كبيرة عن مجمل الأداء الحكومى, ومن يتذكر هذا الاستطلاع فسوف يعرف حجم السخرية، التى سادت معظم الصحف المصرية وقتها لأن الحال كان قد بلغ من السوء مايكذب مثل تلك الاستطلاعات وكذبته الثورة. إذا انتهينا من ذلك فإننا نختم بسؤال أخير عن الجهة، التى يمكنها أن تجرى مثل تلك الاستطلاعات بطريقة علمية وموضوعية وبحيادية تامة ثم يثق فيها الرأى العام، ويقتنع بما تعلنه من نتائج, وهل لا يزال أمامنا وقت طويل حتى تكون لدينا هيئة مستقلة تجرى مثل تلك الاستطلاعات, وهل يحق للجهات الحكومية إجراء مثل تلك الاستطلاعات فى مثل هذه التوقيتات الحرجة، والتى ربما تؤثر على قناعات الرأى العام فتجعله يغير قناعاته لصالح مرشح بعينه؟ دعونا نحتفظ بنتائج تلك الاستطلاعات ثم نقارنها بنتائج الانتخابات الرئاسية حتى نعرف حجم عدم الدقة والحيادية من عدمه فى تلك النتائج؟