ذكرت وكالة الأنباء الألمانية أن أعداد الضحايا المدنيين منذ بدء الهجوم على تنظيم الدولة في الجانب الغربي من مدينة الموصل شمالي العراق نهاية يناير الماضي ارتفع إلى أكثر من 3000 قتيل, وآلاف الجرحى, وآلاف المفقودين تحت الأنقاض, فيما تفرض السلطات العراقية تعتيما على هذه الحصيلة. ونقلت الوكالة في تقرير لها في 25 مارس عن مصدر في دائرة الدفاع المدني بالموصل, قوله :" إن العمليات العسكرية الجارية التي تنفذها القوات العراقية وقوات التحالف الدولي بقيادة الولاياتالمتحدة, لتحرير المحور الغربي من الموصل من قبضة تنظيم داعش خلفت أكثر من ثلاثة آلاف ضحية من المدنيين في غضون أقل من شهرين". وتابع "مئات العوائل التي يقدر أعدادها ب2070 مدنيا بينهم نساء وأطفال ومسنون، ما زالوا تحت الأنقاض في أحياء الموصل الجديدة والمشاهدة والعكيدات وباب الجديد والفاروق والمطاحن". واستطرد المصدر ذاته " لم يتم انتشال عدد كبير من الجثث بسبب وجود قناصي تنظيم داعش وعدم تمكن فرق الدفاع المدني وآليات بلدية الموصل من رفع الأنقاض". وأضاف " الأيام الأخيرة شهدت سقوط العدد الأكبر من الضحايا بسبب عمليات قصف طائرات التحالف الدولي والعراقي والمدفعية الثقيلة للأحياء القديمة بالجزء الغربي المكتظة بالسكان". وخلص المصدر العراقي إلى القول :" إن معلومات وصلت إلى الدفاع المدني في الأيام الأخيرة أشارت أيضا إلى وجود نحو 80 جثة في منطقة النبي شيت ما زالت تحت الأنقاض ونحو 40 عائلة ما زالت في منطقة وادي حجر أيضا". وكانت رئيسة مجلس مدينة الموصل شمالي العراق بسمة بسيم كشفت أيضا عن معلومات صادمة للغاية حول المجزرة المروعة, التي ارتكبها التحالف الدولي في أحد أحياء الشطر الغربي من الموصل في 17 مارس. ونقلت "الجزيرة" عن بسيم قولها من حي الموصل الجديدة الذي شهد المجزرة وبدا مهدما بالكامل جراء قصف الطائرات, إن "أكثر من خمسمائة مدني قتلوا في القصف الجوي على حي الموصل الجديدة", بينما أعلنت السلطات العراقية عن انتشال مائتي جثة من تحت الأنقاض. وأضافت بسيم "ما حصل يكاد يكون أمرا مقصودا كونه لم يستهدف مقاتلي تنظيم الدولة الذين لم يتجاوز عددهم ستة أشخاص قبل خروجهم من الحي". وكانت تقارير عدة أشارت إلى سقوط مئات المدنيين بحي الموصل الجديدة ضحايا لقصف نفذته القوت الأمريكية، وأدى لدفن عدد كبير منهم تحت مبان منهارة. ومن جانبها, نقلت "رويترز" عن المتحدث باسم الشرطة العراقية "سعد معن", قوله السبت الموافق 25 مارس إنه تم وقف الهجوم على "داعش" غربي الموصل، بسبب المعدل المرتفع للقتلى والمصابين من المدنيين بسبب المعارك. وأضاف المتحدث "العدد المرتفع في الآونة الأخيرة من القتلى بين المدنيين داخل الحي القديم أجبرنا على وقف العمليات لمراجعة خططنا… حان الوقت لبحث خطط هجوم وأساليب جديدة. لن نواصل العمليات القتالية". وتابع "نحتاج إلى التأكد من أن طرد داعش من الحي القديم لن يؤدي إلى سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى المدنيين. نحن بحاجة لعمليات شديدة الدقة لاستهداف الإرهابيين دون التسبب في أضرار جانبية بين السكان". وبدوره, أقر التحالف الدولي الذي تقوده الولاياتالمتحدة ضد تنظيم الدولة السبت الموافق 25 مارس بأن الجيش الأمريكي قصف موقعا غرب الموصل أفادت تقارير بسقوط عشرات القتلى المدنيين فيه إثر ضربة جوية، وقال إنه بدأ التحقيق في الحادث. وقال التحالف في بيان له إنه "بعد الاستعراض الأولي للبيانات، فقد ضربت قوات التحالف مقاتلين تابعين لتنظيم الدولة ومعداتهم في الموقع الذي قيل إن ضحايا مدنيين سقطوا فيه غرب الموصل في 17 مارس بناء على طلب من القوات العراقية". وأكد البيان أن "هذه المزاعم" أخذت على محمل الجد، وفتح تحقيق للوقوف على الحقائق المحيطة بتلك الضربة وصحة الادعاءات عن سقوط ضحايا مدنيين". وأشار بيان التحالف إلى احتمال سقوط 220 قتيلا بشكل غير متعمد خلال ضربات جوية لقوات التحالف منذ بداية مارس، لكنه أكد أن باقي الحوادث لا تزال قيد التحقيق. كما اعترف الجيش الأمريكي في بيان له بأن طائرة أمريكية قصفت بناء على طلب من قوات أمن عراقية موقعا غرب الموصل يعتقد بأن عشرات المدنيين سقطوا فيه بين قتيل وجريح. وكان مسؤولون عراقيون أعلنوا أيضا في وقت سابق السبت سقوط عشرات المدنيين في الجانب الغربي لمدينة الموصل إثر ضربات جوية نفذت خلال الأيام الماضية في إطار عملية استعادة المدينة من تنظيم الدولة. وتشارك القوات الأمريكية في ضرب تنظيم الدولة في العراق منذ أغسطس 2014، ولعبت الضربات الجوية للتحالف الدولي دورا كبيرا في مساعدة القوات العراقية من أجل استعادة الأراضي التي فقدتها. وتشارك الطائرات العراقية في قصف تنظيم الدولة، لكن القوات العراقية لم تصدر أي أرقام أو إحصاءات بخصوص سقوط ضحايا مدنيين. وتشن القوات العراقية عملية عسكرية كبرى منذ أكتوبر الماضي لاستعادة مدينة الموصل، وبعد استعادة الجانب الشرقي للمدينة، تخوض هذه القوات منذ 19 فبراير الماضي معارك في الجانب الغربي الأكثر اكتظاظا بالسكان، ووصلت إلى منتصفه. وتفاقمت أزمة النازحين من الموصل خلال الأيام الماضية، بل تحولت إلى مأساة لأكثر من 400 ألف لاجئ حتى الآن، وينتظر وصول العدد إلى الضعف خلال الأسابيع القادمة مع كل تقدم جديد لقوات التحالف والقوات العراقية والميليشيات الشيعية باتجاه الأحياء السكنية.