يتناقص منسوب المياه في نهر النيل يومًا بعد آخر بشكلٍ ملحوظ، في الوقت الذي تخفي فيه وزارة الموارد المائية والري المعلومات التفصيلية والتوضيحية، خوفًا من إثارة القلق في نفوس المواطنين المتابعين. يأتي ذلك فيما كشفت فيه مصادر رسمية عن اتجاه الحكومة للاعتماد على مياه الصرف الصحي ومعالجتها بالشكل الذي يجعل إمكانية الاستفادة منها. فيما حذر خبراء الري من إهدار كل تلك الكميات من المياه في أمور فرعية، إضافة إلى تعمد المزارعين صرف المياه في الزراعة بكميات كبيرة، إضافة إلى زراعة محاصيل شرهة في استهلاك المياه كالموز والأرز وهي محاصيل تستهلك المياه بشراهة. وقال الدكتور جمال صيام، الخبير الزراعي، إن مياه الصرف الصحي تعالج بطرق معينة وبعدها تكون صالحة للاستهلاك، لافتًا إلى أن هناك 15 مليار متر مكعب من المياه، هيّ نصيب الفرد من الزراعة والصناعة. وأضاف صيام ل "المصريون"، أن نصيب الفرد الواحد من المياه 200 متر في الصناعة والشرب، موضحًا أنه في عام 2050 سيكون عدد سكان مصر 160 مليون نسمة، وسيكون معدل استهلاكهم للمياه 30 مليار متر مكعب. وأشار إلى أنه لابد من التفكير في استخدام مياه الصرف الصحي باعتبار أن المستقبل يحمل للمصريين أخبار سيئة، خصوصًا في ظل ارتفاع معدل البناء في السد الإثيوبي وقلة منسوب المياه في نهر النيل، إضافة إلى التغيرات المناخية وجميعها أمور تخصم من حصة مصر المائية. وانتقد صيام، تراجع وزارة الري عن الاعتراف باللجوء لمعالجة مياه الصرف الصحي، معتبرًا أنه لا حرج في هذا الأمر، إذا كانت المعالجة ستتم بشكل سليم، لافتًا إلى أن قلة المياه انعكس على المحاصيل الزراعية، فهناك مزارعين في كفر الشيخ يرون محاصيلهم بمياه الصرف "الغير معالجة بالمرة". وقال الدكتور ضياء القوصي، الخبير المائي، إن الفترة القادمة تحتاج بالفعل إلى تقليل المهدر من المياه، إضافة إلى البحث عن طرق جديدة لإيجاد بديل مائي يكفي المهدر في المياه والفاقد فيها، مضيفًا: "التفكير في مياه الصرف الصحي أمر جيد". وأوضح القوصي ل "المصريون"، أن المشكلة الحقيقية ستكون في التكلفة، لأن تكلفة معالجة مياه الصرف الصحي مرتفعة جدا، مؤكدًا أن هذا هو العائق الوحيد، ولكن إذا توافرت الموارد المائية، فبالتأكيد لابد من تنفيذه خصوصا وأن كل المؤشرات تؤكد أننا مقبلون على فترة "صعبة مائيًا". وأشار الخبير المائي إلى ضرورة وجود حملات توعية بأهمية كل قطرة مياه، وتلك الحملات لاتقتصر فقط على الإذاعة بل تشمل كل القنوات الإعلامية لتوصيل رسالة مهمة إلى المواطنين تحثهم على التمسك بكل قطرة مياه، خوفًا من المستقبل.