«الخطيب» مريض بسرطان الدم.. و«منصور» مصاب بنزيف مستمر «دربالة وإسماعيل وزهران» قيادات إسلامية ماتت داخل السجن حقوقيون: الوضع داخل السجون غير صالح للحياة الآدمية
لم تعد السجون «تهذيب وإصلاح» فقط، بل أصبحت مأوى للأمراض المزمنة التي انتشرت في السجون المصرية مؤخرًا؛ نتيجة التزاحم داخل السجن الواحد، وعدم وجود سجون صحية تحافظ - على الأقل - على آدمية المسجون الذي قد يكون ظالمًا أو مظلومًا داخل السجن. فأصبح المحكوم عليه ليس حبيس القفص فقط بل حبيس الأمراض المزمنة؛ بسبب الإهمال، وسوء التغذية، ونقص الأدوية، والإهمال في الكشف الطبي المستمر، فيصاب السجين داخل السجن بالعديد من الأمراض الخبيثة منها «السرطان والربو وأمراض الكُلى والطحال»، وهكذا يصبح السجين بين نارين، نار السجن، ونار المرض، الذي يصاب به داخل زنزانته. وينتهي الأمر إما بموت السجين أو إما خروجه منهكًا صحيًا، غير قادر على الحركة أو النطق؛ بعد أنا قضى معظم عمره حبيس السجن والمرض معًا. ففي شهر أكتوبر 2016 كشف تقرير حقوقي، عن أن عدد مرضى السرطان المسجونين في مصر منذ يوليو 2013، يبلغ 790 مريضًا، موزعين على أماكن الاحتجاز في محافظات الجمهورية. وهناك 150 من المحتجزين مصابون بمرض سرطان الرئة، و50 بمرض سرطان القولون، و90 بمرض سرطان البروستاتا، و200 باللوكيميا «سرطان الدم»، فيما يعاني 200 مسجون من سرطان الغدد الليمفاوية، و100 من سرطان البنكرياس. وأن نصف عدد مرضى السرطان داخل السجون المصرية، اكتشفوا إصابتهم بالمرض خلال فترة احتجازهم، بعد ظهور أعراض المرض عليهم، بينما النصف الآخر جرى حبسه وهو مريض. فلوائح السجون المصرية تمنع دخول الأدوية إلى المعتقلين أو المسجونين؛ خشية تهريب المواد المخدرة بداخلها، وهو ما ينعكس بالسلب على الأفراد، وخاصة أصحاب الأمراض المزمنة كالضغط والسكر والسرطان؛ مما يفقد بعض المسجونين حياتهم في معظم الوقت داخل أسوار السجون. وفي إطار ذلك رصدت "المصريون"، أشهر الأمراض داخل السجون، وأسباب انتشارها، وآراء الحقوقيين عن من المسئول عن انتشار تلك الأمراض داخل السجون. «الخطيب» مصاب بسرطان الدم تناول عدد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرًا، قصة شاب مصري يدعى "أحمد الخطيب"، 22 سنة، طالب بكلية الطب، اُعتقل منذ عامين ونصف، وحُكم عليه بالسجن عشر سنوات، وأصيب بمرض سرطان في الدم داخل السجن، وأن الإدارة تتعنت في وصول الدواء إليه. وكشف النشطاء، عن أن "الخطيب" يموت بالفعل داخل المعتقل، وهو مريض منذ 6 أشهر، وأهله لا يعلمون ماهية مرضه، وإدارة السجن ترفض علاجه، وأنه بعد معاناة تم ترحيل "أحمد" لمستشفى سجن ليمان طرة، وبعد إجراء بعض التحاليل اتضح احتمالية إصابة أحمد بمرض - اللوكيميا - سرطان الدم. ونوه رواد مواقع الاتصال، بأن "أحمد" وزنه قد وصل 40 كيلوجرامًا، وتغيرت ملامحه من التعب، وحالته متأخرة جدًا؛ بسبب الإهمال الطبي له داخل السجن. «منصور» مصاب بمرض خطير ووفق منظمة «هيومان رايتس مونيتور» أشارت إلى حالة المريض "منصور فاروق محمد محمود"، أحد السجناء الذين تجاهلت إدارة السجن إدخال أدوية له أو عرضه على طبيب، بعد معرفة إصابته بمرض خطير داخل السجن، كما تم رفض الإفراج الصحي عنه، بعد أن تقدمت أسرته بعشرة استئنافات تم رفضها، رغم إجرائه قبل اعتقاله، جراحة لاستئصال جزء من المعدة، واحتياجه إلى جلسات بالأشعة أسبوعيًا، إلى جانب المسكنات الممنوعة عنه في السجن. «ياسر» فشل في إقناع إدارة السجن بعرضه على الطبيب أما السجين الجنائي "ياسر إبراهيم"، 42 عامًا، المحبوس في سجن المستقبل العمومي بالإسماعيلية على ذمة قضية مشاجرة بالسلاح الأبيض، إذ أصيب بسرطان الدم، خلال فترة احتجازه، وبدأت أعراضه تظهر عليه مثل تورم جسده، وصعوبة النطق، والنزيف المستمر. ولمدة 6 أشهر كاملة، فشل "ياسر" في إقناع إدارة السجن بعرضه على الطبيب، حتى سقط مغشيًا عليه، بعد تصاعد آلامه. سياسيون ضحايا الإهمال داخل السجون ينضم إلى قائمة أمراض المسجونين الجنائيين، السياسيون أيضًا، ومن بين هؤلاء الضحايا قيادات وأسماء بارزة في جماعة الإخوان المسلمين والجماعة الإسلامية، أبرزهم "فريد إسماعيل"، وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشعب السابق، الذي تُوفي في شهر مايو الماضي بمستشفى سجن العقرب بالقاهرة بعد دخوله في غيبوبة، وبعده أيضًا بعشرة أيام، تُوفي "محمد الفلاحجي"، عضو مجلس الشعب السابق عن محافظة دمياط بعد غيبوبة مماثلة. وفي يوم 13 نوفمبر الماضي، تُوفي أيضًا أستاذ الأمراض الجلدية بجامعة عين شمس، الدكتور طارق الغندور؛ بعد إصابته بنزيف حاد. وفي 9 أغسطس 2015، تُوفي رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية، "عصام دربالة"، أثناء نقله من محبسه بسجن طرة شديد الحراسة إلى أحد مستشفيات القاهرة. وفي 28 أغسطس تُوفي القيادي بجماعة الإخوان، خالد زهران، الذي كان يمضي عقوبة السجن لثلاث سنوات، بمستشفى أسيوط الجامعي بعد تدهور حالته الصحية. وفي الأول من سبتمبر 2015 توفي المعتقل حسني خيري، بسجن طرة؛ نتيجة الإهمال الطبي، رغم معاناته من سرطان الكبد. «قطري»: السجون المصرية في حالة سيئة يقول العقيد محمود قطري، الخبير الأمني والناشط الحقوقي: إن وضع السجون المصرية في حالة يرثى لها؛ بسبب تكدسها بالعديد من النشطاء السياسيين، والطلاب، وذوي الأحكام الجنائية، فسوء تهوية السجون حوّلها لما يشبه القبور؛ ما سهل من انتشار الأمراض والأوبئة وخاصة الأمراض الجلدية التي تنمو في الطقس الحار. وأضاف "قطري"، أن نظام بناء السجون المصرية مازال يُصمم على الطراز القديم، والتي تفقد الآدمية واحترامها لحقوق السجين، بالإضافة إلى سوء التغذية، خاصة بعد تخصيص إدارة السجون يومين للاستحمام فقط، وكميات محدودة جدًا من الطعام الجيد، ما يجعل جسد السجين النحيل غير قادر على مقاومة تلك الأمراض التي تفتك بالأجساد النحيلة وانهيار جهازها المناعي. وأكد الخبير الأمني، أن الرعاية الطبية داخل السجون تكاد تكون معدومة، بالإضافة إلى نقص الأدوية، وأن المستشفيات داخل السجون عبارة عن مسميات فقط بعد تخصيص طبيب واحد فقط لجميع الأمراض داخل المستشفى. وأشار إلى أن الأجهزة الأمنية تواجه صعوبات وميزانية ضخمة في نقل المريض، تبدأ من سيارة الترحيل، وتجهيز قوة أمنية لمرافقة المريض، وتعيين الحراسة اللازمة عليه؛ وهو ما يسبب أرقًا للعنصر الأمني الذي يتبع سياسة عدم الاهتمام في مواجهة حقوق المرضى. وأكد "قطري"، أن منظومة السجون غير مؤهلة، بالإضافة إلى النظرة التي يتلقاها السجين من قبل رجل الأمن، واعتباره "شيطان مارق" يستحق عقوبة أخرى غير التي ينفذها، وهى العقوبة الإضافية. وأضاف الخبير الأمني، أن السجون عالم آخر غير الذي نعلمه جميعًا، فهناك البقاء والتصارع دائمًا للأقوى، وهو الذي يحكم أيضًا، كما أن الطلاب هم ضحية السجون الذين يختلطون بأرباب السوابق والداعشيين والتكفيريين، ويتأثرون بأفكارهم داخل الزنازين، مطالبًا بوضع تشريعات وقوانين تنظم الحياة داخل السجون. السجون تمنع الأدوية تجنبًا لتهريب المخدرات من جانبه يشير عثمان الحفناوي، المحامي والحقوقي، إلى أن لوائح السجون تمنع دخول الأدوية إلى المعتقلين أو المسجونين؛ خشية تهريب المواد المخدرة بداخلها، وهو ما ينعكس بالسلب على الأفراد وخاصة أصحاب الأمراض المزمنة. وانتقد الخبير الحقوقي، أداء المجلس القومي لحقوق الإنسان في الرقابة على السجون، ومتابعة المرضى بعد تكرار وقائع الإصابات. فيما قالت دكتورة ماجدة عدلي، عضو بمركز «النديم» لتأهيل الضحايا، إن ما تقوم به الجهات الأمنية وإدارة السجون من تعنت في علاج معتقلي الرأي المرضى، أو منع العلاج عنهم, جريمة ضد الإنسانية, ويعاقب عليها القانون. وأضافت "عدلي", أنه لا يوجد مكان للاحتجاز في مصر يصلح للحبس أو الاعتقال, مؤكدة أنها غير مؤهلة لذلك، ومخالفة للمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان.